طه العامري النقد للظواهر السلبية في المجتمع وفي المرافق العامة، أصبح "خيانة" تستوجب عقاب الناقد..؟! ثقافة تتسع وتترسخ، وتكاد تفرض قانونها، وتصبح ذات قدسية..! نقد " الفساد" ، والتشهير ب"الفاسدين" أصبح بنظر "الفاسدين" ورعاتهم، جريمة يعاقب عليها قانون "الفاسدين"..! فإذا كان نقد "الفساد والفاسدين" يندرج في سياق "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، فهذا يعني أن علينا إسقاط هذا الأمر " الإلهي" الذي ذهب في سبيله شهداء، من اهل العلم والمعرفة، وأهل الحل والعقد، وحملة مشاعل التنوير، منذ فجر الإسلام وحتى اليوم..! المؤسف أن" الأنظمة العلمانية "التي تحكم بالقوانين الوضعية، وليس ب" شريعة الله "، وتطبق قوانين الديمقراطية، وليس بأمر الله القائل " وأمرهم شوري بينهم "..! الأنظمة التي تطبق قوانين البشر، تمنح مواطنيها مساحة من حرية الرأي والتعبير، وتكفل لهم حرية النقد، وكشف الظواهر السلبية في المجتمع، والتشهير بأي مسئول فاسد، أو راعي للفاسدين، وتكفل" للصحفي" الحرية في تأدية رسالته المهنية في خدمة وطنه وشعبه وأمته، وتمنحه "الحصانة" فأن أخطاء فهناك جهات قانونية تحاسبه على أخطائه، دون إهانة أو تكفير، أو تخوين، أو التهديد سرا وعلانية، هذا يحدث في الأنظمة العلمانية وفي دول غالبيتها حسب توصيفنا وتصنيفنا "كافرة" لا تدين بدين " الإسلام "..؟! بالمقابل فأن الأنظمة التي "تزعم" إنها " أنظمة إسلامية"، وإنها تحكم ب" شريعة الإسلام" وأنها تطبق تعاليم الله والدين وسنة الرسول المصطفى_ صلوات الله وسلامه عليه _ فأن فيها نقد أي مسئول "كفر" و"خيانة" وفعل يعد رجسا من" عمل الشيطان "..! يحدث هذا أن كان النقد موجه لمجرد مسئول يعد في مرتبة مرافق درجة خامسة" للمسئولين الكبار" الذين يعمل الفاسدين الصغار لصالحهم..! طبعا في بلاد ينتشر فيها " الفساد والفاسدين" وتجد فيها الكل يتحدث عن "الفساد" والكل يدعو لمكافحته، والكل يتبراء منه، بما فيهم" الفاسدين" الذين يلعنون "الفساد والفاسدين"، تجد نفسك في حيرة وتيه، تتسائل عن سبب الفساد؟ ومنهم الفاسدين؟ ان كان الكل يتحدث عنه؟ والكل يتبراء منه؟ فمن هو الفاسد إذا..؟! من هو الفاسد، أن كان من ينتقده، يصبح" خائن، وعميل، ومرتزق، ومع العدوان"..؟! أن " مقال" أو" خبر "أو حتى مجرد تعليق على منشور في شبكات التواصل، أو "بوست" في هذه التطبيقات الاجتماعية، في كنف "سلطة" سياسية يزعم القائمين عليها انهم ي"حكمون بشرع الله" كافٍ بأن يؤدي "الكاتب" سوا كان مجرد ناشطا هاويا، أو" كاتب "محترف ، خلف" الشمس " كما يقال، بتهم جاهزة، تفصل لكل " كاتب" حسب جديته ومصداقيته، وتأثير ما يكتبه على الرأي العام، وحسب رد الفعل الشعبي، على ما يكتبه أيضا..! فتهم "الخيانة، والعمالة، والإرتزاق، ومساندة العدوان" كفيلة بأن تدخل صاحبها دهاليز السجون، والجرجرة في المحاكم، وإنزال أقصى العقوبات بحقه، فيما ترويكا "الفاسدين" تتلذذ، وتمدد ولا