"شعب عربي واحد"، هذا هتاف تردد في كل الأقطار العربية، إذ كان نشيدا محببا يهفوا إليه كل العرب حين كان الطموح متصاعدا في الساحة العربية لإنشاء دولة عربية تجمع شتات المجتمعات العربية جميعها؛ لنستبدل تمزقها وحدة، وضعفها قوة، وهوانها عزة. عجزت الأنظمة المتلاحقة عن ترجمة هذا النشيد الجامع لآمال العرب إلى واقع، وليتها إذا عجزت لزمت الحياد بحيث لا تعاديه ولا تناصره، لكنها للأسف لم تكن محايدة إذ تركت لمعاول الهدم أن تعمل بكل حرية في هدم الجسور وتمزيق الروابط بين المجتمعات العربية؛ حتى لا يكون شعب عربي واحد!
مما يحسب للجبهة القومية أنها وحدت 23 كيانا مابين سلطنة وإمارة ومشيخة كانت تمزق ما كان يعرف بالشطر الجنوبي من اليمن.. وتوحيد تلك الكيانات كان عملا جبارا ومتناه في الروعة والعظمة.
وبعد ثورة سبتمبر وأثناء الكفاح المسلح في الجنوب وحتى قبل تلك الفترة، كان الشعب اليمني يهتف (شعب عربي واحد) حتى استطاع الشعب اليمني أن يضغط على السلطتين في الشطرين أن تستجيب لهذا الهتاف بوحدة الشطرين فكانت الوحدة يوم 22 مايو التي نحتفل الأربعاء القادم بذكراها الثالثة والعشرين.
معاول الهدم -هنا أيضا- برزت بأفعالها البائسة لتمزق النسيج الوحدوي بأنانية مفرطة خدمة لمشاريع فردية وعائلية أو لنزعات خاصة.
فهل سيتغلب أصحاب المشاريع العائلية أو السلالية أو النزعات الخاصة إلى تدمير اليمن موظفين ردود الأفعال ونفس المناكفات فلا يعود اليمن شطرين بل أكثر، ولا يمزق إلى 23 إمارة وسلطنة، بل إلى كنتونات أكثر بكثير من هذا العدد حتى يكون في كل قرية أو قبيلة أو منطقة أمير المؤمنين ومنبر؟
فيتلاشى شعب يمني واحد، كما تلاشى من قبله شعب عربي واحد! ثم نصبح وقد تحولت صنعاء وعدن ورازح وحوف وما بينهما إلى مشيخات وإمارات!
هل ستنجح تلك المشاريع الخائبة؟ أم إن مشروع: شعب يمني واحد، سيسقط تلك المشاريع العائلية والسلالية والمناطقية وأصحاب النزعات الخاصة ليمضي نحو بناء يمن جديد يرتقي بأبنائه، كما يكون نقطة قوة في جسم الأمة ككل!