الحجة “أم مختار” عجوز لم تعد قدماها تقويان على حملها.. لكن مصابها في ولدها الوحيد.. جعلها تكابد مشاق الطريق من مديرية شرعب السلام إلى مدينة تعز. وجدناها في حوش مبنى محافظة تعز تريد مقابلة المحافظ.. سألناها ما الذي جاء بها من جبال شرعب.. ردت بحرقة وألم تقسم نياط قلب الجمل الصبور.. “أريد أبني حيا .. أو ميتا ادفنه بيدي” ثم انهمرت الدموع من عينيها كحبات المطر المتساقط.. ولم تتمكن من الكلام.. توجهنا بالسؤال لابنتها التي ترافقها “أم صدام” لنعرف ماوراء هذه الدموع.. قالت أم صدام: قبل شهر ونصف خرج أخي “مختار” من عندنا في المدينة ليلا عائدا إلى القرية في شرعب السلام.. أمي كانت منتظرة وصوله في القرية.. انتظرت الأم طويلا.. لكن “مختار” لم يصل .. توجهت إلى صاحب السيارة الصالون التي تنقل الركاب من المدينة.. رد عليها السائق: أمس كان معنا ابنك مختار، وبينما نحن في الطريق طلع معنا شخص يدعى (و.ج) وفي منتصف الطريق طلب منا التوقف، توقفنا وخرج مسلحون كانوا متخفيين في المكان، وأخذوا مختار.. ومنذ ذلك اليوم ومختار العزي “25”عاما مختفِ ولا يعلم مصيره.. أسرته أبلغت الجهات الأمنية.. لكن لم تسفر البلاغات عن شيء .. تقول “أم صدام” : نحن ما لناش ظهر إلا مختار.. والمختطفون كل يوم يوصلون لنا خبراً.. مرة يقولون أنهم قتلوه ودفنوه، ومرة أخرى يقولون ليس موجوداً معهم، وأحيانا يقولون أنهم أخفوه.. سألناها: لماذا لم تقابلي مدير الأمن، لكنها ردت بألم يخنق ما تبقى من عمرها: رحت وما سمحوا لي بالدخول إليه، الجاني معه وساطة وصاحب الصالون خاف يأتي معي.. وعادت للبكاء من جديد بحرقة شديدة.. كفكفت دموعها وقالت: (أتواصلت مع السعيدة وقالوا بانجي وما أجوا).. وأضافت قائلة: الثورة خربت كل شيء.. قلنا لها يا حجة: لا الثورة با تصلح إن شاء الله.. قالت: خرجت أقول ارحل والفاسدون لا زالوا موجودين رجعوا من جديد.. لم تقابل المحافظ، لكن عملوا لها مذكرة للأمن العام، وهي الجهة التي جاءت تشكو منها.. ولا زالت الحجة “أم مختار العزي” تدور في حلقة مفرغة.. فهل يستطيع المحافظ شوقي هائل ومدير الأمن علي السعيدي تحقيق أمنية هذه العجوز المسكينة وهي “أن تعرف مصير ابنها حيا أو ميتا..؟؟