تبالي، مع كل "ناقد لفسادهم" يزج به في السجون، وأملهم أن يكون الداخل للسجن أخر ناقد لهم، لأن ما تلقاه منهم ومن رعاتهم_ حسب اعتقادهم _ كفيلا بأن يردع البقية، الذين سوف يرتدعون ويخافون، ليدعو اباطرة الفساد يؤغلون في فسادهم، دون أعتراض، ومن يجرؤ على اعتراضهم، أن كان كل من ينتقدهم مصيره السجن وعلى" الطريقة الإسلامية"، وبموجب أحكام " قضائية" نافذة..؟! في واقع هذا حاله، وهذه طقوسه وتصرفاته، عليك أن تدرك أن "الفساد" ليس مجرد ظاهرة عابرة، ولا محصور في أشخاص بذاتهم، لأنه لو كان الأمر كذلك، لتم التعامل مع كل "مقال، أو منشور" أو حتى "بوست عن الفساد" من قبل الجهات المعنية، التي واجبها ومهمتها،يفرض عليها أعتبار كل ما ينشر باعتباره بلاغا لها، وعليها أن تطبق القانون بحق المتهمين ، لا ان تأخذ " الكاتب" _المفترض أن يكون هو المبلغ، وشاهد ملك، على ما كتب وضد من كتب _بدلا من مطاردة" الكاتب أو المبلغ" وتحوله الي خصم وتطبق عليه قوانينها بدلا من أن تطبقها ضد "الفاسدين "..؟! يعلمنا التاريخ أن "بني العباس" الذين حاربوا "بني أمية" وعملوا على "شيطنتهم وشيطنة عهدهم" حين تولوا "السلطة" مارسوا من السلوكيات البشعة ما تخجل منه "بني أمية"..؟! وحالنا _اليوم _ فيما يتعلق ب ظواهر " الفساد والإفساد" ربما أسوأ مما كان عليه الحال الذي ثار ضده حكام اليوم..؟! بل قد يكون اليوم حالنا أسوأ، بعد أن أصبح "العدوان، ودول العدوان "شماعة يعلق عليها" الفاسدين" ليس أخطائهم وحسب، بل و"رقاب" كل من ينتقدهم، مع أن المعروف شرعيا وقانونيا، وأخلاقيا، وإنسانيا، ووطنيا، أن "الفاسد" في زمن الحرب والعدوان على بلاده وشعبه ودولته، يستحق "الشنق" لمجرد الشبهة بفساده، وليس مطاردة ومحاكمة وسجن، من ينتقد الفساد والفاسدين..؟! ويزداد الأمر أهمية في مواجهة هذه الظاهرة السلبية، حين يكون الخطاب السياسي مغلف بقيم وأخلاقيات الإسلام ومبادئه وتعاليمه، وتعاليم الرسول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه..! لأن من" العيب أن ننهي عن منكر، ونمارسه"..! وهنا اجدني اتذكر مقولة الصحابي الجليل "أبي ذر الغفاري" رضوان الله عليه الذي قال " اللهم ألعن الأمرين بالمعروف التاركين له، الناهيين عن المنكر المرتكبين له".! أن "مكافحة الفساد" وكف" أذى الفاسدين" ليس مجرد واجب وطني وأخلاقي وإنساني، بل واجب ديني قبل كل ذلك وهو " فرض عين" وأعظم "الجهاد جهاد النفس". والمسئول الذي يؤدي الأمانة مع مخالفة هوآه، هو أقرب َلله سبحانه وتعالى، من أولئك الذين يطيعون هواهم.. ختاما يقول الله سبحانه وتعالى" وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم" ويضيف سبحانه وتعالى "وأحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما انزل الله إليك ".. صدق الله العظيم. اللهم اني بلغت.. اللهم فأشهد.. اللهم نجينا من غضب الفاسدين وحقدهم وجنون انتقامهم.. اللهم أمين. من حائط الكاتب على الفيسبوك