لقاء يناقش أوضاع معامل الدباغة ومصانع الجلديات    البنك المركزي يوقف التعامل مع منشأة صرافة ويعيد التعامل مع أخرى    وزارة الاعلام: مؤسساتنا تعمل وفق الدستور ونرفض الزج بها في أي مشاريع أحادية    حصار جوي خانق.. اليمن يفقد 96% من حركته الجوية بفعل العدوان    أنابيب آبار تتحول إلى "صواريخ" في الضالع.. ونقطة أمنية تحجز عشرات الشاحنات    الأرصاد: انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة وتوقعات بتشكل الصقيع    صنعاء تشيّع الصحفي عبدالقوي الأميري في موكب رسمي وشعبي    إنتاج قياسي وتاريخي لحقل "بوهاي" النفطي الصيني في عام 2025    المهرة.. مقتل امرأة وطفلين في انفجار قنبلة يدوية داخل منزل    تقرير أممي: ثلث الأسر اليمنية تعيش حرمانًا غذائيًا حادًا    مع ضغط النزوح من حضرموت.. دعوات رسمية إلى سرعة الاستجابة لاحتياجات النازحين بمأرب    ردفان.. ذاكرة الثورة وزخم الحسم ..أضخم حشد جماهيري يزلزل ساحة العروض بعدن مطالبًا بإعلان دولة الجنوب العربي    اللجنة الوطنية للمرأة بصنعاء تكرّم باحثات "سيرة الزهراء" وتُدين الإساءة الأمريكية للقرآن الكريم    هالاند يحطم رقم كرستيانو رونالدو    سياسي عُماني يرد على الراشد: الجنوب العربي ليس "عش انفصاليين" بل إرادة شعب ودولة مؤجلة    الجنوب العربي.. حين يتحوّل الغضب السياسي إلى إنكار للجغرافيا    هيئة مستشفى ذمار تدشن مخيما مجانيا لعلاج أمراض العمود الفقري الأربعاء المقبل    مأرب.. العرادة يجتمع بالحوثيين والقاعدة لإشعال الفوضى في شبوة وحضرموت    الفرح: أطماع الرياض وأبوظبي وراء تمزيق اليمن وتقاسم نفوذه وثرواته    اليوم انطلاق كأس أمم أفريقيا    إيلون ماسك أول شخص في العالم تتجاوز ثروته ال 700 مليار دولار    صحيفة أمريكية: أمراء الخليج يتنافسون على ثروات اليمن    موقع أمريكي: مجلس النواب الأمريكي عاجز عن وقف الحرب على فنزويلا    الصحفي والقيادي الاعلامي الكبير الدكتور عبدالحفيظ النهاري    الصحفي والقيادي الاعلامي الكبير الدكتور عبدالحفيظ النهاري    شرطة أمانة العاصمة تعلن ضبط 5 متهمين آخرين في حادثة قتل رجل وزوجته بشارع خولان    بمقطع فيديو مسرب له ولشقيقاته.. عبدالكريم الشيباني ووزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار في ورطة..!    وفاة الصحفي الاميري بعد معاناة طويلة مع المرض    تحذيرات جوية من انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة    الصين تسجل نمواً مطرداً لشحن البضائع عبر السكك الحديدية في أول 11 شهرا    الحديدة: انطلاق مشروع المساعدات النقدية لأكثر من 60 ألف أسرة محتاجة    الجرح الذي يضيء    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    معلومات حول الجلطات في الشتاء وطرق الوقاية    عودة الأسعار للارتفاع يا حكومة    البنجاك سيلات يستعرض الصعوبات التي تواجه الاتحاد    تدشين صرف إعاشة أسر الشهداء والمفقودين ب 3.6 مليارات ريال    عاجل: إعلان أمريكي مرتقب يضع الإخوان المسلمين على حافة التصنيف الإرهابي    ميرسك تعبر البحر الأحمر لأول مرة منذ عامين وتدرس عودة تدريجية    مهرجان ثقافي في الجزائر يبرز غنى الموسيقى الجنوبية    أمطار شتوية غزيرة على الحديدة    الموسيقى الحية تخفف توتر حديثي الولادة داخل العناية المركزة    "المحرّمي" يُعزِّي في وفاة السفير محمد عبدالرحمن العبادي    بالتزامن مع زيادة الضحايا.. مليشيا الحوثي تخفي لقاحات "داء الكلب" من مخازن الصحة بإب    الأوبئة تتفشى في غزة مع منع دخول الأدوية والشتاء القارس    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    كأس ملك اسبانيا: تأهل اتلتيك بلباو وبيتيس لدور ال16    المغرب يتوج بطلاً لكأس العرب بانتصاره المثير على منتخب الاردن    الحرية للأستاذ أحمد النونو..    انعقاد الاجتماع الفني لبطولة مديريات محافظة تعز - 2026 برعاية بنك الكريمي    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    بين الاعتزاز والانسلاخ: نداءُ الهوية في زمن التيه    اتحاد كرة القدم يعلن استكمال تحضيراته لانطلاق دوري الدرجة الثانية    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    صباح المسيح الدجال:    مأرب.. السلطة المحلية تكرم فريق نادي السد لكرة القدم بمناسبة الصعود لدوري الدرجة الثانية    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزماميط المنفوخة
نشر في يمنات يوم 21 - 11 - 2017


صلاح السقلدي
وجدتُه في أحد مقاهي مدينة كريتر (عدن) العتيقة، بعد سنوات من الانقطاع والفرقة.. فبعد التحية والسلام وبتبادل الأسئلة عن الحال والأحوال وما بينها من عبارات المجاملات وكلمات الود، قال لي: خرجتُ اليوم لشراء هدية لابني الصغير تشجيعا له على تفوقه في الاختبارات الفصلية بمرحلة دراسته الأساسية، فماذا تقترح من هدية؟ .. قلت له: ما رأيك ببالونات، أو بالعربية نُفَّاخات، أو باللهجة العدنية العذبة "زماميط"..؟ .. وبعد ضحكة طويلة منه، قال لي: أأنت جاد..؟، ولماذا بالونات بالذات..؟ .. هل تعتقد أن الحالة صعبة إلى حد لا نقدر على شراء هدية..؟.
