كشف مصدر في فرع جمعية "هامر فورم" الألمانية- فرع اليمن, عن اعتزام المنظمة سحب أجهزتها ومعداتها, وإغلاق مكتبها, وتوقيف الخدمات الطبية والجراحية المجانية للمئات من الأطفال, على خلفية ما وصفه بعدم تعاون الجهات المعنية من بينها هيئة مستشفى الثورة في محافظة تعز. وقال المصدر, الذي فضل عدم ذكر اسمه, إن هيئة مستشفى الثورة وضعت أمام المنظمة الكثير من الصعوبات والعراقيل, من بينها قطع المياه, واختلاق بعض المشاكل والأعذار والحجج, وصولا الى رفض رئاسة الهيئة السماح للمنظمة إجراء العمليات الجراحية للأطفال. وأضاف: "طالبوا منا الجمعية فرض مبالغ مالية تحت مسمى قيمة كروت "المعاينة" تذهب الى حساب المستشفى؛ لكن المنظمة رفضت هذه المطالب, باعتبار أن الخدمات الطبية والجراحية المقدمة لأطفال اليمن مجانية, ولا يجوز فرض أو قبول أي مبالغ مالية من أجل الحصول على هذه الخدمات". وأفاد المصدر بأن الجمعية الألمانية تكلفت بتجهيز طابقين من مستشفى الثورة بتعز لاستقبال الأطفال الذين صعب على أسرهم التكفل بإجراء العمليات الجراحية لهم, نظراً لارتفاع تكاليف هذه العمليات, مشيراً الى أن تكلفة تجهيز الطابقين في مستشفى الثورة, وتزويدها بأحدث المعدات الطبية المختلفة, وصلت الى أكثر من 3 ملايين يورو. وقال: "نقدم هذه الخدمات مجانا, ونتكفل بدفع أجور الأطباء والاستشاريين, والخبراء الأجانب, ونعمل على توفير الخدمات التي يحتاجونها, منذ مجيئهم الى اليمن, وحتى عودتهم الى بلدانهم". وأشار الى أن المنظمة تعطي أكثر من 450 يورو لكل طبيب, أو مختص, إضافة الى مبالغ أخرى, من بينها تكاليف تذاكر السفر للخطوط الجوية اليمنية, حيث وصلت قيمة التذاكر خلال العام الماضي الى أكثر من 30 مليون ريال, من بينها تذاكر الأطفال الذين تم تسفيرهم لإجراء العمليات في الخارج, حيث كلفة بعض العمليات الجراحية, مثل عمليات القلب المفتوح, تتجاوز 40 ألف يورو. وأضاف: "كنا قد اتخذنا قرارا لنقل الموقع الى مستشفى إب, وتبين لنا صعوبة نقل الأجهزة والمعدات الى هناك, وهو ما دفع بإدارة المنظمة اعتزام نقل المنظمة الى دولة أفريقيا, كينيا, بسبب المضايقات من الجهات المعنية في اليمن". من جانبه, نفى وزير الصحة العامة والسكان, الدكتور أحمد العنسي, علمه بقرار الجمعية. وقال في اتصال أجرته "الشارع" معه مساء أمس: "لم تصلني أي معلومة حول هذا الموضوع, ولم أبلغ من أي جهة سواء المنظمة أو مستشفى الثورة في تعز". وأضاف: "كان يفترض بإدارة الجمعية إبلاغنا في الوزارة, وهم يعرفون حرصنا على تذليل الصعاب والمعوقات التي كانوا يشكون منها خلال الفترة الماضية", مشيراً الى أنه اجتمع خلال الفترة الماضية مع المنظمة وهيئة مستشفى الثورة ومحافظ محافظة تعز, وتم مناقشة كثير من المشاكل والخلافات التي حدثت بين المنظمة والمستشفى. وتابع الوزير: "أبدينا استعدادنا الكامل مثلما قلت في سبيل دعم من هذه الجمعية, بالإضافة الى أن شوقي هائل محافظة تعز, أعرب حينها عن استعداده لحل الخلافات وتقديم كافة التسهيلات والمساعدات للمنظمة". وأكد وزير الصحة العامة والسكان ضرورة التعاون مع الجمعية الألمانية من أجل الاستمرار في تقديم الخدمات الطبية والعلاجية للأطفال. وقال: "نحن لن نألو جهداً في تقديم أوجه الدعم لهذه المنظمة وغيرها من المنظمات التي تعمل على مساعدة أطفالنا وشبابنا ونسائنا وشيوخنا". من جانبه قال للصحيفة الدكتور يحيى درهم الشيخ, لرئيس هيئة مستشفى