بن حبتور يزور أضرحة الرئيس الصماد والرهوي ورفاقه الوزراء والغماري    وزارة الشباب والرياضة تمنح نادي التعاون بحضرموت الاعتراف النهائي    خامس حالة خلال أسبوع.. شاب ينهي حياته في إب وسط تردي الأوضاع المعيشية    الذهب يتراجع وسط تفاؤل بشأن اتفاق تجاري بين أمريكا والصين    محافظ عمران يناقش دعم اطباء بلا حدود لمستشفى خمر    وقفة مسلحة ومسير لخريجي دفعة الشهيد الغماري في ريف البيضاء    وزير التربية يدلي بتوجيه هام!    التعليم العالي تعلن بدء تحويل مستحقات الرسوم الدراسية للطلاب المبتعثين    تنظيم دورة تدريبية لأطباء زوايا التثقيف الصحي حول الرسائل الأساسية لصحة الأم والطفل    تدشين مساعدات ل800 اسرة في جزيرة كمران    دراسة حديثة تكشف فظائع للسجائر الإلكترونية بالرئتين    اللواء بن بريك يفتح بوابة حضرموت نحو وحدة الصف الجنوبي    الشتاء يبدأ مبكرًا في اليمن.. تقلص الامطار والحرارة تلامس 3 درجات في بعض المناطق    الجميع يخافون من إسرائيل، والكل في خدمة إسرائيل    فشل وساطة العليمي بين قيادة الهضبة وسلطة حضرموت    الشعب الجنوبي أمام خيار التصعيد لإنهاء عبث المنظومة الحاكمة    فقد بوصلته: الحلف أصبح أداة بيد عمرو بن حبريش وحاشيته    مصر التي رفضت تهجير الفلسطينيين لا يجوز أن تهجّر أقباطها الذين سكنوها قبل الغزو السلفي    لصوص يسرقون ألفي قطعة نقدية من متحف فرنسي    مناقشة التحضيرات لإقامة معرض "صُنع في اليمن"    كيف تجاوز الكيان مرحلة التطبيع مع العرب؟    من أبرز سمات القائد الغماري.. "الصبر والمبادرة"    فعالية لمؤسسة موانئ البحر الأحمر والهيئة العامة للشؤون البحرية بالذكرى السنوية للشهيد    وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن "18"    المهندسة لجين الوزير ل 26 سبتمبر: نجاح الأوطان يبدأ من الحقل والمزرعة    من السيادة والتحرير إلى التغيير الجذري.. الجاوي ينتقد الوعود الفارغة ويحذر من تكرار الفشل    وداعا أبا اهشم    الخبير والمحلل الاقتصادي سليم الجعدبي ل "26سبتمبر" : هناك حرب وجودية شاملة تستهدف اليمن تحت ستار "الإغاثة" و"التنمية"    مرض الفشل الكلوي (25)    السعودية تدعم قوات غير نظامية في حضرموت بآليات عسكرية    نجح في كسر العقدة الكتالونية.. الريال يبتعد بصدارة الليغا بعد فوزه على البرسا    عن ظاهرة الكذب الجماعي في وسائل التواصل الاجتماعي    بعد 3 أيام من إيقاف التعامل معها.. جمعية الصرافين تعمِّم بإعادة التعامل مع شركة صرافة    المنتخب الأولمبي يبدأ معسكره الداخلي استعدادًا لكأس الخليج    عندما تتحول الأغنية جريمة.. كيف قضى روفلات القومية على أحلام عدن؟    فوضى موانئ الحديدة تكشف صراع أجنحة الحوثي على تجارة القمح وابتزاز التجار    دوري ابطال افريقيا: تعادل بيراميدز امام التأمين الاثيوبي    الدوري الانجليزي:مانشستر سيتي يسقط أمام أستون فيلا وآرسنال يبتعد بالصدارة    قراءة تحليلية لنص "أنتم العظماء لا هم" ل"أحمد سيف حاشد"    تجاوزات عمر عصر تهز سمعة بطل مصر في تنس الطاولة    بدء منافسات البطولة التأسيسية الأولى للدارتس المفتوحة بعدن    ايران تطور إسفنجة نانوية مبتكرة لجراحات الأسنان    الأرصاد ينبه من الأجواء الباردة والباردة نسبياً على المرتفعات    الرئيس الزُبيدي يعزي في وفاة الفريق الركن علي قائد صالح    مصر تتسلم من روسيا وعاء ضغط المفاعل النووي الأول بمحطة الضبعة    عدن في ظلام الفساد: سرقة وقود الكهرباء تُجوع المدينة وتسرق نوم أبنائها    #حتى_عري    برشلونة مثقل بالغيابات.. وهجوم الريال كامل العدد في الكلاسيكو اليوم    الصحة العالمية تعلن عن ضحايا جدد لفيروس شلل الاطفال وتؤكد انه يشكل تهديدا حقيقيا في اليمن    قراءة تحليلية لنص "سيل حميد" ل"أحمد سيف حاشد"    عدن: بين سل الفساد ومناطقية الجرب    الأوقاف تحدد 30 رجب أخر موعد للتسجيل في موسم الحج للعام 1447ه    معظمها في مناطق المليشيا.. الصحة العالمية تسجل 29 إصابة بشلل الأطفال منذ بداية العام    الخائن معمر الإرياني يختلس 500 مليون ريال شهرياً    قراءة تحليلية لنص "أمِّي تشكِّلُ وجدانَنَا الأول" ل"أحمد سيف حاشد"    فلاحين بسطاء في سجون الحقد الأعمى    الآن حصحص الحق    نقيب الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين : النقابة جاهزة لتقديم كل طاقاتها لحماية عدن وبيئتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن وثمن اللاحرب واللاسلم .. خذو العبرة من حرب ال12 يوم..!!
