في عُمق الفساد، وفي طيّات التخاذل العربي، تربعت الأعراب، وفي رُكن التطبيع الأمريكي وجد للخليج ركناً، بدماءِ أبناء الأُمَّة قد عُمد، ساد الظلامُ وعم الجهل، وأمريكا تتربع على عرش الإمارة لها الأمر وعليهم الطاعة. آلةُ التحريك بأيديها وهم الدُّمى المصغرة، ظهرت مؤخّراً تطوراتٌ وعلاقاتٌ مفتوحة وعلنية بين الكيان الغاصب وبعض الدول الخليجية وغيرِها كدينامية جديدة لافتة لمنطقة الشرق الأوسط في قارة آسيا. استغلت إسرائيلُ الحروبَ القائمةَ في الوطن العربي فقامت بتوسيع دوائر نفوذها، وتحديدِ مصير الدول المسلّمة لها، وإبعادها كُلَّ الإبعاد عن قضية المسلمين الأولى –القدس -وفلسطين- والاستيلاء على المقدسات. لم يُعلَنْ عن الارتماء الخليجي في الحضن الإسرائيلي إلا بعد حين، حَيثُ كانت تعملُ من تحت الطاولة وتحت الستار الإسلامي. ومع أن الاتّفاقيات بإقامة العلاقات الدبلوماسية التي وقّعتها الإماراتُ العربية المُتحدة، والبحرين مع إسرائيل للعام 2020 شكلت تقدماً لافتاً في العلاقات العربية عامة، والخليجية خَاصَّة، وصلت إسرائيل للمبتغى بجعل العرب راضين كُلَّ الرضا في جعل القدس عاصمة للكيان الغاصب؛ بذريعة السلام مع كلا الطرفين الخليجي والفلسطيني. لم تكن الإماراتُ أولَ من طبع، ففي التسعينيات قامت كُلٌّ من قطر والبحرين وعمان بالتطبيع بموازاة مع رضوخ منظمة التحرير الفلسطيني لإسرائيل وما سُمِّيَ باتّفاق "أوسلو" ومع ذلك لم يتم السلامُ بين فلسطين والكيان الغاصب، وليس بالأمر المستغرَب، فالجميع يعرفُ إسرائيل وَتودد قادة الخليج لها؛ خوفاً على عروشهم. السؤال هنا يطرح نفسه: ماذا عن قول الله "وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ"، أين السلام الذي حلم به الخليج في ظل التطبيع؟ وما هي المسارات التي رُسمت من قبل إسرائيل لجعل الإمارات قاعدةً عسكرية أُخرى في الجزيرة العربية وجعل من يسكنها عبريين لا عرباً؟ علاوة على ذلك، في خضم التهديد الذي يُشكل انتشاراً، أَو بات الانتشارُ في توسُّع للانتفاضات الشعبيّة في البلدان في مختلف المنطقة. تهافتت الدول الخليجية لشراء تكنولوجيا المراقبة المتطورة؛ مِن أجلِ ضبط الأحرار في تلك الدولة. وقد أضاف هذا الأمرُ منفعةً إضافةً للعدو الصهيوني وأفسح المجال أمام مسارات تجارية، سواء تكنولوجية أَو حربية. لا أحد يستطيعُ أن ينكرَ دعمَ إسرائيل اللوجستي والعسكري لتحالف العدوان على اليمن، وكم زودتها بالرادارات التي تسكن الخليج؛ خوفاً من الطائرات المسيَّرة المصنّعة يمنيًا. يبدو أن الأمر الأهمَّ على الإطلاق هو أن المحورَ السعوديّ الإماراتي يرى في تقارُبِ العلاقات مع إسرائيل وسيلةً غير مباشرة للمحافظة على شراكتهما مع واشنطن وتل أبيب وذلك بعد التهديد اليمني أن الإماراتِ منطقةٌ غير آمنة وخوفها من سحب الشركات. ليست العلاقاتُ بين معظم الدول العربية والأجنبية سوى مصالح شخصية من كلا الطرفين، الخليج يرى في إسرائيل الأمانَ وشاطئَ الانتصار، والخليج يرى إسرائيل أكبر وأقوى عدةً وعتاداً من أية قوة على هذه الكرة الأرضية.