حكيم الجنوب: لولا ضغوط الرياض على الرئيس الزبيدي لتم طرد الشرعية من الجنوب    تصاعد الخلافات بين جماعة الحوثي وحزب المؤتمر والأخير يرفض التراجع عن هذا الاشتراط !    الحوثيون يرتمون في محرقة طور الباحة ويخسرون رهانهم الميداني    إجازة الصيف كابوس لأطفال عتمة: الحوثيون يُحوّلون مراكز الدورات الصيفية إلى معسكرات تجنيد    عيدروس الزبيدي يصدر قرارا عسكريا جديدا    في اليوم 215 لحرب الإبادة على غزة.. 34844 شهيدا و 78404 جريحا .. ومشاهد تدمي القلب من رفح    من فيتنام إلى غزة... حرب النخبة وغضب الطلبة    "لا مستقبل للتعليم تحت سيطرة الحوثيين": استقالة أكاديميين من جامعة الضالع تُنذر بموت الحلم.    خوسيلو يقلب الطاولة على ميونيخ ويقود الريال للقاء دورتموند    جريمة مروعة تهز مركز امتحاني في تعز: طالبتان تصابا برصاص مسلحين!    بعد وصوله اليوم بتأشيرة زيارة ... وافد يقتل والده داخل سكنه في مكة    العرادة يعرب عن أمله في أن تسفر الجهود الدولية بوقف الحرب الظالمة على غزة    سقوط نجم الجريمة في قبضة العدالة بمحافظة تعز!    قصر معاشيق على موعد مع كارثة ثقافية: أكاديمي يهدد بإحراق كتبه    قناتي العربية والحدث تعلق أعمالها في مأرب بعد تهديد رئيس إصلاح مأرب بقتل مراسلها    دوري ابطال اوروبا .. الريال إلى النهائي لمواجهة دورتموند    أحذروهم في عدن!.. المعركة الخطيرة يقودها أيتام عفاش وطلائع الإخوان    اختيار المحامية اليمنية معين العبيدي ضمن موسوعة الشخصيات النسائية العربية الرائدة مميز    مطالبات بمحاكمة قتلة مواطن في نقطة أمنية شمالي لحج    انفجار مخزن أسلحة في #مأرب يودي بحياة رجل وفتاة..    دورتموند الألماني يتأهل لنهائي أبطال أوروبا على حساب باريس سان جرمان الفرنسي    اكتشاف مقبرة جماعية ثالثة في مستشفى الشفاء بغزة وانتشال جثامين 49 شهيدا    حقيقة ما يجري في المنطقة الحرة عدن اليوم    تراجع احتياطيات النقد الأجنبي بالصين في أبريل الماضي    فريق شبام (أ) يتوج ببطولة الفقيد أحمد السقاف 3×3 لكرة السلة لأندية وادي حضرموت    الولايات المتحدة تخصص 220 مليون دولار للتمويل الإنساني في اليمن مميز    الوزير البكري: قرار مجلس الوزراء بشأن المدينة الرياضية تأكيد على الاهتمام الحكومي بالرياضة    مدير عام تنمية الشباب يلتقي مؤسسة مظلة    الاتحاد الدولي للصحفيين يدين محاولة اغتيال نقيب الصحفيين اليمنيين مميز    مورينيو: لقد أخطات برفض البرتغال مقابل البقاء في روما    تستوردها المليشيات.. مبيدات إسرائيلية تفتك بأرواح اليمنيين    قمة حاسمة بين ريال مدريد وبايرن ميونخ فى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    لماذا تقمع الحكومة الأمريكية مظاهرات الطلبة ضد إسرائيل؟    عصابة معين لجان قهر الموظفين    استشهاد وإصابة 160 فلسطينيا جراء قصف مكثف على رفح خلال 24 ساعة    تحديث جديد لأسعار صرف العملات الأجنبية في اليمن    رغم إصابته بالزهايمر.. الزعيم ''عادل إمام'' يعود إلى الواجهة بقوة ويظهر في السعودية    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    نيمار يساهم في اغاثة المتضررين من الفيضانات في البرازيل    قصة غريبة وعجيبة...باع محله الذي يساوي الملايين ب15 الف ريال لشراء سيارة للقيام بهذا الامر بقلب صنعاء    وداعاً صديقي المناضل محسن بن فريد    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    فرقاطة إيطالية تصد هجوماً للحوثيين وتسقط طائرة مسيرة في خليج عدن مميز    هل السلام ضرورة سعودية أم إسرائيلية؟    دار الأوبرا القطرية تستضيف حفلة ''نغم يمني في الدوحة'' (فيديو)    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في إنتظار "البيان رقم واحد".. تفاصيل المخطط الانقلابي للهيئة العليا لأنصار الثورة
نشر في شهارة نت يوم 03 - 07 - 2014

هناك فعلاً إنقلاب يتم الاعداد له ضد الرئيس هادي ومن المؤكد أن اللمسات الاخيرة السابقة للانقلاب قد تم وضعها ولم يتبق إلا تحديد ساعة الصفر للاعلان عن "البيان رقم واحد".
