لم يعد معقولاً ولامقبولاً السكوت عن إخراج المعسكرات من المدن . ذلك أن تواجد المعسكرات في المدن يؤدي وظائف نفسية عميقة تثير الهيجان القلق لدى جماهير الشعب. ويقول التاريخ إن عديد ممارسات جائرة جاءت من المعسكرات الجاثمة في المدن للأسف، بينما يكمن السبب في استشراء التخلف وتمادي المعسكرات وانفلاتها بالممارسات الخاطئة الحمقاء التي لاتغتفر، الممارسات التي يصنعها تنامي النعرات القبلية لدى عديد قادة مع اضمحلال قيمهم الوطنية العليا بالمقابل. ثم إن للجيوش منحى عصبوياً عسكرياً لايستسيغ طرائق التعبير المدنية كما نعرف، خصوصاً إذا كانت تعبيرات مطلبية وحقوقية حادة لم يتم تفهمها حكومياً بقدر ما تم الاستخفاف بها ليزداد الأمر تعقيداً بالضرورة بين الجانبين فيكون كالتالي: ثمة جماهير تجنح لمفاقمة المطالب بشيء من العنف مثلاً وثمة جانب في الدولة يغذي نزعات المعسكرات في خمد التوجهات المدنية الشعبية ولو بالقوة، على أن الجدير بنا جميعاً بالطبع العمل على استمرار دحر التخلف وملء الفجوات الشاغرة في العلاقة الملتبسة بين الدولة والمواطن بكامل قيم الثقة المطلوبة بين الجانبين كما ينبغي وعدم مفاقمة الهزء المتبادل بينهما، اضافة الى استمرار تعظيم الانتماء لممكنات السلام والمدنية والمواطنة وليس العكس. ففي واقع متخلف كاليمن عموماً صار تواجد المعسكرات في المدن معضلة متراكمة ساهمت مراراً في إثارة التناحرات ليس إلا ، بل لطالما شعر المتضررون من الناس بالغبن السياسي والاجتماعي جراء ذلك.. وبالنتيحة لطالما ظل يفضي الأمر على مدى عقود الى انكشاف حالة اللامبالاة السلطوية رغم التوترات المتفاقمة التي تصنعها المعسكرات في تموضعها غير الصحيح هذا لتصبح قامعة مرعبة لا يهمها جبر الضرر أبداً وهي كل آن تكيل العنف بمواجهة مطالب مشروعة واستغاثات المتضررين من قمعها ،ليتكثف المشهد في عنفوان عسكري ليس مكانه وارتيابات قطاعات واسعة من الشعب في عموم مدن من تحقيرات النظام لهم على هذا النحو غير المقبول. باختصار.. فإن من يرفض مطلب إخراج المعسكرات من المدن أو يتواطئ ضده هو بوضوح لاشك فيه مع المكايدات اللاوطنية لصالح تعزيز الماضي الشرير وقدراته في وأد الدولة واجهاض الأمل بها، كما إنه مع الخواتم السيئة لكل حلم وطني من أجل دولة مستقبلية بلا يأس ولا مخاطر ولا كوابيس. [email protected]