هيمنت السياسة على غالبية المسلسلات الرمضانية اليمنية هذا العام، لا سيما مع تزايد عدد القنوات الفضائية التي بات يمتلكها كل أطراف الصراع السياسي، ما جعل دراما رمضان تتحول إلى ما يشبه البرامج السياسية الخالصة، وفق مراقبين. ورأى مراقبون أن الصراع السياسي الذي يعيشه الشارع اليمني منذ ثلاث سنوات مضت، أو منذ إطاحة الرئيس السابق علي عبد الله صالح العام 2011، فرض حضوره على هوية الدراما الرمضانية، إذ بات معظم كتاب الدراما يسقطون شخصياتها على الواقع السياسي. وتبث في اليمن 4 قنوات رسمية هي "اليمن" "سبأ" "الإيمان" "عدن"، إضافة إلى 8 قنوات خاصة تتبع أقطاب سياسيين ورجال أعمال تجار، ومكونات سياسية ودينية، منها قناة "المسيرة" التي تتبع جماعة الحوثي، و"يسر" التابعة للجماعة السلفية، و"سهيل" التابعة للشخصية القبلية المناوئة للنظام السابق "حميد الأحمر"، وقناة "أزال" المملوكة لأحد مراكز النفوذ المحسوبة على الرئيس السابق علي عبدالله صالح، والتي تتبنى آراءه وتهاجم نظام الحكم الحالي، بالإضافة الى "يمن شباب" المحسوبة على حزب الإصلاح الإسلامي، و"عدن لايف" المملوكة لنائب الرئيس السابق والشخصية المطالبة بانفصال الجنوب اليمني عن شماله "علي سالم البيض". وأغلقت السلطات اليمنية قبل أسابيع قناة "اليمن اليوم" التابعة لنجل الرئيس السابق أحمد علي عبدالله صالح، واتهمتها الحكومة بأنها غير مرخصة بعد عامين على بثها. ومن أشهر المسلسلات التي تشير إلى هيمنة السياسة على الدراما اليمنية الرمضانية، مسلسل "طريق المدينة" الذي تبثه قناة "يمن شباب" المحسوبة على حزب "الإصلاح" الإسلامي. ووفق مراقبين، فإن مسلسل "طريق المدينة" يشير بوضوح إلى "جماعة الحوثي" المسلحة، التي تخوض معارك توسعية مع القوات الحكومية في محافظات الشمال اليمني، إذ ينقل المسلسل صورة مقربة لدولة الائمة الزيدية، ويصور الحوثيين على أنهم يريدون العودة باليمن إلى عصور ما قبل قيام الجمهورية اليمنية. وانتهت دولة الأئمة الزيدية في العام 1962 مع إعلان الجمهورية اليمنية، لكن مراقبين يقولون جماعة الحوثي تريد إعادة الدولة الزيدية التي كان مقرها صعدة (معقل الحوثيين) من خلال بسط سيطرتها على محافظات شمال الشمال اليمني، وهو ما يلمح إليه المسلسل. وقال الكاتب والناقد الفني محمد الشلفي إن مسلسل "طريق المدينة" شهد توجه جديد في اختيار الدراما التاريخية ممزوجة ب"فانتازيا"، إذ استفاد الكاتب مروان فاروق من أعمال ادبية معروفة منها الروية الشهيرة "الرهينة" للروائي اليمني زيد مطيع دماج، لمقاربة فترة حكم الأئمة. وقال المخرج التلفزيوني سمير العفيف إن "الدراما اليمنية تتراجع الى الخلف وعندما تناقش السياسة يتم ذلك على عجالة وبسطحية تامة، مضيفاً انه "في مسلسل "طريق المدينة" حصل خروج عن الرواية (الرهينة) وهناك تشويش للتاريخ، والشخصيات أيضا سطحية وهزيلة". وحجز مسلسل "همي همك" الذي تعرضه قناة "السعيدة" مساحة كبيرة للواقع السياسي، وإسقاط الشخصيات على الواقع اليمني، والاضطرابات التي يعيشها البلد. وناقش المسلسل ايضا قضية الاختطاف المتداولة في المجتمع اليمني والتي تُظهر عجز الحكومة في تحرير المختطفين واستنجاد الناس بأصحاب النفوذ والمشائخ من اجل تحريرهم كون سلطاتهم أقوى من الدولة. وتُتهم الدراما اليمنية بهزالتها بسبب شحة الامكانات المادية والبشرية، لكن المخرج اليمني سمير العفيف شن هجوماً على المخرجين الذين يوافقون على تنفيذ أعمال درامية بوقت ضيق قبل حلول رمضان بأيام، ما يخلق أعمالاً مشوهه وتفتقر الى أبسط قواعد الدراما.