ولقراءة مسار خطة الانقلاب لابد من التفرقة بين العمل الثوري و العمل الانقلابي ، فهما وإن اتفقا في بعض النتائج إلا أن الاختلاف بينهما يظهر جلياً في مرحلة الإعداد وخطوات التنفيذ، فمن يريد أن يقود الشعب أو الجيش إلى ثورة لابد له ان يواجه رأس السلطة و أن يحرض الشارع ولو بصورة تدريجية ضد الحاكم وأن يظهر بنفسه او برجاله و بأدواته الإعلامية في تلك المواجهة ليثير الرعب لدى الحاكم ونظامه ويقدم نفسه للشعب بصورة ند قوي للحاكم و أن يظهر كمُخَلِص ومناضل يصارع الحاكم واجهزته إلى أن تحين ساعة الصفر وهو طريق مليء بالمخاطر ويتطلب الكثير من الشجاعة،
بينما العمل الانقلابي العسكري يتطلب في من يُضمره أن يكون أكثر لؤماً كي يكتسب ثقة الحاكم القائد الاعلى للجيش، هو بحاجة إلى إصطناع مؤامرات ضد الحاكم ونظامه لينسب تدبيرها لآخرين يتقرب أكثر بها للحاكم الذي سوف يمنحه ثقة أكبر يترتب عليها مساحة أوسع يعمل من خلالها القائد الانقلابي ليحكم قبضته على الدائرة المحيطة بالحاكم بمباركة من الحاكم ذاته أو بإستسلام منه لمن وقف إلى جواره في مواجهة تلك الانقلابات او الازمات الوهمية التي أعتقد الحاكم بأنها كانت حقيقية، واثناء ذلك يقوم القائد الانقلابي باستغلال كل فرصة تمكنه من إسقاط الدفاعات الخاصة بالحاكم و بعاصمته واستبدالها بوحدات او بقادة ولاؤهم للقائد الانقلابي ويقوم ايضاً بالاستيلاء المتدرج على كل وسائل الاعلام خصوصا الرسمية بعناصر تتبع القائد الانقلابي في انتظار ساعة الصفر، ويجري ايضا افتعال الازمات المعيشية التي تُبعد الشعب عن حاكمه كي لا يجد الحاكم من يتعاطف معه او يناصره عندما تبدأ مرحلة الاطاحة به، ومن المهم أيضاً أن يقوم من يخطط للانقلاب بقمع واضعاف أي قوى او تكتلات في العاصمة قد تشكل عائق أمامه في مرحلة الانقلاب و مابعدها، وهذه الخطوة يجب أن تتم في عهد الحاكم المغدور به ذاته، بل ويجب ان تكون عبر ادوات مرتبطة به شخصياً، كي لا تقوم تلك القوى بمناصرة الحاكم حينما يتم الانقلاب عليه و حتى ان ارادت لن تكون لديها القدرة على ذلك.
