گان يصرخ وا(ابن علوان).. فظن معذبوه أن ابن علوان أحد أفراد الخلية كان ثابت علي غالب يعمل في شركة الملاحة الوطنية في عدن فعاد إلى قريته في الأعبوس لزيارة الأهل والأحبة وحين لم يجد ولديه اللذين كانا في صنعاء قرر أن يسافر لزيارتهما على أمل أن يعود إلى القرية ومنها إلى عدن.. توجه ثابت علي صوب صنعاء وبعد أسبوع جرى اعتقاله من منزل في حي الصافية الجنوبية مع مجموعة من الشباب الذين كانوا في المنزل يوم 14/7/1978م واقتيدوا جميعاً إلى معتقل الأمن الوطني حيث الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود،.. غير أن الحاج ثابت علي الذي كان عمره يوم اعتقاله أكثر من خمسين عاماً دخل إلى المعتقل ولم يخرج إلى يومنا هذا ولا أحد يعرف مصيره، فانتظره أهله وأولاده وبناته كثيراً ومرت السنون وزوجته التي ودعته في رحلة ذهابه إلى صنعاء طال بها الانتظار المخلوط بالألم والحزن إلى أن ماتت في 2006م وعيناها ترقب الآفاق لعله يأتي من هناك أو هنا، ولم تكن زوجته وحدها التي تنتظر عودته فثمة أبناء وبنات وأخوة ظلوا كذلك , فطال الزمن ولم يرق قلب الجلاد ولم يعد ثابت علي غالب من زيارته لصنعاء بدافع أبوي خالص لا تخالطه السياسة ولا علم له بما اعتقل من أجله “المستقلة” تواصل استقصاءها لحكايات المخفيين قسراً.. أنور نعمان وهنا نتحدث مع فاروق ثابت علي غالب حول قضية اختفاء والده في اقبية الأمن الوطني سيء الذكر فتحدث قائلاً: كان والدي ثابت علي غالب يعمل في شركة الملاحة الوطنية في عدن مثل غيره من الذين كانوا يذهبون للعمل في عدن قبل الاستقلال وبعده، فعاد إلى قريتنا “ظبي” أعبوس لزيارة الأهل وقبل أن يعود إلى عدن فكر بزيارتنا أنا وشقيقي اسماعيل في صنعاء فسافر إلى صنعاء والتقينا به ومكث عندنا قرابة الأسبوع حتى مساء 14/7/1978م عندما جاء الأمن الوطني واعتقله ومن كان معه في المنزل من شباب القرية الذين يعملون في صنعاء، ولم نكن أنا وأخي ساعتها في المنزل، وقد جرى اقتياد والدي ومن معه إلى معتقل الأمن الوطني وكانت التهمة سياسية وهي الانتماء للحزب الديمقراطي الثوري. بطاقة نقابة عمالية تغيّب ثابت وعن علاقة والده بالحزب أجاب فاروق لم يكن والدي مهتماً بالسياسة ولم تكن له علاقة بها وقد جاء بغرض الزيارة إلى صنعاء ولكنهم حين اعتقلوه وجدوا في جيبه بطاقة نقابية صادرة عن الإتحاد العام لنقابة عمال اليمن الديمقراطية بحكم عمله في شركة الملاحة الوطنية في عدن ولأن والدي لا يعرف صنعاء ولا يعرف أين يمكن أن نقيم فقد اعتبروا ذلك تستراً وصموداً أمام أساليب التعذيب التي مارسوها ضده واتهموه بأنه جلب المنشورات من الجنوب وجاء لتنشيط العمل السياسي. ويواصل فاروق الحديث عن اختفاء والده قائلاً: كان والدي قد تعدى الخمسين عاماً عمره وكنت حينها في العشرين من عمري وقد شاهده بعض المعتقلين معه وعليه آثار تعذيب على ظهره وورم في الجانب الأيمن من صدره. وعن آخر مرة شاهد والده قال: التقيته في اليوم الذي سبق اعتقاله، وبعد اعتقاله كان أخي الأكبر اسماعيل هو الذي يتابع ويسأل عن والدي، وهو الذي أنفق على الأسرة بعد اختفاء الوالد لأنه كان موظفاً في البنك المركزي. وعن انقطاع أخبار والده في المعتقل أجاب فاروق أن لديه معلومات شبه مؤكدة أن والده بقي في معتقل الأمن الوطني في دار البشائر