تسببت الأمطار الغزيرة التي تعرضت لها العاصمة صنعاء خلال هذا الأسبوع، والتي تدفقت سيولا في إعاقة حركة السير، وألحقت أضرارا فادحة في ممتلكات المواطنين. وحولت السيول الغزيرة شوارع العاصمة إلى مجاري للسيول، أربكت حركة سير المركبات والمشاة، ومنعت طلاب المدارس من الذهاب إلى مدارسهم والعودة إلى منازلهم، وجرفت العديد من السيارات وبسطات الباعة المتجولين. وكشفت السيول عن ردأة في تصميم مجاري السيول، ونقاط ضعف عديدة في التصميم الحضري لعاصمة مهددة بالجفاف. وتمثل أبرز نقاط ضعف التصميم الحضري لأمانة العاصمة، في عدم سعة مجاري تصريف السيول من ناحية، وعدم الأخذ في الاعتبار التطرفات المناخية أثناء تصميم المجاري وفتحات تحويل السيول. كما كشفت عن افتقار أمانة لمجاري لشبكة مجاري تقوم بتصريف السيول بعيدا عن الشوارع، وخاصة الرئيسية منها، إضافة إلى ردأة تصميم الشوارع التي تتحول إلى برك لتجميع السيول. موضع أمانة العاصمة الحوضي المحاط بسلسلة جبال، يحول الرقعة الحضرية إلى مجرى كبير للسيول، حيث تنتشر شبكة مائية شجرية على الجبال المحيطة بالعاصمة، والتي تتدفق منها السيول نحو الرقعة الحضرية، المتسمة بنمط من النسيج الحضري المبعثر متشتت الاتجاهات، والذي لم يراعى في انتشاره المخططات والتصاميم الحضرية المعدة مسبقا، بسبب ضعف الرقابة الحكومية في تقييد اتجاهات النمو وقيادة اتجاهاته المرسوة في المخطط الحضري. وتتسبب السيول الجارفة في عاصمة تصنف مناخيا ضمن المناطق المدارية شبه الجافة، المعروفة بتطرفها المناخي، في جرف الغطاء الإسفلتي للشوارع، وتحويل العاصمة إلى مستنقع مائي، وهو ما يعري السلطات المحلية التي تكشف كوارث السيول عن عدم امتلاكها لمعدات طوارئ في مثل هكذا حالات، فضلا عن عدم وضوح إستراتيجية الطوائ والكوارث البيئية في موسم الأمطار لدى أمانة العاصمة، والتي يجب أن توضع وفقا للامكانات المتاحة، وهو ما يجعل السلطات تعيش حالة من العشوائية حيال تحول العاصمة إلى مجري سيلي كبير. ويفترض في مثل هذه الحالات أن يكون لدى أمانة العاصمة خطة للطوارئ والإنقاذ، تعمل على التخفيف من الأضرار الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة التي تتساقط أحيانا بشكل فجائي وبغزارة، بسبب التذبذبات المطرية، ما يرفع من حجم الخسائر المادية والبشرية. ويلاحظ أن التصاميم الحضرية للمباني تفتقر للأساس الهندسي والتخطيطي الذي يتناسب مع العوامل المناخية، حيث يتم البناء بالقرب من مجاري السيول وأقدام الجبال، فضلا عن أن اتجاهات البناء بشكل عشوائي يساهم في تأجيج المشكلة. وبينما يسير التوسع الحضري للعاصمة العاصمة بوتيرة مضطردة متناسبا مع حجم النمو السكاني للعاصمة، التي تتركز فيها المؤسسات الحكومية والخاصة الخدمية والإدارية والاقتصادية، كواحدة من عيوب المركزية المفرطة، التي تكديس كل جوانب الحياة في العاصمة، يصبح المستقبل الحضري لها يسير بخطوات متسارعة نحو ترييف العاصمة أكثر من تمدينها واستشراف أفضل التجارب الحضرية العالمية في هذا الجانب. كل ذلك ينذر بكارثة تخطيطية مستقبلية، في ظل ضعف الجانب الرقابي الرسمي، الذي يفترض أن يراقب توسع العاصمة ويضع الحلول المستقبلية لها قبل أن تتحول إلى كوارث. "فيديو"