بدأت الحياة، أمس تعود تدريجياً إلى مدينة رداع، بعد أن عاشت المدينة حالة من التوتر، منذ مساء الأحد الماضي، إثر مجزرة الغارة الجوية في منطقة "صرار" "قيفة" مديرية "ولد ربيع" والتي راح ضحيتها 12 شخصاً من المدنيين بينهم امرأتان. وعادت الحركة في شوارع المدينة، وفتحت المحلات التجارية أبوابها، بعد أن شهدت المدينة إضراراً شاملاً أصاب الحركة التجارية بشلل شبه كلي، بعد قيام أهالي وأسر الضحايا بالتجمع في الشارع العام، وقطعوا قطع طريق "صنعاء- البيضاء" منذ مساء الأحد، احتجاجاً على مقتل أقاربهم. وشهدت المدينة، صباح أمس الأول الاثنين، فوضى عارمة إثر قيام مجموعة من المسلحين من أقارب الضحايا بالمرور في شوارع المدينة ودعوة المواطنين لإضراب، وإجبار أصحاب المحلات التجارية على إغلاق محلاتهم، وتكسير وتخريب ممتلكات من يرفض، وفق ما أفاد الصحيفة مواطنون وتجار. وكانت وساطة قبلية مكونة من وكيل محافظة البيضاء لشئون رداع، الدكتور سنان مقبل جرعون، الذي ينتمي لقبيلة الضحايا، وعدد من المشائخ، تدخلوا لحل القضية وتحكيم أهالي الضحايا وفتح الطريق. وطلب الوكيل جرعون من أهالي الضحايا المحتجين دفن الجثث التي بدأت رائحتها تفوح، وأعطاهم "جهازه" (العسيب) مقابل ذلك: غير أن الأهالي رفضوا ذلك حتى يعرفوا موقف الدولة من مطالبهم، ثم طلب منهم نقل الجثث إلى محافظ ذمار وإيداعها في الثلاجة، وقد تم بالفعل نقل الجثث إلى ذمار عصر الاثنين. ووصل عدد من المشائخ والوجهاء والأعيان لتحكيم أهالي وأسر الضحايا من أجل فتح الطريق، على رأس أولئك المشائخ الشيخ علي صالح الطيري، والشيخ مصلح على المفلحي، والشيخ محمد ناصر الطهيف، والشيخ علي صالح أبو صريمة، والشيخ توفيق الجهمي. وسلم المشائخ 20 قطعة "آلي كلاشنكوف"، "مقواد تحكيم" (مقدمة) من الدولة، و4 ملايين و 500 ألف "ثوب قبر" طبقاً للعرف القبلي، على أن يخلي أبناء "قيفة" الشارع العام في مدينة رداع، مقابل أن تدفع الدولة ما سيحكم به أهالي الضحايا. وأكد المشايخ إدانتهم واستنكارهم لما حدث ووقوفهم صفاً واحداً إلى جانب أسر الضحايا مشيرين إلى أن القضية قضية الجميع. ونقل المشايخ اعتذار وإدانة الدولة للحادثة، موضحين أنه تم تكليفهم من قبل الحكومة لتحكيم الأهالي، مؤكدين استعدادها لتحمل كل ما يحكم به أهالي الضحايا. وطلب المشايخ من المحتجين فتح الطريق والاعتصام والاحتجاج سلمياً دون قطع الطريق وإغلاق المحلات، مؤكدين وقوفهم معهم في كل ما هو صواب، وأنهم سيقفون ضدهم على الخطأ والتخريب. من جانبه رحب متحدث باسم المحتجين بالوساطة، معتبراً القضية قضية سبع مديريات وليست قضية "قيفة" فقط، مبدئياً استعدادهم للحلول. وأوضح أن لديهم عدة مطالب سيتم تسجيلها في ورقة وتسليمها للوساطة دون أن يبين تلك المطالب، في جين أحد متحدث آخر موافقتهم على التحكيم إذا كان