قرابة ثلاثة أشهر ثم جرى نقله إلى مكان مجهول ومنذ ذلك الحين لم نعثر له على أثر ولم يصلنا عنه خبر، وقد سألنا عنه كثيراً وتابعنا الأمن الوطني ووزارة الداخلية لكنهم أنكروا وجوده مطلقاً وأضاف أنه في عام 1981م تقدمنا بمذكرة إلى مكتب رئاسة الجمهورية حول هذا الموضوع ولم يردوا علينا وعقب الوحدة تقدمنا بمذكرة أخرى إلى مكتب نائب رئيس مجلس الرئاسة علي سالم البيض ولم يردوا علينا أيضاً. الساسة يغلقون ملفات جرائمهم وعن سر عدم رد الرئاسة بعد الوحدة قال: كانت هناك اتفاقيات سياسية تقضي بإغلاق ملفات الماضي ولا شك أنهم أغلقوا هذه الملفات ضمن تلك الاتفاقيات وقد كان الجنوب يطلب استبعاد الطغمة والشمال يطلب استبعاد حزب الوحدة الشعبية الذي توحدت فيه قوى اليسار في الشمال وكان ذلك ضمن الاتفاقيات السياسية او الصفقات السياسية. كتيبة ثورية تخترق جهاز الأمن وعن نجاته من الاعتقال مع والده وبعده يقول فاروق: لم أكن يومها في المنزل الذي اعتقل فيه والدي حيث كنت اسكن في منزل آخر في شارع العدل وبهذا المنزل كانت توجد المطبعة السرية التي كنا نطبع بها المنشورات وأنا الذي كنت أقوم بطباعتها ولو علموا ذلك لكانت خاتمتي مأساوية، وقد كان الأمن الوطني مخترقاً من خلال خلية شكلها آنذاك -عبدالوارث عبدالكريم نائب رئيس جهاز الأمن الوطني- كانت توثق معلومات عن الأمن الوطني وتحركاته وتبلغنا بها حتى نأخذ الاحتياطات اللازمة، ولاحقاً اعتقل هذا الرجل وجرى تعذيبه واخفاؤه حتى اللحظة ويضيف فاروق:بعدما اعتقلوا والدي وزملاءنا في المنزل اضطررنا لتغيير المنزل وتحولنا إلى منزل في بير عبيد وقد ساعدنا حينها العقيد محمد سفيان كليب أحد رفاق الشهيد عبدالرقيب عبدالوهاب وأحد الذين ساهموا في ملحمة السبعين وفك الحصار عن صنعاء.. وقد اعتقل العقيد محمد سفيان بعد ذلك واقتادوه ثلاث مرات إلى المقبرة لترهيبه واجباره على الاعتراف بعلاقته بالمعتقلين السياسيين ولأنهم داهموا منزله فوجدوا فيه المطبعة التي نقلت من شارع العدل.. وكان متزوجاً بامرأة من بني مطر فتحركت تطالب بالافراج عنه وذات يوم أحرقت شعرها لتستحث القبيلة بالوقوف معها وفعلاً تحرك الشيخ أحمد علي المطري وضغطوا على السلطة وافرجوا عنه. ومن باب الوفاء لذلك الرجل واعترافاً بدوره النضالي نجدها فرصة لادعو الجهات المعنية للوقوف معه في ظروفه الصحية الراهنة حيث أنه يعاني من مشاكل في العمود الفقري ويحتاج للرعاية من قبل الدولة كونه من أبطال ملحمة السبعين. زوجة ثابت ترشق مقر الأمن بالحجارة ويذكر فاروق ثابت علي أنه تعرض للاعتقال هو وشقيقه اسماعيل عام 1982م لنفس التهمة وهي الانتماء للحزب الثوري الديمقراطي وعن ملابسات هذا الاعتقال يقول أن شقيقه اسماعيل مرّ ذات يوم في الصباح وهو في طريقه إلى العمل على صديق له يدعى الأكحلي وكان معه تاكسي ليوصله معه إلى العمل وكان يسكن في الدائري وعندما جاء اسماعيل وطرق الباب اعتقلوه لأنهم كانوا في تلك اللحظة قد داهموا منزل الاكحلي واعتقلوه وبعدها جاءوا إلى المنزل واعتقلوني وفي تلك الأيام شنوا حملة اعتقالات ضد ابناء الأعبوس فكل من لقبه «العبسي» يتعرض للأعتقال واعتقلوا كل أصحاب استديوهات التصوير لأنهم كانوا يعتقدون أن أصحاب الاستديوهات شركاء في طباعة المنشورات ومنهم صاحب استديو الوحدة