صنعاء .. شركة النفط تعلن انتهاء أزمة المشتقات النفطية    الأرصاد يحذر من تدني الرؤية الأفقية والصواعق الرعدية وعبور الجسور الأرضية    لماذا تظل عدن حقل تجارب في خدمة الكهرباء؟!    ميناء الحديدة يستأنف أعماله    صنعاء .. الافراج عن موظف في منظمة دولية اغاثية    مطار صنعاء "خارج الخدمة".. خسائر تناهز 500 مليون دولار    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    إتلاف 600 لغم وعبوة ناسفة من مخلفات مليشيا الحوثي الإرهابية بشبوة    المرتزقة يستهدفون مزرعة في الجراحي    ناطق الحكومة : اتفاق وقف العدوان الأمريكي انتصار كبير لأحرار اليمن    الامارات تقود مصالحة سورية صهيونية    السعودية: "صندوق الاستثمارات العامة" يطلق سلسلة بطولات عالمية جديدة ل"جولف السيدات"    قالوا : رجاءً توقفوا !    لوموند الفرنسية: الهجمات اليمنية على إسرائيل ستستمر    الكهرباء أداة حصار.. معاناة الجنوب في زمن الابتزاز السياسي    باريس سان جيرمان يبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا    . الاتحاد يقلب الطاولة على النصر ويواصل الزحف نحو اللقب السعودي    التفاهم بين الحوثيين وأمريكا يضع مسألة فك إرتباط الجنوب أمر واقع    بعد "إسقاط رافال".. هذه أبرز منظومات الدفاع الجوي الباكستاني    الذكرى الثانية للتوقيع على الميثاق الوطني الجنوبي    عدن تنظر حل مشكلة الكهرباء وبن بريك يبحث عن بعاسيس بن دغر    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    باجل حرق..!    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    التصعيد العسكري بين الهند وباكستان يثير مخاوف دول المنطقة    شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    استشهاد امرأة وطفلها بقصف مرتزقة العدوان في الحديدة    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    سيول الأمطار تغمر مدرسة وعددًا من المنازل في مدينة إب    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    الزمالك المصري يفسخ عقد مدربه البرتغالي بيسيرو    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    حادث غامض جديد على متن حاملة الطائرات الأمريكية ترومان بالبحر الأحمر    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوثيون من جبال صعدة إلى دار الرئاسة في صنعاء، قطر كلمة المرور كتب/صالح البيضاني
نشر في يافع نيوز يوم 15 - 06 - 2017

في مطلع العام 2007، ضيّق الجيش اليمني الخناق على آخر معاقل الحوثيين في صعدة. شعر عبدالملك الحوثي، المحاصر في أحد كهوف جبال مطرة، أنه سيلقى مصير شقيقه حسين، الذي لقي مصرعه في كهف شبيه بمنطقة مران قبل ذلك بعامين على يد القائد العسكري ثابت جواس.
لم يعلم الحوثيون اليائسون المحاصرون حينها أن دولة خليجية ستمد لهم يد العون، انطلاقا من حسابات كشفت عن نفسها لاحقا من خلال تسجيل صوتي مسرب لأمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل الثاني تحدث فيه عن نيته اللعب بورقة الحوثيين على الحدود الجنوبية للسعودية.
ويكشف التسجيل سعي قطر إلى العمل على إقلاق أمن السعودية وتنفيذ أجندة لاستهداف وجودها عبر إثارة الفتنة على أساس عقائدي. وكان على الطرف الآخر من الحوار الزعيم الليبي الراحل العقيد معمر القذافي، الذي لم يكن حينها يعلم أن مخططات الدوحة ستطال حكمه أيضا.
شعر القطريون بأن ورقتهم التي ظنوا أنها الرابحة في استهداف السعودية توشك على الاحتراق بلهيب الحرب الرابعة التي اشتعلت بين الجيش اليمني وبقايا المتمردين الحوثيين، فسارعوا في يونيو 2006 للإعلان عن نيتهم تبني مبادرة وساطة بين الدولة والجماعة الحوثية، بعد ما يقارب الأربعة أشهر على تجدّد المواجهات بين الجانبين. ووافقت الدولة اليمنية على أمل أن تقلل من خسائر الحرب وتنهي التمرد بأقل التكاليف، فيما اختطف الحوثي الغريق آخر أطواق النجاة التي ألقيت له دون تردد.
