أعلنت جماعة الحوثي رسميا مسؤوليتها عن اختطاف أحمد عوض بن مبارك مدير مكتب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي من أحد شوارع العاصمة صنعاء، ملوّحة بخطوات تصعيدية خلال الأيام القادمة ضد هادي والحكومة. وقالت “اللجان الشعبية” التابعة للجماعة الشيعية في بيان بثته قناة “المسيرة” المملوكة للحوثيين إنها أقدمت على “توقيف أحمد بن مبارك وهي خطوة اضطرارية، لقطع الطريق أمام أيّ محاولة انقلاب على اتفاق السلم والشراكة”. وهذا الاتفاق تمّ توقيعه عشية سيطرة الحوثيين على صنعاء في 21 سبتمبر ويقضي بإلزامهم بسحب مسلحيهم من العاصمة والمدن الأخرى، لكنهم بدلا من ذلك واصلوا إحكام قبضتهم على مؤسسات الدولة. وفيما يبدو دليلا على اعتزامها اتخاذ خطوات تصعيدية قادمة، أشارت اللجان الشعبية إلى أنها “ستقوم بسلسلة إجراءات خاصة، حتى تتخلى القوى النافذة والمستبدة والفاسدة عن غيّها، وتتوقف عن ممارساتها الإجرامية بحق الشعب حاضرا ومستقبلا”. وتوعدت الرئيس اليمني محذرة إياه مما أسمته “الاستمرار في أن يكون مظلة للفساد والإجرام”، ودعته إلى “أن يدرك حساسية الوضع حتى لا يكون مظلة لقوى الفساد”. وطبقا لصحيفة "العرب" اللندنية" رجّح محللون أن يكون من ضمن الخطوات التصعيدية التي تنوي الجماعة الحوثية الإقدام عليها هو حلّ كل المؤسسات التشريعية والتنفيذية القائمة، وإعلان البدء بتنفيذ الدستور الذي قالوا منذ أيام إنه يجري إعداده في جلسات سرية ومن خارج البرلمان. واعتبر المحللون أن الحوثيين ينوون تنفيذ انقلاب شامل على المشهد السياسي خاصة بعد أن فرضوا على الرئيس هادي تعيين محافظين وقيادات أمنية وعسكرية مقربة منهم في أهم مفاصل الدولة اليمنية. وفي دلالة على نيتهم الانقضاض دفعة واحدة على الاتفاقات الهشة التي تم التوقيع عليها بعيد دخولهم صنعاء، أعلن صالح الصماد ممثل الحوثيين في الهيئة الاستشارية للرئيس هادي استقالته في خطوة مفاجئة خاصة أن هادي نفّذ كل الإملاءات التي كان يحملها صماد معه في كل لقاء ثنائي. وبينما اعتبر الصماد أن استقالته تأتي بعد فشله في إقناع الرئيس والحكومة بطمأنة من أسماهم “الثوار”، في إشارة للحوثيين، من خلال “خطوات ميدانية تعزز الثقة بأن هناك توجها جادا لبناء دولة ومحاربة الفساد والقضاء على الاستبداد”، ألمح صراحة إلى أن الحوثيين في طريقهم للتصعيد. وينظر مراقبون إلى خطوة الحوثيين كبداية لتصعيد قادم ربما يطيح بالمؤسسات التشريعية والتنفيذية المتبقية في البلاد دفعة واحدة. ويأتي التصعيد الأخير عقب كشف صحيفة حوثية عن إعداد لجنة مشكلة من الجماعة لدستور جديد يمنح الحوثيين كافة الصلاحيات تحت غطاء ما يعتبرونه “الشرعية الثورية” ويتضمن مبدأ دستوريا ينص على أن “قرارات قائد الثورة الإسلامية في اليمن عبدالملك الحوثي تعتبر ملزمة وتترتب عليها الآثار القانونية”. وقد أعلن الحوثيون عن رفضهم لمسودة الدستور الجديد الذي أقرته لجنة صياغة الدستور بناء على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، معترضين على النقطة الخاصة بتقسيم اليمن إلى ستة أقاليم إضافة إلى مطالبتهم بامتيازات خاصة في الدستور. ومن جهة أخرى، تشير تطورات الأحداث في محافظة مأرب النفطية شرق اليمن إلى حشد الحوثيين لعدد كبير من عناصرهم استعدادا لدخول المحافظة النفطية الغنية. ويرى المحللون أن الحوثيين عازمون على السيطرة على المحافظة للوصول إلى احتياجاتهم من النفط والغاز قبيل إقدامهم على الإعلان رسميا عن سيطرتهم على السلطة بكافة مستوياتها. وعن دلالات الرغبة الحوثية في إسقاط المحافظة، يقول المحلل السياسي اليمني ثابت الأحمدي إن: “إصرار الحوثيين على الدخول إلى مأرب يأتي نتيجة رغبتهم في إحكام السيطرة على البلاد وقد بدأت المحاولات من البيضاء غير أنهم لم يستطيعوا العبور نظرا لشراسة القبائل”. وأضاف الأحمدي أن: “السيطرة على مأرب تعني تسهيل العبور المباشر إلى حضرموت وكذا الاستيلاء على الجوف القريبة منها، فالبيضاءومأربوحضرموت الشرقيتان منبعا الثروات النفطية كما أن أراضيهما الواسعة تعد مسرحا رئيسيا للقاعدة”. وأشار إلى أن طمع الحوثي في السيطرة على منابع النفط، إضافة إلى تطلعه إلى محاصرة القاعدة، هما الهدف من محاولة دخول مأرب إضافة إلى الموقع الجيوسياسي كون الجوفومأرب ترتبطان مباشرة بالسعودية على مستوى شرورة والوديعة”.