في شارع الزبيري وأسمه عمر عبدالكافي، اعتقلوه وسألوه لماذا سمى الاستديو بهذا الاسم. وعندما علمت الوالدة بخبر اعتقالنا جن جنونها خوفاً علينا من مصير والدي الذي لا يعرف مصيره فجاءت إلى صنعاء للمتابعة والسؤال عنا فكانت تذهب إلى بوابة الأمن الوطني تسأل وهم يتجاهلونها ويرفضون الالتفات إليها أو الاستماع لكلامها وذات يوم ذهبت (نعم محمد صالح أنعم) إلى بوابة الأمن الوطني فلم يجيبوها فغضبت وقامت برمي بوابة الأمن بالحجارة وتصرخ فيهم وتناشد غالب القمش الإفراج عن ولديها فسمحوا لها بمقابلتنا لمدة ربع ساعة تقريباً ثم تكررت المقابلات مرة كل أسبوعين إلى أن أفرجوا عنا بعد تسعة أشهر من اعتقالنا ولم تغادر والدتي صنعاء حتى افرجوا عنَّا. أما الوالد فقد انكروا وجوده لديهم وقالوا لها لا يوجد وأصروا على كلامهم، إلى أن توفيت الوالدة عام 2006م مكلومةً بعدما ظلت لسنوات طويلة تعاني من اختفاء والدي واعتقالنا وقد أصيبت بأمراض السكر وارتفاع ضغط الدم وكانت وفاتها بسبب هذه الأمراض. ولم تقتنع يوماً بأنه قد مات أو قتل، ويوم وفاتها كنت معها في منزل أخي وتذكرت والدي وبعد خروجي من عندها وأنا في الطريق اتصلوا بي أنها ماتت.. وعن دور منظمات حقوق الإنسان استعرض فاروق جهود المفوضية السامية لحقوق الإنسان حيث جاء وفد خلال الفترة 17-22 أغسطس 1998م وبذلك أخذت هذه القضية بعداً دولياً وبعد مقابلات واستطلاعات تمكنت المفوضية من توثيق “160” حالة وقد خاطبت الجهات الحكومية لكن الجهات الحكومية كان همها تحسين سجل اليمن في مجالات حقوق الإنسان وقد طلبت وزارة حقوق الإنسان من بعض الجهات تزوير شهادات وفاة وإبلاغ ذويهم بذلك بغرض تحسين صورة الحكومة أمام العالم. وزارة لتحسين وجه السلطة وعن دور المنظمات المحلية والأحزاب السياسية قال بأنها لم تفعل شيئاً لأنهم يميلون إلى الجانب السياسي على حساب الجانب الإنساني ثم أن قانون الحصانة وقانون العدالة الانتقالية جعلهم يعتمدون على العدالة التصالحية ولم يعتمدوا على العدالة القضائية وهذا خطأ وضد العدالة وما زالوا في خلاف في تحديد بداية سريان قانون العدالة الانتقالية. وعن جهودهم الذاتية قال: مازلنا نتابع وقد شكلنا رابطة المخفيين قسرياً لإبرازها كقضية عامة وقد تشكلت الرابطة في فبراير 2012م ومقرها المؤقت حالياً في مؤسسة حوار في شارع الزراعة. ولنا اتصالات داخلية وخارجية لكن هذا الأمن يحتاج لدعم مؤسسي، وقد خاطبنا الرئيس ووزير الشئون القانونية فيما يخص المخفيين قسراً وقدمنا ملاحظاتنا حول قانون العدالة الانتقالية ووعدونا بغربلة الملاحظات واستيعابها. وعن تقديره لمصير والده بعد 34 سنة من الاختفاء رد فاروق ثابت علي: نحن نعتبر الاخفاء جريمة ذات أثر مستمر لا تنتهي بالتقادم وبحسب الاتفاقية الدولية الصادرة عام 2006م بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة أن الاختفاء القسري جريمة ضد الإنسانية غير أن الحكومة اليمنية لم تصادق على ذلك. ونحن نعتبر هذه القضية أنها لم تعد شخصية ولكنها قضية عامة وإنسانية والحل الوحيد لها أن تتحقق العدالة القضائية لمعالجة مثل هذه القضايا المجتمعية والدولة مسئولة عن كشف مصير المخفيين جميعاً. شاهد عيان: شاهدت ثابت المعتقل مضرجاً بالدماء أحد المعتقلين مساء 14/7/1978م يذكر ثابت علي