بالتأكيد إننا في عز استشراء الأوضاع المميعة والمنفلتة على مستوى الدولة، وتحول المجتمع إلى مفرخة ممنهجة للخيبات وللأحقاد، لابد ننغمس كمجتمع وكدولة في تعطيل القدرات والإرادات الحلمية والتغييرية فردياً وجماعياً، إضافة إلى مفاقمة سياسات «ما بدأ بدينا عليه» فقط.. لذلك من الطبيعي جداً أن الأوغاد والقتلة يتناسلون ويتكاثرون وينتشرون بسرعة فائقة في هذه الأجواء المؤسفة، كما من الطبيعي أن يستحكموا بكل الأوضاع في هذه البلاد الطافحة تماماً بأوبئتهم في الهيمنة والنفوذ، محققين انتصارهم على آمالنا التاريخية كشعب بإمكانية تجلي سعادتنا الوطنية عبر تحقق المشروع الوطني.. المشروع الذي بإمكانه وحده أن يجابه كل أصناف الإعاقات وينقذ الدولة والمجتمع من متواليات الانهيارات القيمية الرهيبة جراء تفاقم هشاشة الدولة وخواء المجتمع على كل المستويات. المشروع الذي يحتاج إلى إرادة وقدرة من أجل استعادة الدولة قبل أي شيء وثقة المجتمع بالدولة التي ستحقق الأمان والديمقراطية والمدنية والمواطنة والقانون.. يقول ستيفان بيبو الفيلسوف والمنشق المجري المشهور عن نهج الاستبداد العام 1946م: في دولة يشملها الخوف وتؤكد أن تقدم الحرية يعرض مصالح الأمة للخطر، ليس في استطاعة المرء أن يستفيد على نحو كامل من المزايا التي تقدمها الديمقراطية.. فأن تكون ديمقراطياً يعني أساساً ألا تكون خائفاً، ألا تخشى أولئك الذين لديهم آراء مختلفة أو يتحدثون بطريقة مختلفة، أو ينتمون إلى أعراق مختلفة، لقد خافت بلدان شرق ووسط أوروبا لأنها لم تطور أنظمة ديمقراطية ناضجة بشكل كامل، ولم تستطع أن تطور أنظمة ديمقراطية ناضجة بشكل كامل لأنها خائفة..!