تم نشر قوات عسكرية من الأمن المركزي والحرس الجمهوري وكتائب مكافحة الشغب وقوات مواجهة الإرهاب قدر قوامها ب «1500» جندي مجهزين بكامل عدتهم وعتادهم علاوة إلى «800» جندي من قوات النجدة و400 آخرين من الأمن العام والمرور تم نقلهم على ظهر شاحنات كبيرة وأكثر من «100» جيب عسكرية متنوعة كل جيب تحمل 12 جنديا تطوف بهم في شوارع العاصمة وتمشط الأحياء وكانت أكثر تركيزاً على منطقة التحرير التي قُطعت كل مداخل وطرق الوصول إليها. تم توزيع الجنود على منافذ الطرق الفرعية وتم إشباع الجولات الهامة بقوات مكافحة الشغب التي كانت مجهزة بالدروع والهراوات والقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي والقنابل الصوتية وكل جولة وضعت تحت إشراف مجموعة من الضباط من الرتب الكبيرة لا تقل عن رائد وتزيد عن العقيد وجميع هذه القوات العسكرية متصلة مع بعضها بواسطة وسائل الاتصال اللاسلكي العسكري. وضعت خطة أمنية محكمة من أجل إفشال المسيرات والمهرجانات الخطابية حيث عملت أجهزة الأمن على قطع الخطوط وتتويه المجاميع التي خرجت من الصباح الباكر تحمل اللافتات المنددة بتزوير الانتخابات وتطالب بالمقاطعة وتتهم الحزب الحاكم بالتزوير والاستحواذ على السلطة وإجهاض كل مفاهيم الديمقراطية. كانت ساحة ميدان التحرير هدف المعتصمين والمحتجين والمؤيدين للقاء المشترك وعليه نفذت الخطة الأمنية في قطع الطريق إلى ساحة التحرير للقادمين من باب اليمن بوضع قوات عسكرية عند سوق عنقاد وقوات عسكرية أخرى عند الطيران والأرصاد وقوة أخرى عند البنك المركزي وتحت جسر الصداقة ومنعت السيارات الحافلات بشكل نهائي من الوصول إلى التحرير من هذه المنافذ بينما عززت قوات عسكرية في منطقة باب السباح وعند القيادة وشارع العدل لمنع المتدفقين من منطقة الحصبة إضافة إلى أنها قطعت كل الطرق الفرعية من شارع الزبيري التي تؤدي إلى التحرير بقوات عسكرية عند السفارة الصينية وأخرى في القاع وشارع القصر وعند البنك العربي وبجانب قسم العلفي القريب من المستشفى الجمهوري، وكذلك قطعت خطوط سير الحافلات بجميع أنواعها. وفي قلب ميدان التحرير انتشر الجنود في الساحة بشكل مكثف لمنع وقوف الناس أو التجمع، وتمكن العديد من المواطنين الذي لا يحملون أي لافتات من التسلل إلى التحرير الذي شهد حالات إطلاق نار وسمع صوت الرصاص أكثر من مرة وقد تم توجيه أصحاب المحلات بإغلاق محلاتهم والجلوس أمام محلاتهم حتى يتم تمييز المعتصمين ومحاصرتهم. وقد تم محاصرة مجاميع من مؤيدي اللقاء المشترك القادمين من شارع الزبيري الذين اضطروا للتوقف عن البنك العربي القريب من مكتب رئاسة الجمهورية وأخذوا يهتفون «حانجيبك يا تغيير يعني حنجيبك» كما تم محاصرة مجاميع أخرى كانت قادمة من منطقة الصافية بينما قطع الطريق على مجموعة أخرى كانت قادمة من منطقة الحصبة وتم مطاردة مجموعة أخرى في باب اليمن من قبل جيب الشرطة العسكرية وأجبرت على الانعطاف باتجاه شارع الدفاع وحين شوهد تدفق الجماهير تم الاستعانة بطلاب المدارس الذين تم إخراجهم من الفصول الساعة العاشرة وتم تزويدهم بأعلام الجمهورية وصور الرئيس وشعار المؤتمر من أجل صهر الجماهير المؤيدة للمشترك وإدماجها في أوساط الطلاب. وبينما قامت مديرية الصافية ممثلة بمدير المديرية وممثل الدائرة «6» ومجموعة من القيادات الوسطية للحزب الحاكم بتنفيذ مهرجان خطابي في منطقة باب اليمن بقرب موقف الحافلات عند مقبرة الشهداء -وهي أكثر مناطق العاصمة ازدحاما بالناس لشد انتباههم ومنعهم من المشاركة مع جماهير المشترك، وقد خاب أمل معدي الخطة حين تجمع حولهم ما يقارب سبعين شخصاً أغلبهم من الباعة المتجولين باستثناء قليل من طلاب المدارس الذين كانوا يرتدون الزي المدرسي ويحملون صور الرئيس وشعار المؤتمر وكان تجمع الباعة المتجولين لغرض الفرصة الذهبية لتواجد مدير مديرية الصافية الذي طلبوا منه السماح لهم بعرض بضائعهم في الأرصفة وتخفيف الإتاوات المفروضة عليهم حسب تصريح بعضهم ل«يمنات». وعودة إلى المجاميع الأخرى المتفرقة التي أخذت تختلط مع طلاب المدارس ما أضطرها للانسحاب والتسلل عبر الأزقة باتجاه ميدان التحرير. كان الوقت الحادية عشرة والنصف ظهراً حين تمكن حاملو اللافتات من التسلل من أزقة شارع القصر الجمهوري والتجمع أمام ملعب الظرافي والانطلاق صوب الشارع الرئيسي في التحرير لتقابلهم مجموعة أخرى خلف البنك وتلاحمت معهم مجاميع أخرى من شارع المطاعم وآخرين من عند مبنى التوجيه المعنوي ليتم مجابهتهم بالرصاص الذي دوى بكثافة وأصيب شخص عند الجسر وتحركت جيوب الشرطة العسكرية بجانب القوات العسكرية المتواجدة بكثافة ليتم محاصرة المشاركين وإعادتهم إلى نفس الشارع الذي يؤدي إلى ميدان الظرافي ثم شارع القصر ليتجهوا مجبرين إلى شارع الزبيري مرة أخرى وكان قد سمح للسيارات بالمرور ليختلط المحتجون بالسيارات فتعرقلت حركة السير، وواصلوا مسارهم حتى جولة حدة ليتم إجبارهم على الانعطاف يميناً باتجاه باب القاع ومبنى أمانة العاصمة (الخارجية سابقاً). كان الوقت يشير إلى الثانية عشر ظهراً عندما أخذت المجاميع تتفرق بعد أن أدت دورها. وقد تم محاصرة الصحفيين ورجال الإعلام ومنعهم من التصوير وصودرت كاميرات البعض ومطاردة من حاولوا التصوير بالتلفونات وبالذات في ميدان التحرير. والغريب في الأمر أن أغلبية العسكريين المنتشرين كان الارتياح باديا على وجوههم بل همس بعضهم: «نحن ضابحين أكثر منكم ولولا الأوامر ما أرهبناكم» وقال أحدهم:«يعلم الله نروح نحصل غداء أم لا» بينما زاد ثان: «شهداء قتلوا في صعدة سجلوهم فرار من أجل أكل رواتبهم». وكان بعض العسكريين من أصحاب الرتب الكبيرة يصورون بكاميرات هواتفهم من أجل أثارة الفزع لدى المشاركين في المسيرات، وقال أحدهم للمشاركين: «وقت الله الله - يقصد عند الاعتقال- ما حد ينفع أحد».