ثمة عوامل تهدد السلم والوئام الإجتماعي وهناك حتماً قوىً هي المستفيدة من إنهيار تلك المجتمعات وهي نفسها القوى التي تظل تغذي تلك النعرات مستخدمةً كل ما أوتيت من قوة ودهاء لتتفسخ المجتمعات لتظل هي القوة المسيطرة على كل شيء.. مديرية الحجيلة بمحافظة الحديدة حيث لا صوت إلا للرصاص... هناك شطين ترى في أحدهما وجوهٌ كالحة غرقت بِسُمرتها الممتزجة بلون القهر المطل من عيون سكانها,, وشطٌ آخر يرى من فيه أنهم الأقوى وله حق البقاء ... الأخير يختال ببنادق تتصاعد من فوهاتها دخان الموت وآخرين تمترسوا فوق أسطح المباني في إستعراضٍ ساخر للقوة رصاصهم طال اللاشيء.... تناثرت شظايا مبنىً قديمٍ متهالك فوق رؤوس من تحته وأعلن القادم من جبال حراز أنه السيد على هذه الأرض ليضيف من أتى بأولئك المدججون تشظياً جديداً لهذا المجتمع المسالم ويُعلَنَ على تلك الأرض إنتصارٌ آخر للقوة وسحقٌ جديدٌ للإنسانيةِ والعدالة.. المنتصف تخترق حقول النار وتكشف ما يجري خلف أسوار الحصار المطبق على مركز عبال بمديرية الحجيلة.. أطلق عشرات المسلحون الرصاص الحي على سوق القات المحاذي لمدخل لمركز عبال بمديرية الحجيلة الأحد في الأسبوع قبل الماضي مما أدى إلى إخلائه بينما حاصر آخرون مداخل المديرية وقطعوا الطريق الذي يربطها مع محافظة الحديدة من الشمال ومحافظة ذمار من جهة الشرق. و قام العشرات منهم بدوريات في تلك الشوارع كما قاموا بعمل متارس لهم في جوانب الطرق هذا وانقطعت الحركة من مساء الأحد إلى عصر الاثنين. و قال شهود عيان أن مسلحون يتبعون الشيخ نبيل عبد بشر أمين عام المجلس المحلي بمديرية حراز قاموا بالهجوم على المديرية وظل العشرات منهم يتوافدون إليها بعد توارد أنباء عن حشود قبيلة القحرة بمديرية باجل لرد الهجوم الذي قام بهم مسلحوا حراز . اشتباكات سببها أطفال تطابقت أقوال العشرات من شهود العيان في مديرية عبال أن طفلين تشاجرا ظهر الأحد في سوق القات أحدهما من حراز ويسكن مع أسرته في مديرية عبال الأمر الذي أغضب والد الطفل الحرازي وحاول طعنه بجنبيته وبعد فض النزاع بينهما قام أحد أقاربه بإطلاق الرصاص من مسدسه نحوه ولم يُفِد الشهود حدوث أي إصابات له كما أقسم بأنه لن يسمح له بالعودة إلى العمل في سوق القات إلى على جثته بحسب الشهود، إلا أن الأمور تطورت إثر عودة والد الطفل (العبالي) بعد دقائق وإطلاقه الرصاص ما أدى إلى إصابة من أطلق الرصاص في بادئ الأمر بإصابة طفيفة في يده وانتهت الأمور ساعتها بتهدئة الطرفين ما أحدث انقساماً حاداً بين الموجودين في السوق ومرتاديه.. وانتهى العمل في السوق بحالة توتر شديد وانقسام الموجودين في السوق إلى قسمين.. و أكدت المصادر أن عشرات المسلحين بدأوا بالتوافد والتمترس على أسطح المباني وأوضحت المؤشرات أن الوضع على وشك الانفجار. الأمور تحت السيطرة .. لا حيلة لدي!!!!! حاولت "المنتصف" معرفة حقيقة الوضع الأمني من العقيد حسين الحوائجي مدير أمن مديرية الحجيلة الذي أكد أن لا حشود لمجاميع مسلحة وأنه جنوده يتمركزون في مداخل المديرية وأن ما ورد عن مسلحين دخلوا المديرية إشاعات لا أساس لها وأن الأمور تحت السيطرة على حد قوله حرفياً مساء الأحد !!! إلا أن ذلك قد تغير تماماً في لقاءٍ معه عصر الاثنين بغرفةٍ منزوية جوار