نشر في يمنات يوم 26 - 06 - 2025


عادل السياغي
مقدِّمة الانهيار
إذا كان الخراب وجهاً، فإن اليمن اليوم هو الملامح الأكثر وضوحاً فيه: بلدٌ قُدِّم على موائد الطموح الشخصي والتجاذب الإقليمي حتى صار 19.5 مليون إنسان فيه من أصل 30 مليون يعتمدون على المساعدات، وأكثر من سبعة عشر مليوناً يواجهون انعداماً حادّاً في الأمن الغذائي، بينما يتقلّص دخل الدولة ويُشفَط احتياطيّها النقدي كأنّه حفرة لا قعر لها.
الحوثيّون «أنصار الله»
حوّل الحوثيّون مناطق سيطرتهم إلى شركة جباية مسلّحة: ضرائب استثنائيّة على التجّار وزكاة بالإكراه في ظل ركود اقتصادي ، تمرير حمولات الوقود في السوق السوداء، وتسييس الإغاثة لتكريس الولاء. ففي كانون الثاني/يناير 2025 اعتقلوا سبعة موظّفين أمميّين إضافيين، ما دفع الأمم المتّحدة لتعليق تحرّكاتها في صنعاء. بهذا السلوك يطعن الحوثيّون شريان الحياة الوحيد الباقي لملايين النازحين ويجعلون الجوع سلاحاً تفاوضيّاً.
الحكومة المعترف بها دوليّاً ما يوصف ب(مجلس القيادة الرئاسي)
في عدن، يقبع قادة السلطة الشرعيّة على فَوْهَة خزينة مثقوبة: توقَّف صرف الرواتب لقطاعات واسعة، وتحوّل ملفّ النفط إلى مزاد نفوذ بين الوزارات المتناحرة. الفساد صار علنيّاً؛ قوائم سفر وفنادق خمس نجوم ونثريات بالدولار، بينما الجندي على الجبهة بلا مؤن ولا ذخيرة، والمواطن في تعز يحشو الخبز اليابس بماء شحيح كي ينام أبناؤه. بهذا العجز الصارخ، تثبّت الحكومة صورة «الشرعيّة الورقيّة» التي فقدت القدرة الأخلاقيّة على مطالبة العالم بالمساندة.
المجلس الانتقالي الجنوبي
أما الانتقالي فحوّل «القضية الجنوبية» إلى دفتر شروط يفتحه ويغلقه متى ما استدعت الحروب الصغيرة رفع أسهمه السياسية. اقتتال فصائل الأمن في عدن على العائدات الجمركيّة والموانئ يعيد إنتاج مشهد الحرب الأهلية المصغّرة ويقضي على أي إمكانية لإعادة بناء مؤسّسات الدولة في الجنوب. كلما طفا نزاعٌ داخلي ضُربت بنيةٌ تحتيّة أو أُغلِق طريق، فينكفئ المستثمرون ويُسرَّح العمال.
التحالف السعودي – الإماراتي
سنوات من الضربات الجوّيّة والحصار البحري جعلت الاقتصاد اليمني يترنّح؛ منع دخول الوقود والأدوية الإ لمن ارادو من الشركاء المتنفذين شلّ المستشفيات وجعل كل شيئ يصل اليمن اما صناعة رديئة او منتهي الصلاحية ، ونقل البنك المركزي إلى عدن أطلق سباقاً جنونيّاً في سعر الريال. الأخطر أنّ التحالف، وهو يدّعي حماية الشرعيّة، قسّم ساحلَي اليمن إلى مناطق نفوذ تنافسية: موانئ في المخا والمكلا سُلّمت إلى شركات إماراتيّة بنظام امتيازات طويل الأمد، بينما عدن تغرق في الظلام لأيام .
