تسعى دول الخليج الست، و عبر الأممالمتحدة، للحصول على قرار دولي ملزم بشأن اليمن، التي تشهد أزمة سياسية حادة منذ بداية العام، زادت تطوراتها و تعقيداتها خلال الشهر الماضي يناير و وصلت ذروتها خلال الأسبوع الماضي. الخليجيون الذين يناصبون "الحوثيين" العداء، لجئوا إلى المنظمة الدولية، لاستصدار قرار دولي، إن مرر دون اعتراض روسيا و الصين، سيلزم الحوثيين برفع مسلحيهم و عدد من الأمور الأخرى، التي يرجح عدم تعاطي الحوثيين معها. يدرك الخليجيون أن أي قرار مهما كانت الزاميته يشير إلى رفع المسلحين الحوثيين و الحد من سيطرتهم على الدولة سيكون مرفوضا، إلا أنهم يمهدون لمرحلة ما بعد القرار، خاصة و أن البلد لا يزال تحت البند السابع "الوصاية الدولية". اخفق الخليجيون في كبح جماع الحوثيين، و منعهم من الوصول إلى السلطة و السيطرة على القرار فيها، لكنهم هذه المرة يريدون تهيئة الأوضاع في البلاد لمرحلة اسقاط الحوثيين، و التي ستكون بكل تأكيد مرحلة حساسة و خطيرة، تكمن خطورتها في أنها ستقضي على ما تبقى من هياكل الدولة المهترئة، و نقلها إلى مرحلة الصوملة. سعي الخليجيين لمعالجة الأوضاع في اليمن منذ المبادرة الخليجية في العام 2011، لم تكن تهدف لمعالجة أوضاع البلاد التي تتسيدها الحروب و النزاعات المسلحة منذ ما بعد ثورة سبتمبر 1962، و إنما لابقاء هذا البلد ذو الموقع الاستراتيجي الهام المطل على طريق الملاحة الدولية، تحت رحمة النفوذ و المال الخليجي. الجميع ميقن أن اليمن تمرد على الوصاية الخليجية و بالذات السعودية، لكنهم بقدر يقينهم بذلك باتوا مدركين أن دول الخليج بإمكانها فرض شروطها على القادمين الجدد إلى الحكم، و الذين يبدو أنهم مع جيرانهم الخليجيين سيقامرون بمستقبل البلد و مستقبل الأجيال القادمة، و تحويل اليمنيين الذين حلموا بحمل القلم بدلا عن البندقية في العام 2011 إلى مجرد جنجويد يلبون رغبات أمراء الحروب، في ظل نخبة سياسية لا تجيد غير أن تكون وكيلا للخارج الاقليمي و الدولي. قد تفكر دول الخليج لجر اليمن نحو مرحلة من عدم الاستقرار و سيادة الحروب و النزاعات المسلحة، لتمهد لمرحلة التدخل الخارجي التي ستكون دول الجوار الجغرافي جزء منه، لكنها ستعمق مشاعر الكراهية و الحقد، و لن تكون في منأى عن الآثار السلبية التي ستترتب عليها مرحلة عدم الاستقرار التي سيشهدها إن سارت الأمور على نحو ما يبدو أن الخليجيين ماضون فيه. الخليجيون ينظرون إلى اليمن في الوقت الراهن، على أنها مجرد حاملة طائرات ايرانية تربض على مقربة من حدودهم الجنوبية، و يتعاموا أنهم ما وصلت إليه الأمور نتاج للسياسات الكارثية لها، و بالذات السعودية و قطر، التي ضخت المال و السلاح لبلد لا تزال فيه البندقية مكمل للرجولة و دعاة للتفاخر و التباهي في أوساط رجال قبائل لا يفكروا بغير الفيد و الغنيمة.