بوابة أمن المديرية حيث تحدث أن عدم توفير أمن المحافظة تعزيزات مساء الأحد هو ما أدى إلى عدم سيطرته على المداخل واستطرد بقوله أن الانفلات الأمني ليس بجديداً على المديرية حيث أن أهالي المديرية لا يطرقون باب قسم الشرطة إلا في الحالات النادرة وغالباً ما يقوم مشائخ الطرفين بحل قضايا رعاياهم (في إشارةٍ إلى أهالي حراز وسكان عبال). و أضاف أن الوضع المرشح للانفجار و سينتهي بتواصل الشيخين نبيل عبده بشر والشيخ محمد امزرية الذي يمثله نجله الشيخ إبراهيم. و تابع: أن السبب في ذلك مكتب ضرائب القات الذي طلب من مندوبه بالمديرية الإستفادة من معرفة الشيخ عبدالكريم امزرية بكبار تجار القات وهو ما أثار نعرة أصحاب حراز وامتناعهم عن دفع رسوم ضرائب القات وأنهم طلبوا بسط يد الأمن على المتخلفين عن الدفع إلا أنه أضاف أنه في وضعه هذا لن يستطيع ضبط الممتنعين عن سداد الضريبة . وأشار أنه استطاع الحصول على اتفاق صلحٍ مبدئي بإنهاء المظاهر المسلحة من قبل أتباع أمين عام مديرية حراز نبيل عبده بشر وأنه التزم بذلك ورفع مسلحيه وهو العكس تماماً كما أوضح له مراسل "المنتصف" أن العشرات ما زالوا في مفترقات الشارع الرئيسي بالمديرية الأمر الذي جعله يعاود الاتصال بعبده بشر متسائلاً عن سبب تأخره عن الوصول بحسب الموعد الذي حدد عصر أمس الإثنين وعلل الأخير سبب تأخره أن إنعدام البترول حال دون وصوله في الموعد المحدد إلا أنه وعد بأنه سيصل فجر الثلاثاء كما التزم برفع المظاهر المسلحة لأتباعه إلا أنه هدد بأنهم سيعاودن تمركزهم حال حدوث أي بادرة إعتداء من الطرف الآخر. المدير الحوائجي أفصح عن قناعته بسمو أخلاق بشر ومدى تحمله لمسئولية ما يجري إلا أن إتصالاً قطع عليه ثناؤه على بشر أفاد بأن حسن محمد علي سعيد أمين عام مديرية عبال برفقة مسلحين قاموا بالاعتداء عليه وأخذ ما معه.. "المنتصف" بعد مغادرتها لقسم شرطة عبال توجهت لمنزل الأخير في أطراف المديرية الذي كان في إستقبالها مما يكشف أن الإدعاء بأن أمين محلي عبال نصب قطاعاً ونهب آخرين ما هو إلا حُجةً يتذرع بها نبيل بشر للإبقاء على مسلحيه. كما أدى إطلاق النار على المباني المحيطة بسوق قات مركز عبال إلى إصابة ثلاثة أشخاص بإصابات طفيفة جراء سقوط شظايا من المباني عليهم. لقاءات متوجسة تحت فوهات البنادق تحدث مدير الأمن في لقاء "المنتصف" معه أن الشيخين نبيل عبده بشر وابراهيم امزريه قررا اللقاء وحل كافة الخصومات بين رعاياهما وإبداءً لحسن النوايا أكد "بشر" أنه وجه برفع كافة المظاهر المسلحة إلا أنه أوجد لنفسه ذريعةً للتخلص من كافة التزاماته وأتبع ذلك باعتذاره عن الحضور يوم الأحد للقاء قرينه "امزرية" بحجة أزمة الوقود وأنه سيحضر فجر الاثنين هذا وأوضح مدير أمن الحجيلة أن بشر رفض دخول مديرية باجل إلا بكافة مرافقيه المسلحين وأن هناك من يُضْمِر له سوء النية بعد السماح له بتجاوز النقطة بثلاثة مسلحين فقط وكانت تلك ذريعته بحسب مدير أمن المديرية إلا أنه أكد أن لقاءً سيتم بينهما لاحقاً لم يتحدد موعده ومكانه. و أكدت مصادر في المديرية أن لقاءً آخر عقد بين المذكورين في مركز المديرية سبت هذا الأسبوع وأسفر عن عدة نقاط أبرزها أن على كلاً من الشيخين جمع قضايا رعاياهما وأن يلتقيا لاحقاً لحل القضايا