"الهيئة العليا لأنصار الثورة" هذا الكيان شبه العسكري الذي تم تشكيله في تاريخ "21 مارس 2011" وقام في حينه بإصدار "البيان رقم واحد" معلناً الإنقلاب على سلطة الرئيس السابق "علي عبدالله صالح" في خطوة قصدوا بها القفز إلى الأمام للحفاظ على مصالح المنظومة القبلية و الدينية التي فرضت نفوذها أثناء حكم الرئيس السابق و أرادت الأستيلاء على الثورة الشبابية و الاطاحة بالسلطة الدستورية عبر ذلك الانقلاب، و أستطاعوا عبر ناشطيهم في ساحات الثورة من تهيئة شباب الساحات لقبول ذلك الإنقلاب بإعتباره خطوة قادرة على حسم الصراع بين السلطة و شباب الثورة لصالح الأخيرين وتحت مبرر حماية شباب الثورة بعد أن تم قتل عدد منهم ببنادق القناصة المحترفين قبل ذلك التاريخ بثلاثة أيام، وكانت لتلك الجرائم التي أُرتِكبت بحق شباب الثورة أثر واضح لدى نسبة كبيرة من الشباب لأن يتقبلوا حمايتهم وحماية ساحاتهم عبر القوات الموالية للهيئة وقائدها بعد أن شاهدوا دماء زملائهم تسفك أمام اعينهم، ومازالت عمليات القتل تلك لغز لم يتم حله حتى اليوم بالرغم من ظهور مؤشرات و أدلة مادية وتسجيلات صوتية تثبت وجود علاقة خاصة بين قائد الهيئة مع عدد من المتهمين الذين قبض عليهم شباب الثورة وهم في حالة تلبس بعد دقائق قليلة من تلك الجريمة البشعة المعروفة بجريمة "جمعة الكرامة".
كان لتماسك الحرس الجمهوري وهو الجزء الأهم من الجيش والاعلى كفاءة الفضل الاكبر في فشل خطوة الأنقلاب العسكري و تحولها إلى مجرد إنشقاق، وكان لصمود أغلب أعضاء المؤتمر الشعبي العام وقيادته وتمسكهم بالشرعية الدستورية الاثر الأكبر في تحويل الثورة الشبابية و الانقلاب العسكري الى أزمة سياسية يتم حلها عبر المفاوضات و الحوار و الدبلوماسية الخارجية يتنازل الجميع فيها بحيث أن لا يكون فيها غالب ولا مغلوب.
وبالرغم من التوقيع على المبادرة الخليجية و تشكيل حكومة وفاق وطني و انتقال السلطة من الرئيس السابق "علي عبدالله صالح" الى الرئيس التوافقي "عبدربه منصور هادي" و اجراء تغييرات جذرية في هيكلة الجيش وإعلان الجميع انصياعهم لقرارات الهيكلة و لمخرجات الحوار الوطني إلا أن كيان "الهيئة العليا لأنصار الثورة" كان يطل برأسه ليثبت وجوده واستمراريته ولو ببيانات يعلن فيها عن تأييده للرئيس التوافقي ولقراراته، مع أن الطريقة الوحيدة التي تثبت تأييد ذلك الكيان للرئيس و انصياعه للقرارات هو بالاعلان عن حل نفسه بعد أن إنتفت الغاية من وجوده، فإذا كان تشكيله هو لمواجهة المؤسسة العسكرية التي كانت تابعة للرئيس السابق فليس في مواجهته اليوم إلا المؤسسة العسكرية التابعة للرئيس التوافقي.
إن قرار تسمية مقر الفرقة الاولى مدرع بحديقة "21 مارس" بالنسبة لكيان "الهيئة العليا لانصار الثورة" لم يكن قراراً سلبياً عليهم، بالعكس من ذلك فمكاسبهم من ذلك القرار لا تقل عن مكاسبهم من القرارات التي تزامنت معه مثل قرار إقالة قائد الحرس الجمهوري و فكفكة ماتبقى من قواته و قرار تعيين قائد الهيئة مستشاراً لرئيس الجمهورية مما أتاح له موطئ قدم شرعي في القصر الجمهوري، فقد قام قرار التسمية بتثبيت ذلك التاريخ "21 مارس" بأعتباره اليوم الاهم والأبرز في مرحلة التغيير، وتم تجاهل تاريخ بدء ثورة الشباب و تاريخ التوقيع على المبادرة الخليجية و تاريخ تسليم السلطة للرئيس التوافقي، مما يعطي لذلك التاريخ و رجاله مشروعية إدارة التغيير و رسم حدوده والحديث بإسمه، فأخذوا من القرار تثبيت التاريخ و رمزيته واحتفظوا معه بموقع "الحديقة" الفرقة الاولى مدرع نظراً لأهميته الاستراتيجية في انجاح أو إفشال أي أنقلاب في العاصمة و سنتحدث عن ذلك في فقرة لاحقة.