الثورة العام بتعز, إن الجمعية لم تبلغهم في رئاسة الهيئة بقرار توقيف خدماتهم الطبية والعلاجية, مشيراً الى أن مثل هكذا قرار يعود في الأول والأخير للمنظمة, وليس لرئاسة المستشفى. وأعرب الدكتور الشيخ عن استغرابه للقول بأنهم تسببوا في إعاقة عمل الجمعية من خلال وضع الصعوبات والعراقيل, وبعض المطالب التي وصفها بغير الصحيحة. وقال: "كل ما طلبناه منهم هو تجديد الاتفاقية فقط, وتأجيل وصول الأطباء والكوادر الأجنبة منتصف ديسمبر القادم, بسبب عدم جاهزيتنا لاستقبال الآلاف من الموطنين الطالبين للخدمات الطبية والجراحية المقدمة من هذه الجمعية, وبعد أن وجدنا إصرار المقدمة من هذه الجمعية على عدم تأجيل المواعد أبدينا موافقتنا, ووجهنا الجهات المعنية باتخاذ كل التدابير والإجراءات اللازمة". وعن اعتراض المستشفى, لتأجيل موعد وصول الأطباء والخبراء والاستشاريين الأجانب في منتصف الشهر القادم, قال الشيخ: "يصل عدد طالبي هذه الخدمات الى الآلاف من المرضى, وتحدث الكثير من أعمال النهب والنصب والابتزاز لهؤلاء الموطنين من قبل مرتزقة وضعفاء نفوس". وأضاف: "نحن نحاول حاولنا إيصال رسالة عبر مختلف الطرق والوسائل للمواطنين لتوخي الحذر وعدم التجاوب مع مطالب من يقدمون أنفسهم أنهم موظفون في المستشفى وباستطاعتهم تقديم العون والمساعدة لهم وإدخالهم الى غرف العمليات والمعاينة؛ ولكن دون جدوى", مشيراً الى أن كثيرا من القضايا حدثت خلال الفترة الماضية تحت مثل هذه المسميات. وقال: "مثل هكذا قرار أنا لا أتحمله بمفردي, ومجلس الإدارة هو من يتحمل هذه القرارات, وفي المقابل فإننا اتفقنا خلال لقائنا بالأخ المحافظ خلال اليومين الماضيين على استقبال طالبي الخدمات الطبية والعلاجية منتصف الشهر القادم". وقال رئيس هيئة مستشفى الثورة: "ندفع أكثر من 800 ألف ريال تكاليف وحوافز مادية للأطباء اليمنيين المشاركين والمتعاونين مع الفريق الزائر", مشيراً الى أن عملية الصرف تتم بطريقة مخالفة للقانون, وأنه لا يوجد بند لديهم في المستشفى يستطيعون من خلاله استمرار صرف هذه المكافآت والحوافز المالية. غير ان المصدر في الجمعية الألمانية قال: "يتم فرض مبالغ مالية من قبل هيئة مستشفى الثورة العام بتعز, مقابل الحصول على الخدمات العلاجية التي تقدمها الجمعية", مبيناً أن المواطن يدفع بسند رسمي للمستشفى مبلغ 10 الأف ريال لكل عملية جراحية, ومبلغ 500 ريال كمعاينة. واوضح أن إجمالي عدد الأشخاص الذين يقابلون الفريق الطبي الزائر أكثر من 3000 شخص, ويتم إلزامهم بدفع 500 ريال على كل معاينة, فيما يبلغ عدد العمليات الجراحية خلال كل زيارة للفريق الطبي الأجنبي أكثر من 207 عمليات, بواقع 10000 ريال لكل عملية. وكان الدكتور على الزخمي, مدير فرع جمعية "هامر فورم" الألمانية في اليمن, قال في تصريح سابق إن "الجمعية التي تعمل في تعز منذ أكثر من 15 عاماً, كان لديها طموح كبير ومازال, ولكن هذا الطموح يصطدم بالواقع, وكلما أردنا أن نغير شيئاً أو تحسين أداء مستشفى الثورة بتعز بحسب الاتفاق مع السلطات المحلية المتعاقدة, نجد العراقيل أمامنا, الى درجة التفكير بالرحيل عن تعز؛ لكن نصطدم بالكم الهائل من الأطفال الذين ينتظرون قدوم البعثات". ودعا الزخمي الجهات المختصة افي وزارة الصحة العامة وحكومة الوفاق الوطني والسلطة المحلية الى الوقوف أمام الوضع بجدية وبعين الرحمة للأطفال, للمساعدة في انتشال مستشفى الثورة بتعز من وضعه الراهن.