التي تأكد حقيقتها وأن يقوم مكلف ضرائب القات بتحصيلها دون تدخل أياً من الشيخين والشرط الأخير أطيح به بعد يومٍ واحدٍ من اللقاء بحسب ما كشفه عبدالله المفتي مكلف تحصيل ضرائب القات بقوله أن مدير أمن المديرية رفض ضبط الممتنعين عن دفع الرسوم المستحقة مضيفاً إتهاماً صريحاً لكلاً من مدير المديرية ومدير أمنها بأنهما يقومان بالسرقة المعلنة وعلى رؤوس الأشهاد. و رفض "المفتي" الإفصاح عن المبالغ التي قام بتوريدها لخزينة الدولة وأنهى المفتي حديثة المتشنج بتناقضٍ كشف عنه ثناؤه على نبيل بشر وأنه أنزه شيخٍ عرفه عدا أن الشيخ بشر رفض إلزام رعاياه بدفع ما عليهم من مستحقات وأنه طرح وجهه بتوريدها رأساً لمجلس النواب وقطع المفتي اتصاله بعد سؤاله عن التناقض الغريب في تصريحه. الغزوة الأولى لعبال يناير2011 يتذكر سكان المديرية الهجوم الذي شنه عشرات المسلحين في يناير من العام 2011م حيث شهدت المديرية حالة حرب حقيقية بين الطرفين أشعلها قيام مسلحين من حراز بنصب قطاعاتٍ في مداخل المديرية بحجة أن مسلحين آخرين في محافظة ريمة احتجزوا سيارة لهم وهم يبحثون عن أي شيء يحتجزونه لمقايضته بما تم احتجازه الأمر الذي أثار حفيظة الشيخ محمد امزريه شيخ قبائل القحرة وباجل وأظهر رفضاً لنصب مثل تلك القطاعات القبلية استرداد السيارة المحتجزة في محافظة ريمه إلا أن الوضع كان انفرط زمامه بعد توافد مجاميع مسلحة بعضها امتلك صواريخ لو المحمولة على الكتف ومضادات للدروع وأقامت عدداً من المتاريس وطوقت عدداً من القرى وهو ما أدى إلى تضامن قبيلة الزرانيق مع قبيلة القحرة وانضمام بعض البطون العكية للحرب المفروضة عليهم ويعد مقاتلوا تلك القوى من أشرس مقاتلو تهامة بعد أن استطاعوا محاصرة مسلحوا حراز والتمركز في قمم الجبال المحيطة بمركز المديرية – عبال - وأدت المواجهات إلى إصابة العشرات من بينهم أحد الأطباء انتهت بإصابته بإعاقة تامة.. و قام مسلحو حراز باحتجاز عددٍ من المدنيين من أهالي عبال واستخدامهم كدروع بشرية.. وانتهت أحداث الحرب بصلحٍ أفضى إلى رفض الطرفين لأي قطاعات قبلية وأن أي طرفٍ منهما يتم تجريمه بين القُبُلْ. وأن على ارتال المسلحين القادمين من حراز الانسحاب بعد إعادة الأسلحة التي استولى عليها أي من جانبي الصراع وعلى كلٍ منهما علاج جرحى المعركة. إلا أن نسف الصلح ظل على وتيرةٍ وإن كان بشكل غير ماكرٍ وغير معلن كما تقول مصادر قضائية وأن قرارات الإتهام ظلت حبيسة الأدراج بحق عددٍ من مسلحي حراز وأبرزها قرار نيابة باجل بحق صدام حسين بشر المتهم بشروعه في قتل شخصين بعد إطلاق النار عليهما في مقوات المديرية في العام 2011م وهو نفسه العام المبرم فيه الصلح. الحديدة قصة حرب لن تنتهي!!! ضلت ذاكرة أحداث 2011م في مخيلة سكان مديرية الحجيلة حتى أن الكثيرين يطلقون على ذلك العام بأنه عام الإحتلال حيث أن المديرية شهدت توسعاً في إمتلاك الأراضي، وبدأت تظهر صكوك ملكية لا أصول لها بحسب سكان المديرية التي يؤكد معظمها أن زحفاً حرازياً انتشر في مديرية الحجيلة تحركه قوة الشيخ عبده بشر ونبيل بشر ويمولهم عشرات المغتربون ويشبهها آخرون بما يجري في القدس من تهويد. وهو ما يكشف أن وتيرة الحرب ستظل مشتعلة وأن طرفاً يظل على الدوام واضعاً إصبعه على الزناد.