المشايخ يرون فيه "جمل" ورد اعتبار للأهالي والموساطة، حد تعبيره. وتعالت أصوات المتحدثين من الأهالي المحتجين بين مؤيد ومعارض للتحكيم، ما أدى إلى رفض الأهالي استلام التحكيم، بحجة أنه قليل ولم يكن بمستوى الحادثة، وقال للصحيفة مصدر قبلي إن المشايخ أكدوا أن ما قدموه ليس إلا مقدمة للتحكيم و"مقواد" يتم بعده طلب ما يرونه مناسباً والحكم بما يريدون، وأفاد المصدر بأن المشايخ أكدوا أنهم سيقفون إلى جانبهم إذا لم تف الحكومة بوعدها، غير أن الأهالي رفضوا ذلك بعد اختلافهم فيما بينهم، وطلبوا مهلة إلى مساء أمس الثلاثاء المرد على المشايخ، ما دفع المشايخ لمغادرة المكان فيما يبدو أنهم توجهوا إلى صنعاء. وتم فتح طريق "البيضاء- صنعاء" من قبل أهالي الضحايا بعد طلب وإلحاح من المشايخ والمواطنين، الذين أكدوا أن من حق الأهالي الاعتصام والاحتجاج السلمي دون قطع الطريق، ثم عاود الأهالي المحتجون ونصبوا خيمة على جانب الطريق العام أمام بوابة محكمة رداع ممر المجمع الحكومي في المدينة. وعصر أمس الثلاثاء وصل إلى خيمة الأهالي المحتجين وكيل المحافظة، الدكتور سنان جرعون، ب 100 "آلي كلاشنكوف" كتحكيم من الدولة لأسر الضحايا، إضافة إلى 15 مليون ريال "ثوب قبر" دون أن يصل معه أحد من المشايخ الذين حضروا اليوم الأول. وقدم الوكيل جرعون التحكيم، موضحاً أن القضية قضية الجميع وأنه فرض على الدولة عدداً من النقاط أبرزها التحكيم وتحقيق العدالة لأهالي الضحايا، ومخارجة هذه القضية بأفضل ما تخارج به القضايا، واعتبار الضحايا شهداء، وضمان عدم تكرار مثل هذه الحادثة, وطلب الوكيل من الأهالي رفع الخيمة ودفن الجثث، مؤكداً أنه واحد منهم وسيعمل على تنفيذ شروطهم وسيكون الغريم قبلهم وأنه لم يتعامل مع الموقف كوساطة وإنما ك "غريم". وبعد وقت طويل من المشاورات بين أقارب الضحايا تحدث أحد المحتجين قائلاً: "لا يظن أحد أن ما جئت به كثير، فهو يقتل المقتول ونعطي سيارات وبنادق وتحكيم". وأضاف أن ما جاء به الوكيل جرعون مقبول "مقواد" (مقدمة) تحكيم، كونه من أبناء القبيلة "والقضية قضيته ولن يرضى لهم بالخذلان، ولو كان شخصاً آخر لما قبلوا التحكيم". وطالب بالكشف عن "الجاسوس" الذي تسبب في الحادثة وتسليمه، ومنع تحليق الطيران في المنطقة، كونه "سيسبب مشاكل ما حد با يتخارج فيها.. كون هذه حصلت أول مرة سيتخارجون فيها، لكن إن تكررت سيتفجر الوضع"، مشيراً إلى أنهم منعوا آل الذهب وأقنعوهم بعدم تنفيذ عمليات في المنطقة. وأبدى المتحدث باسم المحتجين استعدادهم لرفع الخيمة، لكنه أكد رفضهم دفن الجثث حتى تحقيق بقية الشروط. وشهدت الخيمة فوضى ومشادة كلامية بين موافق ورافض، تم الاتفاق بعد ذلك بين الوكيل وعدد من العقال وأولياء الدم على قبول التحكيم، ورفع الخيمة ودفن الجثث غداً الخميس. المصدر: صحيفة الشارع 5/9/2012