عرضت الفضائية اليمنية (صندوق الكذب الرسمي) على غير عادتها مقاطع فيديو من غزوة مُجمع العٌرضي، بداء العرض الإرهابي ذو التكلفة البشرية العالية، باقتحام سيارة بيضاء، اعقبها انفجار مدوي توالت اثره مشاهد الموت المروعة، من قبل كلاب الإرهاب المسعورة المصابة بفيروس الحقد والكراهية، والمتعطشة لسفك الدماء، يوزعون الموت المجاني بدم بارد على كل شيء متحرك يصادفونه في طريقهم، اطباء، ممرضين، امراض، شيوخ، نساء، اطفال، الكل كان في مرمى نيران التعصب والتطرف الديني البشع، فالخسائر في الارواح أخر مايؤرق اولئك القتلة المتوحشين وشيوخهم وجنرالاتهم التكفيريين، الذين ولدوا في الدم، ويفضلوا السباحة فية بشكل يومي.. والحقيقة ان هذا الحادث الاجرامي لم يكن الأول وانما حلقة في مسلسل متواصل، لذا لا يجب ان يقتصر الأمر على الادانة والاستنكار المعتادة، وانما لابد من امطار الواقع بالعديد من الاسئلة الشائكة التي تجيد الوخز الي حد تعذيب الضمير، على غرار من المستفيد من تدفق الدماء وتراكم الجماجم بشكل يومي؟؟ كيف تتكاثر هذه المسوخ البشرية وكيفية الحد من انتشارها؟؟ ما هي الوسائل الفعالة في محاربة الإرهاب، وعقلية احتكار الحقيقة والوصاية على الدين ؟؟وهل هناك نوايا حقيقية في محاربته، أم ان المسألة كلها هذر ولغو وجعجعة اعلامية وارتزاق مُبتذل ليس الا؟؟ والحقيقة التي لايمكن الاختلاف حولها ان النظام ذاته هو من زرع بذور العنف والتطرف واحتضن التيارات الجهادية المتشددة (سني- شيعي) لغرض استخدامها في صراعاتة السياسية، وتسخيرها في النصب والابتزاز الدوليين...واعلن الحرب المبكرة على كل ما هو تقدمي ومتنور وحضاري، واجتث دون ان يرف له جفن براعم الحداثة، وشجع المفاهيم والسلوكيات المتأسلمة التي لم تفلح الا في صناعة الخواء والضحالة، وتصحير مخيف للحياة، ووضع البلد برمتة في متاهة سياسية، تتحرك من دون تفكير أو تخطيط، يدير شؤونها اليومية مجموعة من الفاسدين والانتهازيين، من دون اهداف واضحة وغايات مستقبلية، الا مصالحهم الشخصية والفئوية الضيقة ، اوصلتنا الى الاستقرار في قاع الفقر والبؤس والجهل والمرض...والواقع ان الانشقاق الراسي في قمة الهرم السلطوي رافقة انشقاق افقي في القاعدة ومن ضمنها صناعة (اٌلإرهاب) الذي لجأت الية الاطراف المتصارعة للتعبير عن مصالحها المتباينة على النحو التالي: - استخدم الزعيم المافوي اٌلإرهابي لإجهاض التحولات ونشر الفوضى لإثبات ان عهدة اتسم بالاستقرار، مع انه لم يكن استقرارا حقيقيا قائم علي رسوخ التوازن بين مؤسسات السلطة، وقوى المجتمع الفاعلة وانما استقرار العصاء الغليظة وقانون الطواري غير المعلن، ناهيك عن شراء الذمم وسياسة الفساد والإفساد... - تحالف شيوخ عبادة التخلف، وشيوخ اٌلإرهاب، وجنرالات الفيد والغنيمة، المناويين لبناء الدولة والابقاء على اوضاع الفوضى، لتأبيد استمرار سيطرتهم على الاوضاع السياسية، والاقتصادية ، والاجتماعية، ومصادر الثروات، استخدموا ويستخدموا الإرهاب لجر البلد الى الاقتتال والعنف، واختطافها تحت سطوة المال وتهديد السلاح، وتكييف المستجدات وفقا لمصالحهم، وفي المقدمة، وأد ثورة الشباب ومطالبها، وصد رياح التغيير وتأبيد اشكال الهيمنة والسيطرة السياسية على المجتمع، وحكم البلد بالأزمات وليس بالوضع الطبيعي، واعادة زواج حزب الاصلاح بالسلطة والذى بنى علية الزعيم المافوي نظامه.. وفي مواجهة خطاب الغرائز والدم التي وقودها الناس وثرواتهم وبناهم التحتية، لابد من تفحص مكامن الخلل كمقدمات لعلاجة قبل الانحراف الى حيث اللاعودة من خلال:- اولا:- تفكيك سيادة المنطق الخلدوني للغلبة والقوة القهرية في البنية السلطوية عبر تفكيك الطابع القبلي- الطائفي على النواة العسكرية –الأمنية وتنقيتها من العناصر المتطرفة والخلايا النائمة. ثانيا:- محاربة الخطاب التحريضي التكفيري الذي يتم توظيفه من قبل قوى الإرهاب والتخلف، التي باتت تلعب دور المفتي والقاضي غير النزية والجلاد، لا لصاق تهم الكفر والالحاد، بحق دعاة بناء دولة المواطنة والحرية والكرامة، لتسويغ العنف والاستئصال الجسدي ضدهم، ناهيك عن تصوير القتلة والمجرمين على انهم ابطال وطنيين أو قوميين أو اسلاميين.. ثالثا:- استبدال المناهج التعلمية القائمة على التعصب و التحريض و كراهية الاخر المختلف، فالتعصب الديني يقود الى الإرهاب، واستبداله بمناهج مواكبة للعصر تحترم العقل، وتحث على التفكير الحر، بديلا عن التلقين الأخرس الذي لايقود الا الى مزيد من التجهيل، وفقدان المناعة الذاتية والمجتمعية ضد الإرهاب، وتسخير الدين للارتزاق والتكسب اللامشروع، ونبذ وصاية واحتكار الحقيقة الدينية، من قبل مجموعة من الجهلة والأميين، الذين نموا وتكاثروا في ظل السلطة القبلية- المافوية، حتى اصابتهم الغطرسة والفوقية بالداء مما جعلهم يهرفون بما لا يعرفون فأحيانا يعلنون عن اكتشافاتهم العلمية السرية الخارقة التي لم يطلع عليها سواهم، ولا نقول ان اخر ما توصلوا الية هو معالجة الفقر، من خلال تشجيع تعدد الزوجات وزيادة النسل واطلاق اللحى، واعتمار العمائم، وارتداء الثياب القصيرة، الى غير ذلك من التدين المظهري والتلفزيوني. وحتى لا نتيه في التفاصيل لابد من القول ان القضاء على الارهاب يعني القضاء على البذور والمقولات التي تنمو بين الناس كالنبات الشيطاني، ومحاربة الفساد و الإفساد، ومكافحة انتشار السلاح، والقضاء على التشكيلات المليشاوية، والتوجه نحو بناء دولة مدنية لا عسكرية ولا دينية، بعد ان اثبتت هذه النماذج عجزها وفشلها الذريع في اكثر من مكان..