غالب أنه اعتقل من منزل أخر في الصافية الجنوبية عندما جاء إلى صنعاء لزيارة أولاده ضمن نفس حملة الاعتقالات التي كانت بقيادة ضابط يدعى حميد الصاحب. ويقول هذا الشاهد الذي اعتقل في نفس الليلة أنه شاهد ثابت علي غالب في معتقل الأمن الوطني عندما أعادوه من جلسة تحقيق وتعذيب إلى نفس الغرفة وقد كان ثابت علي مضرجاً بالدماء ومتورم الأقدام واحد قدميه مشقوق من أسفل وكأنه ضرب بآلة حادة وفي مقدمة رأسه يوجد شج غائر نازف وآثار تعذيب وكدمات على كامل جسمه.. ويصف هذا الشاهد حال ثابت علي بأنه كان مأساوياً مما بدا عليه من آثار التعذيب وكان لا ينطق بل يئن أنيناً ويرد على من حوله بالأنين، وعندما حاولوا اعطاءه ماء شرب أعاده فوراً من سوء حالته. ويتذكر هذا الشاهد أن جلاد السجن جاء يسأل عن ابن علوان؟ ويقصد ثابت علي وقد اتضح والكلام للشاهد أن ثابت علي الرجل الذي تعدى الخمسين من العمر كان ينادي “ألا يا ابن علوان” كلما ضرب فلم يفهم الجلاد قصده بابن علوان واعتقد أنه شخص له علاقة بالمجموعة فاستمر تعذيب ثابت علي ليكشف عن مقر ابن علوان وطبيعة المهام الموكلة إليه. وبعدها عرف الجميع المقصود بابن علوان وأنه لم يكن ضمن الحزب الثوري الديمقراطي ولكن بعد أن ساموا ثابت علي سوء العذاب ليعترف من هو أبن علوان ونشاطه وعن المنشورات التي يوزعها. ويضيف الشاهد أن تهمة ثابت علي كانت بحكم بطاقة العمل التي وجدوها في جيبه والصادرة عن نقابة عمالية في عدن فاتهموه بأنه جلب المنشورات إلى صنعاء، وكانوا يسألونه عن المكان الذي يقيم فيه ولداه اللذان جاء لزيارتهما ولأنه لا يعرف صنعاء ولا يعرف الأماكن المحتمل وجودهما فيها فقد اعتبروا ذلك تستراً فعذبوه كثيراً.. ويختتم الشاهد قوله: أن ثابت علي أُخذ في اليوم الثالث من غرفته ولم يعيدوه بعدها وانقطعت أخباره ولم يعرفوا مصيره حتى الآن فحاله كحال بقية المخفيين قسراً الذين لم تكشف السلطات عنهم. ثابت علي غالب العبسي في سطور: من مواليد 1924م في قرية ظبي أعبوس- محافظة تعز، تزوج من نعم محمد صالح أنعم وأنجبت له خمسة من الأبناء ولدان وثلاث بنات كان عمر أصغرهن عند اعتقاله 12 سنة . بدأ حياته في القرية ودرس في “الكُتاب” ولأنه أكبر اخوانه انتقل إلى عدن بحثاًَ عن عمل وهناك بدأ العمل مع شركة استاركو الملاحية أيام الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن واكتسب اللغة الانجليزية نتيجة الاحتكاك بالانجليز في الشركة، وبعد الاستقلال تحولت شركة استاركو إلى شركة الملاحة الوطنية وظل يعمل فيها إلى أن اعتقل في صنعاء في 14/7/1978م عندما سافر إلى صنعاء لزيارة أولاده، وكان عضواً في نقابة عمال جمهورية اليمن الديمقراطية آنذاك، وبعد شهرين من اعتقاله اعتبرته شركة الملاحة الوطنية منقطعاً عن العمل وأسقطت مرتباته، ولم تكن تعلم يومها أن ثابت علي غالب مخفي قسراً ولم يزل مصيره مجهولاً حتى اليوم بعد مضي 34 سنة.. تواصلوا معنا.. من أجل گشف الحقيقة لمن لديه أي معلومات أو يرغب في النشر عن قريب أو صديق أو زميل أو أي شخص من المخفيين قسراً سواء كانوا من أولئك الذين تم اعتقالهم أو اختفاؤهم في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي أو في حرب 94م أو في أثناء الثورة الشبابية السلمية2011.. نرجو التواصل على رقم: 733192772