أخيراً سقط احد الإقطاعيين القدماء من عائلة صالح سقوط مدوي راغم الأنف معروق الجبين, سقط لأنه لم يعرف أن من تجاهل الأبطال داسته أقدام الأحرار, سقط في حضيض العصيان وجنى على نفسه جريمة التمرد إضافة إلى جريمة الفساد والتملك العائلي للقوات الجوية, كان يريد بتمرده أن يكون نداً للكبار وهو لم يدرك أن الثورة الشبابية الشعبية قد نسفت به وبأمثاله إلى مزبلة التاريخ. كانت خمسة وعشرين عاماً كفيلة بان يقدم استقالته من القوات الجوية بعد أن نهب كل خيراتها, ولكن الرجل أبى ذلك, ولم يود ان يحتفظ بماء الوجه شأنه في ذلك شان أخيه الذي لم يخرج من السلطة الا بعد ان أحرقة وجه نار المحرقة التي قام بها أصدقاءه في القصر الرئاسي. لقد حكم هؤلاء بما فيه الكفاية ولم يأسسوا للتداول السلمي للسلطة, وبرز خلال فترة حكمهم الإقصاء والتهميش للأخر وتحويل البلد إلى نظام اقرب مايكون للملكي مع اختلاف المسميات, مما جعل احتكار الثروات من قبلهم يتعاظم وأدى إلى عجز واضح في الخدمات العامة والبنية التحتية ولم يأتي على الإطلاق خلالها أي إحراز نوعي من الناحية الاقتصادية أو الصناعية لكي يشعر الشعب أن هناك دولة يقودها نظام ينتمي إلى الأرض وطموح شعبه ويسير نحو إخراج الدولة من فشلها ورخاوتها إلى تماسكها وتحصينها بالعلم والصناعة الكاملة وترتيب أمنها القومي في نسيج علاقات إستراتيجية مع محيطها. المشكلة أن صالح وأسرته المخلوعة كانوا يعتقدون أنفسهم أنهم نابليونات أو ديغوليات أواستالينات لكن الثورة كشفتهم على حقيقتهم وأظهرتهم للعالم بأنهم نسخ للديكتاتوريات المقيتة, وأصبح حتى من يدين لهم بالولاء بعد تمرد محمد صالح الأحمر يعرف أنهم كانوا ينظرون إلى اليمن على انه مزرعة خاصة بهم. كانت عملية التمرد العائلي من قبل محمد صالح الأحمر درساً مهماً للثورة والثوار الذين راءوا في تمرد محمد صالح ضرورة ملحة لبقاء الساحات لمواجهة أي تمرد أخر قد يقوده أي شخص محسوب على عائلة صالح التي تساقطت كأوراق الخريف أمام طوفان الثورة الشبابية الشعبية, فبقاء الساحات ضرورة ثورية حتى يتم إقالة احمد علي من منصبه كقائد للحرس الجمهوري, إضافة إلى عمه غير الشقيق علي صالح الأحمر, وكذلك عمار محمد عبدالله صالح الذي يتولى قيادة جهاز الأمن القومي والذي يشتبه في وجود عناصر منه يقاتلون الى جوار مسلحي القاعدة في ابين. محمد صالح الأحمر اشترط قبل رحيله بحسب مصادر مؤتمرية اقالة اللواء علي محسن الأحمر, واشتراط كهذا يبدوا مضحكاً جداً, فعندما يتوهم المتمرد محمد صالح الأحمر انه نداً للواء علي محسن الأحمر فهذا نهاية الجنون التسلطي الذين يبين أن الرجل لازال يعيش عقلية ماقبل الثورة, ولايخلوا هذا الاشتراط من احدى احتمالين, الأول ان التمرد كان مدروساً حتى يصل الجانبان إلى إقالة محمد صالح الأحمر في مقابل إقالة اللواء علي محسن الأحمر وبالتالي تفرد احمد علي عبدالله بقوات الحرس الجمهوري وفرض قيود على تحركات الرئيس هادي والتدخل في كثيراً من أمور الدولة ولو من خلف الكواليس, والثاني أن المتمرد لم يدرك البون الشاسع الذي خلقته الثورة بينه وبين اللواء علي محسن الأحمر, فشباب الثورة يدركون الفرق بين من ناصر الثورة ودعمها وأيدها وبين من وقف ضدها وحرض على قتل شبابها.