حين وصل أبو يحيى الليبي أحد قادة تنظيم القاعدة إلى شمال غرب باكستان قبل عدة سنوات نال احتراماً واسعاً حتى انه كان مرهوب الجانب من قبل بعض من أخطر المتشددين في العالم. وكان بالفعل قد اضحى اسطورة في العالم الغامض للجهاد بعد فراره من سجن اميركي يخضع لحراسة مشددة في افغانستان المجاورة في عام 2005 وبدا انه يعد بتمويل لا ينضب وتدريب وإلهام لرجال يحلمون بشن هجمات في نيويورك أو لندن. وحين قتل في هجوم شنته طائرة دون طيار الاسبوع الماضي كان أحدث ضحية لسلسلة من الهجمات شنت بهذا النوع من الطائرت وسحقت تنظيم القاعدة على حدود باكستان مع افغانستان حسبما قال مسؤولون في المخابرات الباكستانية وقادة جماعات متشددة. وجفت ينابيع التمويل فيما تساءل هؤلاء الذين آمنوا بالقاعدة ايماناً قوياً اذا كان بوسعها البقاء. وقال قائد من حركة طالبان الباكستانية "تصور..لقد اعتادوا التنقل بسيارات لاندكروز وشاحنات مزدوجة الكابينة قبل سنوات قلائل. الآن يركبون دراجات نارية لقلة الموارد". وبدأ انهيار التنظيم في المنطقة الحدودية بمقتل زعيمها اسامة بن لادن في بلدة باكستانية في مايو/أيار من العام الماضي وضعف التنظيم اكثر مع استمرار الهجمات بطائرات دون طيار. ويعتقد ان نحو ثمانية فقط من قادة القاعدة الأكثر تشدداً لا يزالون في المنطقة الحدودية بين افغانستانوباكستان مقارنة بعشرات قبل أعوام قليلة. ويعتقد ان ضمن من يختبئون في المنطقة الزعيم الحالي لتنظيم القاعدة ايمن الظواهري. وأضاف القائد بطالبان الباكستانية في محادثة هاتفية ان كثيرين من الموالين للقاعدة باعوا اسلحتهم او يسعون لجمع تبرعات لتمويل محاولات الهروب لبلادهم. لكن الهجوم الذي قتل الليبي في وزيرستان الشمالية والهجمات الاخرى على مخابئ المتشددين لم تعزز الامن في المنطقة. وتنتشر عدة مجموعات مسلحة أخرى في المنطقة وهي ليست اضعف كثيراً. وأضعفت الهجمات الجوية القاعدة الا ان حليفتها طالبان الباكستانية تظل قوة هائلة كامنة رغم ان الجيش الباكستاني شن سلسلة من الهجمات ضد معاقلها في الشمال الغربي. وينظر إليها على انها أكبر تهديد للحكومة التي تدعمها الولاياتالمتحدة. وحملت طالبان المسؤولية عن العديد من الهجمات الانتحارية في انحاء باكستان وعدد من الهجمات على المنشآت العسكرية ومنشآت الشرطة كان لها اصداء واسعة. وتوجد قواعد لشبكة حقاني التي يربطها تحالف وثيق مع تنظيم القاعدة في شمال غرب باكستان حسب قول مسؤولين اميركيين غير ان الشبكة ومسؤولين باكستانيين ينفيان انها تنشط هناك. ويبدو ان الولاياتالمتحدة تعتبر قادة تنظيم القاعدة الذي كان وراء هجمات 11 سبتمبر ايلول هدفاً رئيسياً. وقال وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا لقوات حلف شمال الاطلسي خلال زيارة لكابول الاسبوع الماضي في إشارة الى الليبي الذي كان الرجل الثاني في التنظيم واهم مخطط استراتيجي له "اسقطنا قائداً اخر للقاعدة في ذلك اليوم". وأضاف ضاحكاً "أسوأ وظيفة يمكن ان تحصل عليها هذه الايام ان تعمل مساعداً لاحد قادة القاعدة..أو قائداً". وقال سكان المنطقة وضباط بالمخابرات الباكستانية ومتشددون سابقون في لقاءات ان الهجمات الجوية تضع قادة القاعدة ومقاتليها في حالة دفاع وقيدت حركتهم وقدرتهم على تكوين تحالفات اوثق مع جماعات متشددة اخرى. وثبت ان التمويل يمثل مشكلة لانه عادة ما يكون نقدياً ومن خلال تعامل شخصي لتفادي تعقبه عبر الجهاز المصرفي. وكان الليبي بين عدد قليل من قادة القاعدة الذين بقوا على اتصال شخصي مع قادة جماعات متشددة كبرى مثل طالبان الباكستانية. واستغل الليبي شخصيته القوية الجذابة ومؤهلاته كرجل دين لمحاولة المحافظة على تماسك تنظيم القاعدة في ظل الضغط المتزايد من الطائرات دون طيار. وقال مسؤول في المخابرات الباكستانية "مقتل الليبي ضربة قوية للقاعدة. تواجه حالياً مشاكل تمويل خطيرة في المناطق النائية الباكستانية. ارسال نقود واستلامها اضحي صعباً للغاية عليهم لان معظم القنوات اغلقت او عطلت مما يؤثر على عملياتهم". وقال قائد لطالبان الباكستانية ومسؤولون في المخابرات الباكستانية إن قادة القاعدة الذين كانوا يظهرون من قبل في معسكرات التدريب لتحفيز المقاتلين لا يشاهدون الا نادراً. وذكر مسؤول بالمخابرات في المنطقة الحدودية "اختبأ معظمهم ويختبئون في اقبية ويتفادون الاتصال بالعالم الخارجي". وقدر مسؤول امني باكستاني بارز ان نحو ثمانية فقط من قادة القاعدة لا يزالون في باكستان. ولكن ذلك لا يمثل نهاية قيادة القاعدة في المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان التي سبق ان وصفها الرئيس الاميركي باراك اوباما بانها اخطر مكان في العالم. وقال مسؤول اميركي في واشنطن "من الخطأ ان يخلص اي شخص إلى انه ليس هناك من يقف في الصف. العدد يتضاءل ولكن هناك اشراراً وتطلعات شريرة لمجموعة تمثل نواة القاعدة في باكستان". تابع "ولكن هؤلاء الافراد لا يسعهم وليس لديهم المكانة ولا الأتباع في الحركة المتطرفة الاوسع مثل ابو يحيى أو سلفه أبوعطية".