وكمؤشر على حماس الشيخ حمد على الخوض في هذا الملف، قام بزيارة مفاجئة لليمن في مايو 2007 وأردف زيارته تلك بخطوات عديدة تؤكد عزمه على إنقاذ الحوثيين بقوة. فأرسل فريقا من وزارة الخارجية القطرية برئاسة ضابط استخبارات هو سيف مقدم أبوالعينين (سفير الدوحة في مصر حاليا). وكلّف أبوالعينين بتولي مهمة الإشراف على تنفيذ اتفاق السلام.
وترافقت هذه الخطوة مع دعوة قيادات بارزة من المتمردين لزيارة الدوحة. على رأس هؤلاء يحيى بدر الدين الحوثي، الذي قدم من مقر لجوئه في ألمانيا. كما تم استدعاء عدد من قادة المسلحين الحوثيين على متن طائرة خاصة قطرية ونزلوا في مطار الدوحة وهم يتمنطقون أسلحتهم الشخصية في رسالة توحي بالقوة والتصميم على مقارعة الدولة اليمنية.
كان العنوان العريض لهذا الحراك القطري المفاجئ في اليمن هو تثبيت وقف إطلاق النار بين الجيش اليمني والحوثيين الذي أعلن في 16 يونيو 2007 بناء على بنود مبادرة قطرية. نصت المبادرة في ظاهرها على انسحاب المتمردين من مواقعهم التي كانوا على وشك خسارتها أصلا وتسليم أسلحتهم الثقيلة التي كانت يفتقدون إليها، مقابل التزام الحكومة بإعلان عفو عام وإطلاق مشاريع إعادة إعمار صعدة بتمويل من قطر بحوالي نصف مليار دولار، وهو كما يبدو ذات المبلغ الذي دعمت به قطر الجماعة الحوثية وانتشلتها من حافة الهاوية.
مكث أبوالعينين لشهور في منازل قادة الحوثيين في جبال صعدة متنقلا بين مناطقها بحرية تامة تحت ذريعة تطبيع الأوضاع والتهيئة لبدء الحوار ومشاريع إعادة الإعمار. غير أن ما كان يحدث على أرض الواقع كان مغايرا للغاية، كما يقول الشيخ القبلي والناطق باسم أبناء صعدة وحرف سفيان سابقا ومستشار وزارة الإعلام اليمنية فهد طالب الشرفي، والذي كشف ل"العرب" عن جزء من الخطط الذي اتبعته قطر لإنقاذ الحوثيين وإعادة بعثهم من جديد بعد أن كانوا على مشارف النهاية.
يشير الشرفي إلى أن مندوب قطر الذي وصل صعدة على متن سيارات مصفّحة محملة بالأموال عمل بشكل ممنهج على شراء ذمم القبائل المناهضة للحوثي من خلال توزيع الأموال وتعويض المتضررين من الميليشيا الحوثية ومن ثم إقناعهم بتبني الفكر الحوثي والانخراط في صفوف الجماعة. وكان كل ذلك يجري -وفقا للشرفي- تحت لافتة تهيئة الوضع في صعدة للسلام والتخفيف من حدة الاستقطاب بين أنصار الحوثي والقبائل المعارضة له.
وعن الأنشطة المشبوهة التي قام بها أبوالعينين في صعدة خلال تلك الفترة، يلفت الشرفي إلى أن المبعوث القطري بدأ فور وصوله بتوزيع الأموال على شيوخ القبائل وضباط الجيش اليمني الذين خاضوا الحرب. وكان يتخذ من منازل القادة الحوثيين مقرا له للقيام بتلك الأنشطة، كما عمد إلى إنشاء علاقة خاصة مع تاجر السلاح الدولي الموضوع على القوائم السوداء للأمم المتحدة فارس مناع الذي مكث أبوالعينين في منزله تحت ستار الوساطة.