قلتُ له: لا أبداً، ولكن مجرد ما سألتني عن نوع الهدية التي أقترحها عليك، تذكرتُ حكاية طريفة قرأتها في صغري لأحد مفكري أوروبا، لا أتذكر أسمه، ولا أتذكر حتى اسم الحكاية بالضبط أو عنوانها، ولكن أتذكّر مضمونها والحكمة منها، وكيف أن هذا المفكر أجاب عن سؤال مشابه تماما لسؤالك، حين سأله أحد أصدقائه، سأوجزها لك بتصرف: إن من هذه الهدية – أقصد لعبة البالون – سيتعلم ابنك كيف يكون كبيراً، وكيف يسمو نحو المعالي من غير غرور ولا وزن يثقله أويهدّه.
كما سيتعلم من الخيط الرفيع الذي يمسك بطرفه، والبالون المحلّق بالفضاء بالطرف الآخر، أن هذا الخيط هو الرابط الذي يجب أن يظل يربط البالون بالأرض التي انطلق منها، وأن لا تأخذه العزة بالغرور، وأن انقطاع هذا الخيط يعني انفصاله عن محيطه ومنطلقه .. وبالتالي فالضياع هو المصير المحتوم.
سيتعلم – بعد أن يحب هذه اللعبة – ألّا يضغط عليها كثيراً ولا يخنقها، لأن من شأن ذلك أن تنفجر وتنتهي للأبد، فالحب الحقيقي تجاه من يحب هو أن يعطيه حريته ويمنحه ما يريد. و سيعلمه أن التمسك بالأشياء كثيراً إلى حد الالتصاق يؤدي إلى الاختناق، فضلا عن الملل والنفور.
سيتعلم أن التمسك بالأشياء الفانية هو منتهى الحمق والبلادة، وأن التمسك بها يجب أن يكون بحدود المعلوم ليس إلا.
سيتعلم من هذه البالونات أن المادح كالذابح، أي أن من يمدحك بشكل مبالغ فيه، وبما ليس فيك ليظفر بمصلحة شخصية منك، هو كمن يذبحك دون أن تشعر، حيث تكون المجاملة والمديح الكاذب أشبه بالنفخ الزائد في البالون، وفي النهاية سينفجر في وجهه وسيؤذي نفسه بنفسه .. وسيُخلص في الأخير إلى نتيجة مؤداها أن محتوى الأشياء يجب أن يكون صحيحا خاليا من الزيف والفراغ والمظاهر الهشة، وإن رفعته إلى العُلا ذات يوم، ولبعض الزمن.
سيتعلم من البالونات، المتعددة الأشكال والأحجام والألوان، كيف يجب عليه أن يتعامل مع كل الطيف الاجتماعي المتعدد الذي يحيط به، وكذلك يجب أن يتعلم الجميع، صغارا وكبارا، سياسيا واجتماعيا، ومفكرا أديبا وواعظا دينيا، ضرورة القبول بحتمية تعدد وتنوع أفكار وقناعات وسجايا البشر وطبائعهم المختلفة، والتعاطي معها بعقول نقية وقلوب تقية.
سيتعلم أن من يتملّكه الغرور، ويحتويه الزهو والخيلاء، بمكانة اجتماعية أو سياسية أو فكرية نالها، أو بمنصب ارتقى إليه، أو بموقع علمي أدبي سياسي اجتماعي ناله وتسيده ذات يوم، ليس أكثر من بالون منفوخ زائف، دبوس صغير أو رأس عود ثقاب كفيلٌ بأن يحطه من علي، ويفرقعه بثوان قليلة، ويجعله لا شيء.
فما أن فرغتُ من كلامي حتى بادرني والابتسامة تعلو محياه: "إذاً، العيال اليوم سيزمطوا".. وعبارته هذه لها حكاية معروفة يفهما البعض في عدن، وفي كريتر بالذات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.