كانت مرحلة هيكلة الجيش ومابعدها فرصة إستغلتها الهيئة وقائدها لفكفكة الحرس الجمهوري و لإختراق تكويناته عبر عدد من القادة الذين يدينون بالولاء للهيئة وقائدها و لتحطيم الروح المعنوية القتالية لافراد وضباط تكوينات الحرس الجمهوري المنحل و القوات الخاصة وذلك بوسائل عدة ابتداء من وصفهم لهم بالحرس العائلي مروراً بإنقاص مخصصاتهم المالية و الغذائية و تغيير زيهم العسكري الذي كان له قيمة رمزية مهمة لديهم و إجبارهم على خوض معارك دون الاعداد لها و حتى إجبارهم للقوات الخاصة ذات التدريب النوعي العالي بأن يقوموا بتفتيش المواطنين في شوارع العاصمة وهي من مهام أفراد الامن العام الاعتيادية وليست بحاجة لقوات نوعية للقيام بها، و تم حل احد اهم الوية المشاة الجبلية ذات التأهيل النوعي لأن اللواء قام بمنع حمل السلاح في محافظة مأرب.
منذ أن تسلم الرئيس هادي مهام السلطة و كيان "الهيئة العليا لأنصار الثورة" يعمل بشكل دؤوب على توجيه الاتهامات لكل القيادات الامنية و العسكرية التي لم تعلن ولاؤها للهيئة أو لم تفتح خطوط للتنسيق والتواصل معه ولو بصورة شخصية مع قائد الهيئة، وتم إفتعال ماتم تسميته بثورة المؤسسات داخل وحدات الجيش بغرض الاطاحة بتلك القيادات و لتضييق الخيارات البديلة أمام الرئيس هادي لترتفع بذلك حصتهم من تلك التعيينات ، وذلك ما تم فعلاً حتى انهم استحوذوا على مواقع قيادية في أهم الألوية التي تشكل حماية للعاصمة و للمواقع الرئاسية حتى تلك التي كانت موالية للشرعية الدستورية ، ففي اللواء الثالث مدرع الذي يعتبر اللواء الأهم في العاصمة من حيث موقعه و تسليحه و تدريبه تم تعيين أحد أهم القادة الموالين لقائد "الهيئة العليا لأنصار الثورة" وفي اللواء الرابع مدرع حرس المتموقع في منطقة "السواد" جنوب العاصمة تم تعيين أحد الضباط المقربين جداً من قائد الهيئة، وتم ايضاً اجراء العديد من التغييرات في قيادة كتائب اللوائين لضمان ولاءها للقادة الجدد وبتلك التعيينات اصبحت الدفاعات الجنوبية للعاصمة تحت سيطرة "الهيئة العليا لانصار الثورة" ولا توجد الآن في جنوب العاصمة أية معسكرات خارجة عن سيطرة قائد الهيئة إلا معسكر "ريمة حُميد" وهو مجرد معسكر تدريبي لا يمتلك أي وحدات قتالية قادرة على مواجهة مدرعات اللوائين الثالث و الرابع وبالرغم من ذلك مازالت الهيئة وقائدها يسعون للسيطرة على ذلك المعسكر بالذرائع ذاتها التي اعتادوا عليها، وفي الجانبين الشرقي والشمالي للعاصمة فمازالت مستمرة سيطرة "القشيبي" -القائد الاكثر إخلاصاً لقائد الهيئة- على جبل ضين المتحكم بشمال العاصمة و مطارها الدولي كما تم تعيين أحد الضباط الموالين لقائد الهيئة في قيادة اللواء 201 حرس مشاة جبلي الذي يقع في منطقة بني حِشيش "الجُميمة" وسعوا أكثر من مرة لدى الرئيس هادي وعبر ضغوطات ومساومات مختلفة أن يتم تعيين أحد ضباطهم في قيادة لواء الحرس الجمهوري في منطقة أرحب "معسكر الصمع" وكانت آخر محاولاتهم تلك هي نقل "القشيبي" إلى ذلك المعسكر بأعتبار ذلك حل للأزمة في محافظة عمران، وفي غرب العاصمة فإضافة الى تحكم الفرقة الاولى مدرع بالمدخل الشمالي الغربي للعاصمة تم تعيين ضابط موالي لقائد الهيئة قائداً للواء مشاة جبلي في منطقة ضلاع، وفي وسط العاصمة واجهزتها الامنية تم تعيين قائد جديد لقوات الامن المركزي تربطه علاقات وثيقة وأسرية بقائد "الهيئة العليا لانصار الثورة" وبقادة التكتلات الحليفة قبلياً و ايدولوجياً لقائد الهيئة وتم تعيين