مع قرار الحكومة الفلسطينية دراسة خطوات فك الارتباط مع الاحتلال، طبقاً لقرارات المجلس المركزي الفلسطيني، الذي انفضّ أخيراً، بتوجهات لخطوات وصفها المراقبون بأنها تصعيدية، ونيّة الحكومة التخلي عن عملة «الشيكل» الإسرائيلية، ودراسة إصدار عملة فلسطينية، عاد الحديث في الشارع الفلسطيني عن إمكانية عودة الجنيه الفلسطيني الذي كان حل بديلاً للجنيه المصري، بعد تداوله في منطقتي فلسطين وشرق الأردن منذ الاحتلال البريطاني، وحتى قرار سلطة الانتداب البريطانية إصدار عملة بهاتين المنطقتين عام 1927. تاريخياً، رفضت إسرائيل مبادرات عدة للسلطة الفلسطينية، بإعادة إصدار الجنيه الفلسطيني عملةً رئيسة في الأراضي الفلسطينية بدلاً من الشيكل، من دون أن توضّح مبررات رفضها الذي يقوّض المساعي الفلسطينية لإعادة الجنيه عملةً رسمية فلسطينية، في إطار خطة بناء مؤسسات الدولة. وكانت القطع النقدية والأوراق المالية الخاصة بالجنيه الفلسطيني حملت عبارة «جنيه فلسطيني» بالعربية، غير أن الاسم الشائع للعملة شفوياً لدى العرب واليهود كان في ذلك الوقت هو «الليرة»، كما شاع تقسيم العملة بشكل غير رسمي إلى 100 قرش. عملة مفترضة وتُعدّ عملية إصدار عملة فلسطينية خطوة أخرى على طريق بناء الدولة الفلسطينية، والتخلص من التداول بالعملة الإسرائيلية، وكان من المفترض طباعة أوراق نقدية تحمل صور الرئيس الراحل ياسر عرفات، والحرم القدسي الشريف، وصوراً لبعض المدن الفلسطينيةالمحتلة، لكن دولة الاحتلال ترفض هذه الخطوة، بذريعة أن السلطة الفلسطينية لا تملك بنكاً مركزياً. وبحسب مختصين، فإن هناك رغبة حقيقية لدى السلطة الفلسطينية في بناء منظومة اقتصادية مستقلة ومنفصلة عن الاحتلال، لكن إصدار عملة فلسطينية في الفترة القريبة أمر مستبعد، وإن كان هناك من يُبقي الباب مفتوحاً أمام هذه المبادرة لتخرج إلى حيز التنفيذ في المستقبل غير القريب. محافظ سلطة النقد الفلسطينية السابق جهاد الوزير الذي كان أعلن مراراً نيته بصك عملة فلسطينية، أوضح أنه كي يتحقّق هذا الأمر، لا بد من توافر السيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية على الأرض، إلى جانب استقلالية سلطة النقد، وقيام وزارة المالية بتسوية النفقات بالإيرادات. ويرى المحلل الاقتصادي د. نصر عبد الكريم مازن سنقرط أن إصدار الجنيه الفلسطيني يحتاج إلى إقامة دولة مستقلة، ولها سيادة على الأرض والحدود، لافتاً إلى أن الاعتراف الإسرائيلي بعملة فلسطينية فيه تكريس للدولة، وهذا غير وارد في حسابات إسرائيل. اعتراف بالدولة ويوضح ل«البيان»: «يحتاج البنك المركزي الذي سيتولى إصدار هذه العملة إلى دولة معترف بها، ومن هنا فإن إسرائيل ترفض الفكرة من حيث المبدأ، وحتى لو تحولت سلطة النقد الفلسطينية إلى بنك مركزي، فمن الصعوبة أن تعترف به إسرائيل والدول المنحازة لها، وعلى رأسها الولاياتالمتحدة الأميركية». في الاتجاه ذاته، يؤكد الخبير الاقتصادي عادل سمارة أن اتفاقيات أوسلو وباريس لم تنص على إصدار عملة خاصة بالسلطة الفلسطينية، وبالتالي سيظهر الإسرائيليون كأنهم ملتزمون بما نصّت عليه هذه المعاهدات، وأنهم لا يقبلون بتعديلها، مشيراً إلى استحالة إصدار عملة من دون سيادة على الأرض. وبيّن سمارة أنه من دون تحقيق السيادة على المقدّرات الاقتصادية، لا يمكن أن يتم إصدار عملة للفلسطينيين، معتبراً أن الاقتصاد بقوته يدعم هذه العملة، لكن يبقى الأهم الإخراج السياسي للدولة التي ستتولى إصدار هذه العملة. وفي حين يعرقل الاحتلال مساعي الفلسطينيين بإصدار عملة خاصة بهم، يرى مواطنون واقتصاديون أن عودة الجنيه الفلسطيني خيار ومطلب شعبي لا بد منه، في ظل الإصرار الفلسطيني على فك الارتباط مع الاحتلال.