وجعل تدخل قطر الحوثيين قادرين على خوض الحرب الخامسة في ظروف أفضل بكثيرة. وظهرت نتيجة الدعم القطري سريعا على الأرض حيث تمكّن الحوثيون من إسقاط حوالي 90 بالمئة من مناطق صعدة في أقل من شهرين بعد أن كانوا يسيطرون على 2 بالمئة.
نجحت قطر في فك الحصار عن الحوثيين وإرخاء قبضة الدولة في محافظة صعدة وتفكيك التحالفات القبلية المناهضة للمتمردين، إضافة إلى توفير الدعم المالي المباشر الذي دخل مع المندوب القطري أبوالعينين، إلى جانب التعاقد مع تاجر السلاح الدولي فارس مناع على إعادة تسليح الحوثيين.
ثم انسحبت قطر من الأرض وظلت تلوح سياسيا بورقة الوساطة حتى تمنح حلفاءها الحوثيين المزيد من الوقت لترتيب صفوفهم. وفي سبيل ذلك عقدت سلسلة من اللقاءات بين الحكومة اليمنية والحوثيين في الدوحة في الوقت الذي كان المتمردون يرفضون الالتزام بأي من بنود الاتفاق ويواصلون تمددهم في مناطق صعدة.
وفي 1 فبراير 2008، التقى ممثلون للحكومة اليمنية والحوثيين في الدوحة لآخر مرة، قبل أن يدرك الرئيس السابق علي عبدالله صالح أنه وقع ضحية خديعة قطرية، ليعلن في مارس 2009 بشكل رسمي فشل الوساطة القطرية ملمحا إلى أن قطر نجحت في جعل المتمردين مساوين للدولة من خلال جمعهم للجلوس على طاولة واحدة.
ويعتبر رئيس تحرير موقع "صعدة أونلاين" صالح الحكمي أن التدخلات القطرية كانت سببا رئيسيا في تأزم الموقف وتطوره تدريجيا حتى اللحظة الراهنة.
ويقول في تصريحات ل"العرب"، "إن دعم النظام القطري لأزمة 2011 التي انتهت بانهيار النظام وحدوث الانقلاب لم يكن الدعم الأول بل سبقه دعم أشد في 2007 عندما كانت حرب الدولة على الحوثيين تشارف على النهاية".
تدخلت قطر بوساطة قوية لإيقاف الحرب بشكل عاجل وإنقاذ الجناح العسكري الإيراني المتواجد في شمال اليمن وعلى الحدود الجنوبية مع السعودية، بالإضافة إلى تقديم الدعم المباشر لهم دون وسيط وإخراجهم من السجون وإمدادهم بما مكنهم من الإعداد والنهوض مجددا لمقارعة ومواجهة الدولة في حرب جديدة، بالإضافة إلى ذلك فقد نجحت قطر في تدويل تمرّد الحوثي وجعلت منه ندّا للحكومة اليمنية في سقطة قال الحكمي إن "نظام عبدالله صالح شريكا فيها للأسف".
ويشير الحكمي إلى أن الدوحة تمكّنت من تدويل حرب الدولة ضد الحوثيين وجعلت من قيادات الحوثيين المتمردة وقتها، أمثال يوسف الفيشي والمداني ويحيى الحوثي ندّا لعلي عبدالله صالح وبقية قيادات الدولة ولم تنتبه الدولة لهذا الخطأ والكمين الكارثي إلا بعد فوات الأوان.
لولا قطر ودعمها المالي والسياسي لكان التمرد الحوثي في اليمن اليوم مجرد صفحة مطوية من صفحات التاريخ اليمني المعاصر. لكن، لم يكن وقوف قطر إلى جانب الحوثيين ومساندتهم لوجستيا وماديا نظرا لتقاربها معهم عقديا أو فكريا بل نكاية بالسعودية من جهة وإنفاذا لتوجهات الحليف الإيراني من خلال دعم جناحه العسكري في اليمن، من جهة أخرى، ضمن ملفات متراكمة من الممارسات للسياسة القطرية الخارجية التي ساهمت في تدمير دول ومجتمعات عربية.
*نقلاً عن صحيفة "العرب"
Share this on WhatsApp


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.