رئيساً لاركان قوات الامن المركزي تربطه علاقات اسرية وثيقة بالقائد الجديد، وفي القطاع الامني ذاته تم تعيين أحد ضباط الشرطة الذين قدموا انفسهم في الساحات كمشروع شهيد تحت إمرة "الهيئة العليا لانصار الثورة" قائداً لقوات حماية المنشئات وقد عمل القائدين الأمنيين الجديدين على ضخ عناصر جديدة في هذه الوحدات ممن يطلق عليهم بشباب الساحات وهم جميعهم لا يخفون ولاؤهم لقائد الهيئة بل ويعتبرون من حصته، وتشكل قوات حماية المنشئات وقوات الامن المركزي العصب الرئيسي في السيطرة على المرافق الحكومية والشوارع العامة في العاصمة، وضمان ولاء تلك القوات يسهل عملية اخضاع المرافق الحكومية عندما تحين ساعة الصفر ولن يكونوا بحاجة لاقتحامها او الهجوم عليها ومواجهة حماياتها مادامت تلك الحمايات ذاتها موالية لقادة الانقلاب، وهذا الدرس لا يزال في ذاكره قائد "الهيئة العليا لانصار الثورة" منذ أن شارك في إخماد انقلاب الناصريين في عام "1978" وكان في حينه الرائد عبدالله الرازقي قائد أركان الامن المركزي "الوحدات المركزية في ذلك الوقت" والذي كان مشاركاً في ذلك الانقلاب وقد شكل هو وقواته المتمركزة في المرافق الحكومية الرقم الاصعب داخل العاصمة واستمرت المواجهات معه لمدة اطول بعد ان استسلمت جميع الوحدات العسكرية التي شاركت في ذلك الانقلاب.
وبمناسبة التطرق لانقلاب الناصريين و الدروس التي يتذكرها جيداً قائد "الهيئة العليا لانصار الثورة" نعود لموضوع موقع الفرقة الاولى مدرع "حديقة 21 مارس" وقد كان القائد ذاته في ذلك الوقت رئيساً لاركان حرب الفرقة الاولى مدرع و هو مدرك تماماً أن موقع الفرقة يكتسب اهميته لأنه عبارة عن "تبة" وسط هضبة صنعاء قادرة على السيطرة على المداخل الشمالية و الغربية للعاصمة و اصبحت اليوم وبعد توسع العاصمة تشكل قوة عسكرية و مخزون استراتيجي للسلاح و للجنود في قلب العاصمة وهو ماتفتقده كل القطاعات العسكرية الاخرى التي تتموضع داخل العاصمة بينما مخازنها الاستراتيجية تقع في ضواحي العاصمة مما يفقدها الاسناد السريع الذي تمتاز به القطعات والوحدات العسكرية التابعة للفرقة و قائدها، وتسريب معلومات عن خلافات بخصوص توزيع ارض الفرقة كانت مجرد اكاذيب ليتداولها العامة وهم يبحثون عن مبرر للتأخر في تسليم تلك الارض لأمانة العاصمة لصرف انظارهم عن الاسباب الحقيقية.
شهدت ثلاثة مقرات رئيسية للجيش هجمات من قِبل الجماعات المسلحة التي تعتنق أيدلوجيا مطابقة لتلك التي تعتنقها جماعة الاخوان المسلمين بل ويؤكد الكثيرون ارتباطها بقائد الهيئة وحلفائه، والعامل الذي يربط المقرات الثلاثة هو عدم وجود قائد فيها ممن يوالون الهيئة وقائدها، فالمنطقة العسكرية الثانية و المنطقة العسكرية الرابعة و معسكر العرضي "وزارة الدفاع" اغلب قادتها ممن يدينون بالولاء للشرعية الدستورية وللرئيس هادي و وزير الدفاع، ومن طريقة الهجمات الثلاث و أعداد المهاجمين يتضح أن الغرض منها لم يكن إحتلال المقرات بل إهانتها و إفقادها الرمزية التي تستمد منها هيبتها، كما أن هناك رابط آخر بين مقري القيادتين في المنطقتين الثانية و الرابعة وهو أن أحد الضباط الاكثر ولاء لقائد الهيئة كان قائداً للمنطقتين على التوالي مما يتيح له العلم الكافي بنقاط الضعف و بالطرق الاكثر نجاحاً لاقتحام المقرين دون الحاجة لعدد كبير من المهاجمين، ويجب الاشارة هنا إلى أن الضابط نفسه يعمل حالياً -واثناء الهجمات- ملحقاً عسكرياً للجمهورية اليمنية لدى دولة قطر.