إيران وتحالفاتها
طهران تتعامل مع اليمن كحقل تجارب للصواريخ والطائرات المسيَّرة؛ تسلِّح الحوثيين لابتزاز السعودية والولايات المتحدة لكنها، حين دقّ ناقوس مواجهة مباشرة مع إسرائيل في يونيو 2025، لم تجد بدّاً من تقليص خطوط الإمداد عبر بحر العرب لتأمين جبهتها الداخليّة. هكذا يتبدّى اليمن مجرّد ورقة مساومة إقليمية لا أكثر.
ثمن «اللا حرب واللا سلم»
منذ هدنة 2022 الميتة سريريّاً، تحوَّلت البلاد إلى أرخبيل من خطوط تماسّ ثابتة: لا معارك تُحسم ولا تسوية تُوقَّع. في هذا الفراغ تكاثر «أمراء الحرب» وتجّار الوقود والسلاح؛ نهبت الجماعات المحلية إيرادات الموانئ والضرائب والزكاة ، وتضاعف تهريب الحشيش والحبوب المخدِّرة. المدارس تحوّلت إلى ثكنات أو مخازن إغاثة، والمستشفيات تفتقر حتى للمحلول الوريدي.
المجتمع المنهَك
النتيجة أنّ اليمني بات يُقايِض لقمته بكرامته. تضاعفت نسبة الزواج المبكّر، وارتفعت معدّلات الانتحار، وانتشر تجنيد الأطفال بوصفه «فرصة عمل» لمن فقد أبسط مقوّمات العيش. هذا الانهيار البنيوي أخطر من القصف؛ فهو ينسف العقد الاجتماعي ويزرع جوعاً متوارثاً لن يندمل حتى لو توقفت الحرب غداً.
درس حرب ال12 يوماً بين إيران وإسرائيل
في أقلّ من أسبوعين، تلاقى خصمان إقليميّان مسلّحان نوويّاً على قمّة تصعيد حادّ، ثم انفرط عقد المعركة تحت ضغط الخسائر الثقيلة والعزلة الدوليّة، ليتوصّلا إلى وقف إطلاق نار في 24 يونيو 2025. رغم سقوط مئات القتلى في إيران، من بينهم أكثر من عشرين قائداً عسكريّاً رفيعاً، ورغم الهجمات الصاروخيّة الإيرانية التي طالت مستشفى سوروكا في بئر السبع، فقد أُغلِق الملف عسكريّاً سريعاً لأن طرفيه يعرفان أن استنزافاً طويل الأمد سيقضم قدرتهما الاستراتيجية.
المفارقة أنّ حرباً بهذه الضراوة انتهت في اثني عشر يوماً، بينما اليمنيون محاصرون في جحيمٍ بلا توقيت نهاية. الدرس الصارخ هنا: طول أمد النزاع ليس دليلاً على توازن ردع، بل على غياب إرادة الحسم واستسهال الاتجار بمعاناة المدنيّين.
خاتمة ومحاكمةٌ أخلاقية
لا يحتاج اليمن إلى مبعوث أممي جديد ولا إلى هدنة بالقطّارة؛ يحتاج إلى محكمة تاريخيّة تُدين كلَّ من حوّل اليمنيّين إلى رهائن جوع. الحوثي، والحكومة، والانتقالي، والتحالف، وإيران—all of the above—يجب أن يُسلَّموا إلى مواجهة شعبية تُرفَع معها الحصانة السياسية والعسكرية. أمّا المجتمع الدولي الذي اكتفى ببيانات القلق، فعليه واجب أخلاقي بإنشاء ممرّ إنساني محميّ بالقانون الدولي، لا بالصفقات المشبوهة. إن لم يحدث ذلك، فلن تُذكَر اليمن بوصفها «الدولة الفاشلة» وحسب، بل بوصفها جريمة متعدّدة الجنسيات ارتُكبت على الهواء مباشرة، بينما العالم يصفّق لمسرحية أخرى تدوم اثني عشر يوماً ثم يُسدل الستار.
الخلاصة
عندما تُختَزَل دماء شعبٍ في صفقات نفطٍ و«ترندات» تفاوضيّة، يصبح الجوع أبلغ من كلّ بيان. واليمن، بفضل « شركاء الدمار » كلّهم، صار الدليل الحي على أن الحرب ليست دائماً نقيض السلم؛ أحياناً يكون غياب الحرب المنظَّمة أسوأ بكثير من اندلاعها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.