صراحة أثبت الجنوبيون سواء ممن شارك منهم في الحوار الوطني أم مَن ظلوا منهم في المنفى يشبون لهيب الحقد الداخلي على أبناء اليمن الواحد أن خلافاتهم أكبر من حجم مساحة الجمهورية اليمنية. ومن المتوقع أن تتحول اليمن إلى صومال آخر لو أتيح لهم فرصة الحكم على انفراد سواء شمال الخارطة اليمنية أم جنوبها، لكن بوجه أكثر دموية ودمارًا، ما تكشفه لنا الأيام عن خلافات الطغمة والزمرة كفيل بأن يتبنى العقلاء في الشمال والجنوب إلى تحييد كل القيادات الجنوبية حاليًّا، وإقصائها خارج نطاق العمل السياسي والبحث لهم عن أية جزيرة لتأهيلهم نفسيًّا لخوض المعترك السياسي مجددًا، بعيدًا عن حسابات الماضي. الجنوبيون غير مؤهلين - حاليًّا - لأي حديث عن مستقبل اليمن، خاصة وقد علّقنا آمالًا كبيرة بالعديد من قياداتهم، لكن تبين أن "لهيب الحقد" ما زال يغلي في قلوبهم كغلي المراجل بسبب أحداث الثمانينيات التي جرت فيما بينهم، ولذا كانت التصفيات وضرب كل طرف مقدمًا على القضية الجنوبية، وعلى كل ما هو جنوبي، وللأسف فإن من يدفع الثمن اليوم هم الأبرياء سواء في الشمال أم في الجنوب. من المؤسف أن تظل القيادات الجنوبية تضع في كل تحركاتها وحساباتها السياسية معادلات الماضي وفرضيات المؤامرات، ابتداء من الرئيس هادي الذي ما زال يعمل حتى اللحظة بعقلية مخيفة في سلّم الإقصاء ضد الآخر وتقريب الموالين عائليًّا أو جغرافيًّا بطريقة فاقت حماقات الرئيس السابق، حتى صغار الغلاة من يضعون أنفسهم في قائمة "مناضلي الجنوب". أريد من أي مخالف لي في الرأي أن يذكر مثالًا واحدًا توحد فيه الجنوبيون قلبًا وقالبًا من أجل الشمال والجنوب ولم يختلفوا فيه، خاصة منذ أن بدأ الحديث عن شيء اسمه القضية الجنوبية. الواقع يتحدث، والأيام ترصد، والمتغيرات ترسم الصورة لتضع مشهدًا مؤلمًا لمجموعة ممن تتحكم فيهم عواطف الماضي على واقع اليوم، وهم يتصدرون مشهد القضية الجنوبية. دعونا نعيش في بلد يتسع للجميع. ودعوا الماضي يذهب للجحيم، فكروا بعقول نظيفة، وانسوا حقد الماضي، وافتحوا مع بعضكم البعض صفحات بيضاء. هناك من أكلوا باسم الجنوب وباسم القضية الجنوبية حتى ثملوا سكرًا لكثرة الأموال التي جنوها ناهيك عن الفلل والاعتمادات الشهرية والسفريات الدولية "لمناضلي الجنوب" المخلصين؟؟؟. حقيقة.. أن السخرية بنفسها بدأت تسخر من قيادات لا همّ لها سوى المتاجرة بالقضية الجنوبية عبر أروقة الغرف المظلمة في دول تصدير الأزمات لليمن والتنافس أمام الشارع الجنوبي المسكين حول شعارات "حق تقرير المصير ودولة الجنوب وبعض هذه المسميات. أقولها لكل أبناء الجنوب ممن يدعون أنهم مناضلون، والنضال منهم براء كبراءة الذئب من دم يوسف - عليه السلام.. دعوا أطماعكم وخلافاتكم جانبًا، وستجدون أن دفة التغيير ستمضي للأمام.. وستجدون أن كل مظالم الضعفاء والمسحوقين التي أوصلتكم إلى هذه الكراسي والمناصب ستُحلّ سريعاً بعيدًا عنكم، وبعيدًا عن طرحكم العقيم.