ومؤخراً كشفت المواجهات التي شهدتها محافظة عمران خلال الاشهر الماضية -بين قوات جماعة انصار الله وقوات الاخوان المسلمين- عن قادة في مواقع مهمة في قيادة الجيش حددوا انحيازهم للهيئة وقائدها في حال تضاربت مصالح الهيئة مع أوامر وتوجهات رئيس الجمهورية و وزير الدفاع، فقائد قوات الاحتياط وقائد المنطقة العسكرية السادسة وخلافاً لأوامر الرئيس و وزير الدفاع و تصريحاتهما التي أكدوا فيها على أن الجيش اليمني لن ينجر لصالح طرف ضد آخر في معارك الجماعات المسلحة في عمران إلا أن القائدين المذكورين اختارا الانحياز بأشخاصهما و بوحدات من القوات التابعة لهما لصالح جماعة الاخوان المسلمين المسلحة التابعة للهيئة وقائدها، وهذا مؤشر مهم يؤكد على انهما وفي حالة المواجهة المباشرة بين قيادة الجيش و بين الهيئة وقائدها سيقفا إلى جانب الاخيرين أو على الاقل لن يقفا ضد الهيئة وقائدها وإن كان ذلك لصالح قائد الجيش الرئيس هادي.
في الاسابيع الأخيرة بدأت الخطوات تتسارع مما يوحي بأن ساعة الصفر قد إقتربت، وأن عدم إنصياع الرئيس هادي و وزير الدفاع لإملاءات الهيئة وقائدها فيما يتعلق بملف جماعة انصار الله كان خطأ -بالنسبة للهيئة وقائدها- ويجب أن يدفع الرئيس هادي ثمنه، ولعدم إدراك الرئيس هادي لهذه الحقيقة نجده يقدم خدمات مهمة للهيئة وقائدها عبر اتخاذه عدد من القرارات و الاجراءات التي تحكم قبضة الهيئة وقائدها على سلطات ونفوذ الرئيس هادي و ذلك عبر مؤامرات وضغوطات وتحريضات تمارسها الهيئة وقائدها، ومن ذلك أيهامه بأن هناك مخطط إنقلابي تعد له قيادة المؤتمر الشعبي العام وتحريض الرئيس على اتخاذ خطوات من شأنها أن تُفقِد الرئيس هادي أي شعبية له لدى اعضاء المؤتمر الشعبي العام وبذلك يفقدون الرئيس هادي عمقه التنظيمي والشعبي الذي كان عاملاً مهماً في إحباط إنقلاب الهيئة وقائدها في "21 مارس 2011"، ونتج عنها إغلاق قناة اليمن اليوم التي لاشك في أنها ستقف إلى جوار الرئيس هادي عندما تحين ساعة الانقلاب عليه من قِبل الهيئة وقائدها، خصوصاً بعد أن أحكمت الهيئة وقائدها قبضتهم على الاعلام الرسمي وتم تعيين نصر طه مصطفى وزيراً للاعلام وهو لايزال حتى اليوم المسئول عن لجنة الفكر والاعلام في "الهيئة العليا لانصار الثورة" وفقاً للموقع الرسمي الالكتروني للهيئة، وكذلك تعيين الخطيب التحريضي فؤاد الحميري -الناطق الرسمي لتنسيقية الثورة الكيان الشبابي التابع للهيئة- نائباً للوزير وهو القرار الذي تم مساومة الرئيس هادي عليه كي يقوم رئيس الوزراء بالتوقيع على بقية القرارات، وقد بدأ طه والحميري مهامهما في الوزراة بزيارة لمقر التلفزيون اليمني الرسمي و احكما قبضتهما عليه، واصبح المشاهد اليمني يتابع في نشرات الاخبار في التلفزيون الرسمي اليمني أخباراً وتقارير تمتد لفترات طويلة توحي جميعها بأن هناك حرباً تدور في ضواحي واطراف العاصمة بين "الملكيين" و "الجمهوريين" ، وبالرغم من نفي الرئيس هادي و وزير الدفاع لوجود حرب من هذا النوع واصرارهما