يصر هادي دائما على الظهور كمكينة تفريخ وتقسيم لأي توحد جنوبي جنوبي، يسعى الرجل دائما إلى استنساخ الكيانات وايجاد تمثيلات هلامية للمكونات الجنوبية التي تهاجمه وتعتبره عقبة حقيقية أمام طموح الجنوبيين بالتحرير والاستقلال. كان البزوغ الأول لنجم هادي في اليمن كأداة بيد المخلوع صالح في شراء الولاءات والذمم لبعض القادة العسكريين الجنوبيين لتسليم المعسكرات وتسليم الجنوب ككل على طبق من ذهب لصالح وأعوانه من المجرمين العسكريين والقبليين. أصبح هادي (اللاجئ في صنعاء منذ أحداث 1986) سمسارا ناجحا في شراء الخيانات العسكرية التي كانت هي السبب الأبرز في احتلال الجنوب، فالكون كله يعلم أن احتلال الجنوب لم يكن بسبب أي حنكة أو تكتيك أو عتاد عسكري يملكه الشمال في حينه بل كان بسبب خيانات بعض القادة العسكريين الذين انسحبوا وسلموا عتادهم ليكون فيدا للمتنفذين في الشمال وقبضوا مقابل ذلك ملايين الدولارات الحقيقية والمزيفة، وكان هادي هو كلمة السر في ذلك. لم يقم هادي بتلك السمسرة من أجل الانتقام وحسب من الطغمة الحاكمة في عدن حينها، بل قبض هو أيضا نصيبه من تلك الدولارات الحقيقية طبعا، وزاد صالح من اغداقه على هادي بتعينه نائبا له وأراد صالح من ذلك التعيين أمرين، الأول ليثبت للجميع مقدار سخائه على الذين يوالونه خاصة الجنوبيين منهم، والثاني ليذر الرماد في عيون المجتمع الدولي بادعائه مناصفة السلطة مع الجنوبيين. ظلَّ هادي منذ 1994 وحتى 2011 مجرد ورقة توت يداري بها صالح عورته، كان نائبا لا يملك سوى مقصا يستخدمه لقص الشريط اللامع عند افتتاح بعض المشاريع الوهمية. لم يكتفي هادي بخيانته للجنوب الذي جعله فيدا للمتنفذين في الشمال، بل حين سنحت له الفرصة برغبة دولية في تولي القيادة في 2012 أنتهج نهج أستاذه ومدربه صالح في شراء الولاءات وزراعة الكيانات وتبني تمثيل كاذب للقضية الجنوبية وبذر الفتن بين المحافظات الجنوبية. برز ذلك جليا على وجه الخصوص في إنشائه للهيئة السياسية للحراك الجنوبي برئاسة ياسين مكاوي وهو المكون الذي أستكمل المشاركة في مؤتمر صنعاء المزعوم للحوار الوطني مدعيا تمثيله للحراك الجنوبي بعد انسحاب مؤتمر شعب الجنوب بقيادة محمد علي أحمد، أصبح ذلك المكون بعد ذلك أحد أدوات هادي في طعن الحراك الجنوبي وقضيته السياسية العادلة من الظهر، وسعى نحو تقسيم الجنوب وإثارة النعرات المناطقية في إقرار إقليميين جنوبيين ضمن سياسة الأقاليم اليمنية بهدف تغذية الشقاق وإعادة بناء التوجه العنصري للجنوب. لست متفائلا على الإطلاق من انتشار اللجان الشعبية في عدن خلال الأيام القليلة الماضية، هذه اللجان التي نشئت أواخر 2010 وكان لها دور فاعل وحقيقي في تقليص دور القاعدة في أبين وشبوة الجنوبيتين، إلا أنها أصبحت بعد ذلك كيان مليشوي و اعتمدت لهم مرتبات وصرفت لهم موازنات من رئاسة الجمهورية في صنعاء وتحت إشراف مباشر من هادي الذي سيطر على ولائها الحصري له، صحيح أن عناصر تلك اللجان هي جنوبية خالصة، ولكن الحديث بمنطق (من يملك المال يملك القرار)، وما تقوم به اللجان في الوقت الحاضر من رفع العلم الجنوبي في نقاطها التفتيشية أو هتافها بهتافات تحررية جنوبية إنما هي محاولة لخلط الأوراق في تسريب ايحاء مناصر للقضية، ليس من قبل عناصر تلك اللجان بالطبع التي بالتأكيد أن الدماء الجنوبية تسري في عروقهم، ولكن من قبل القيادات المسيطرة عليها. يريد هادي من انتشار تلك اللجان السيطرة على العاصمة عدن التي بدأت تفلت من سيطرته، ويتصدر المشهد فيها قادة جنوبيون كُثر، يخاف هادي من أن لا يصبح له نفوذ بعدن عقب ذلك، ولذلك قام بزرع هذه المليشيا التي يحاول صبغها ببعض الرضى الجنوبي لكي يضمن أن العاصمة عدن التي تحتضن الاعتصام الأكبر للجنوبيين لن تخرج عن السيطرة وستظل في إطار الطريق المرسوم لها. يريد هادي للجنوب أن يظل تحت سيطرته سواء أستقل أم لا، ولن يضمن هو تلك السيطرة إلا بتقسيم الجنوب وزرع الفتن بين أبنائه وإيجاد الثعابين ليرقص هو على رؤوسها مقتديا بالراقص الأول صالح. لقد آن الأوان للجنوبيين أنفسهم أن يوقفوا هادي عند حده، بتشكيل لجان حماية ثورية من ساحة الحرية بخور مكسر ذاتها تتولى حماية عاصمتهم ومنشئاتها الحيوية ومبانيها الحكومية، هذا التشكيل من هذه الساحة سيضمن الولاء للجنوب دون غيره من المتنفذين في الشمال أو الجنوب.