على ان تلك المواجهات انما هي صراعات بين جماعات مسلحة لا الدولة و لا الجمهورية من ضمن اطرافها، ولكن الاعلام الرسمي يستمر في تلك الحملة تحت تلك المسميات و ذلك تهيئةً للانقلاب الذي سيكون عنوانه الابرز "الدفاع عن الجمهورية و الوحدة" و تقديم الرئيس هادي و وزير الدفاع بصورة المتخاذلين في الدفاع عن الجمهورية مما سيضطر "الهيئة العليا لأنصار الثورة" لأن تقوم بواجبها تجاه الشعب اليمني -بحسب إدعائهم- لحماية الجمهورية اليمنية، وهذه الهيئة التي كانت تقدم مجاملاتها للرئيس هادي عبر بعض بيانات التأييد ستجعل الرئيس هادي يدفع ثمن سماحه للهيئة بالبقاء و تخليده لتاريخ إنشائها بقرار الحديقة الشهير، وكانت بياناتهم التأييده تغني الرئيس عن تنفيذهم لقراراته مع إن البيانات تلك كان الغرض منها إثبات الوجود وفرض الوصاية على المرحلة و على التغيير و على الرئيس نفسه، ونظراً لعدم تعيين الرئيس هادي نائباً له و لإشتراك وزير الدفاع مع الرئيس في تهمة التفريط في الجمهورية و لأن رئيس الوزراء مخلصاً ولاؤه دائماً للهيئة و قائدها وحلفاؤهم ولأعتقادهم بإنتهاء ولاية مجلس النواب فإن الانقلاب عبر الهيئة بأعتبارها وصية المرحلة أصبح أمره يسير خصوصاً بعد دفعهم الماكر بالرئيس هادي لأن يحل الحرس الجمهوري ويسيء لعلاقته بالمؤتمر الشعبي العام.
مارس المبعوث الدولي جمال بنعمر ضغوطاته -لصالح الهيئة وقائدها- على الرئيس هادي لإقالة وزير الخارجية السابق، فهو معروفٌ بولائه المطلق للشرعية الدستورية -السابقة و الحالية- ولإدراكهم بحجم علاقاته الدولية التي استطاع توثيقها خلال أكثر من عشرة اعوام في موقعه، ولعلمهم بالتأثير الكبير والحاسم للدبلوماسية في الاعتراف بالانقلاب من عدمه فقد جعلوا الرئيس هادي يسهل لهم المهمة بأن يُفقد نفسه و شرعيته عنصر مهم جداً في مواجهة أي إنقلاب، كما أن خبرتهم السابقة بقدرات نائب وزير الاعلام السابق في تهدئة الشارع لصالح الشرعية الدستورية ضد فوضى الانقلابات فقد كان إصرار الهيئة و قائدها و حلفاؤهم على إقالته وإستبداله بآخر يمتلك المواصفات التحريضية المناسبة لقراءة "البيان رقم واحد".
حرصت "الهيئة العليا لانصار الثورة" خلال فترة حكم الرئيس هادي على إساءة علاقته بالمملكة العربية السعودية والتي تعتبر المؤثر الخارجي الاهم داخل اليمن، وذلك بتقريب الرئيس هادي من حكام قطر ولكنه قربٌ لم يصاحبه أي دعمٍ يُذكر يعوض الرئيس هادي عن فقدانه للدعم السعودي الذي كان يتوقعه، وقطر كما هو معروف عنها لا تقبل بأنصاف الحلول كما لا تقبله شقيقتها السعودية، ونظراً لعدم قدرة قطر و حلفاؤها في اليمن على احكام قبضتهم التامة على الرئيس هادي وقراراته فإن إستبداله بعد إستنفاذ الغاية منه هو ماتسعى إليه قطر، وقبول قطر -رسمياً فقط- بالاجراءات التي اتخذها الجيش و الشعب المصريين هو مقدمة لفرض واقع مماثل في اليمن ولكن مع تبادل الادوار هنا، ولأجل ذلك استثمرت قطر في تمويل الهيئة وقائدها خلال الفترة الماضية و قد آن أوان الحصاد.
وفي مفارقة غريبة ومسيئة للرئيس ولقراراته طالعتنا نشرة الاخبار في التلفزيون الرسمي اليمني عن اجتماع للجنة التي كلفها الرئيس هادي بصياغة الدستور ثم تبعه خبراً آخر عن اجتماع لتنسيقية الثورة -الكيان الشبابي التابع للهيئة وقائدها- جرى فيه مناقشة لمشروع دستور تعده التنسيقية و نقلت نشرة الاخبار حديثاً لإحدى الناشطات التي يشركها الرئيس هادي في الكثير من اللجان قالت فيه أن مشروع الدستور الذي تعده التنسيقية سيتم مناقشته مع عدد من الخبراء و المختصين قبل أن يتم تقديم الصيغة النهائية للدستور، واذا كان ذلك الاجتماع أعتداء فاضح على اختصاص اللجنة التي شكلها الرئيس وعلى قرار الرئيس فإن نشر الخبر في القناة الرسمية وفي نشرتها الرئيسية إهانة لسلطات الرئيس و لشخصه، ولا يختلف أبداً ماقالته تلك الناشطة وهي عضوة في مجلس شورى حزب الاصلاح عما قام به زميلها في مجلس شورى حزب الاصلاح "عبدالمجيدالزنداني" قبل ذلك بأيام عندما حشد عدد من رجال الدين و القبائل في فعالية صدر عنها بيان يؤكدون فيه عدم شرعية الدستور الذي تعده اللجنة التي شكلها الرئيس هادي، ولا يهمنا هنا تشكيك هذه الفعاليات المنظمة في صيغة الدستور التي تعده لجنة صياغة الدستور بل مايهمنا هو تشكيكهم في شرعية الرئيس هادي في اتخاذ تلك الاجراءات بل وتعاملهم معها كأن لم تكن.
لاحظ الجميع حرص وزير الداخلية "الإخواني" على الظهور الاعلامي و أدرك اغلب المتابعين أن هناك جهات تصنع نجوميته عبر وسائل الاعلام المختلفة، واذا كانت تلك النجومية لا تتناسب مع حجم انجازاته القريبة من العدم إلا أن التسريبات الاعلامية الاخيرة والتي روج لها الاعلاميين والناشطين الموالين للهيئة ورئيسها تؤكد على أن تلك النجومية ليست نابعة عن حب ظهور لدى الوزير بل هي خطوات تندرج ضمن مخطط الانقلاب، فقد روجت وسائل الاعلام عن مكالمة هاتفية أجريت بين الرئيس هادي و وزير الداخلية و بحسب التسريبات فإن الوزير رفع صوته أثناء حديثه مع الرئيس وهو يدين تخاذل الرئيس في مواجهة الملكيين!! كما تحدثت التسريبات في اليوم التالي عن تقديم وزير الداخلية لاستقالته إحتجاجاً على تخاذل وزير الدفاع في حماية الجمهورية!! وهذه التسريبات بقدر ماهي تشكل اهانة للرئيس و وزير الدفاع و تدين تخاذلهم هي تظهر وزير الداخلية كمدافع عتيد عن الجمهورية ضد الملكيين والرئيس المتخاذل، جميع ذلك و بالاضافة لتعظيم وسائل التحريض الموالية للهيئة لدور ابناء الرئيس هادي في صنع القرار وادارة الدولة، و مضاعفة معاناة المواطنين والتضييق على حياتهم عبر أزمات الوقود و الكهرباء وتحميل الرئيس هادي وليس الحكومة مسئولية الازمات وتعيين نائب لرئيس الوزراء من اعضاء "الهيئة العليا لانصار الثورة" -يرأس لجنة العلاقات السياسية فيها- هي ايضاً خطوات تسهل مهمة الهيئة وقائدها وتضعف موقف الرئيس هادي وشرعيته.
جميع المعطيات المذكورة أعلاه هي ليست تخمينات أو افتراضات، بل هي عبارة عن وقائع ثابتة يعلمها الجميع بما فيهم الرئيس هادي، لكنا هنا وضعنا تلك الوقائع في سياقها الصحيح، وقمنا بتجميع فسيفساء قرارات الرئيس هادي وإجراءاته التي تم دفعه إليها كي يتمكن الرئيس هادي من مشاهدة الصورة كاملة ليدرك جيداً ما الذي يحيكه له أعداؤه الحقيقيون، وحجم الضرر الذي ألحقه بنفسه و بقوته و بدروعه العسكرية و الحزبية والاعلامية و الشعبية التي يفترض بها حمايته، ولسنا سعداء أبداً عندما نتفحص المشهد و نلحظ تسارع الاحداث التي تؤكد أن هنالك أيام قليلة تفصلنا عن ساعة الصفر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.