يستعد العالم كريس بريد جز من مركز سوراي الفضائي في غيلد فورد (بريطانيا) لإرسال هاتف محمول في رحلة حول كوكب الأرض، الأمر الذي سيجعل خدمة الجوال Call Roaming مختلفة عما كانت عليه حتى الآن. وفي الواقع، فإن لقمر بريد جز الصناعي الصغير هدفاً شديد الخطورة، فحمولته التي هي «غوغل نكساس 1» Google Nexus1 تشمل، مثل كل الهواتف المحمولة الحديثة، مكونات منمنمة عالية التقنية مثل المجسّات المعقدة لتشغيل خرائط غوغل واجهزة تدعى المُسارعات، التي توفر للمستخدمين الألعاب الإلكترونية ورقائق حسائية قوية وصغيرة وبطاريات يدوم شحنها لفترة طويلة. ويود بريد جز اختبار ما إذا كانت هذه التقنية تعمل بشكل جيد في الفضاء الخارجي، ويأمل في إطلاق مسباره الخاص مع نهاية العام الحالي، وإذا نجح فسيتم استخدام مكونات الهواتف المحمولة عما قريب، كلبنات لجيل جديد من الأقمار الصناعية رخيصة الثمن. يقول بريد جز إن «صناعة الهواتف المحمولة أنفقت مليارات الدولارات على صيانة المكونات، ونريد أن نعرف ما إذا كان بالإمكان استخدامها في الأقمار الصناعية، وبدلاً من إنفاق مبالغ هائلة على الصيانة، يمكننا استخدام أجهزة أخرى. فكرة غريبة وربما تكون الفكرة غريبة، ولكنها تمثل نهجاً مبتكراً في صناعة الأقمار الصناعية، التي تولاها مركز الفضاء في جامعة سوراي والشركة الراعية له، سوراي ساتيلايت تكنولوجي، فقد بنى الطرفان أكثر من ثلاثين قمراً صناعياً صغيراً عالية التقنية لعدد من العملاء على مدى الأعوام الثلاثين الماضية، وفازت الشركة العام الماضي، بعقد لبناء سلسلة من 15 مركبة فضائية لمصلحة نظام الملاحة التابع لشركة غاليليو الأوروبية. لقد أصبح الفضاء والأبحاث ذات الصلة به تدر أموالاً كبيرة على بريطانيا، حيث يقدر البعض انها تدر على ميزانية الدولة 7.5 مليارات جنيه استرليني سنوياً، وتوفر فرص عمل لأكثر من 25 ألف مواطن بريطاني، إذ تقوم شركة «سوراي ساتيلايت» ببناء مركبات فضائية خلاقة، كما ان في جامعتي سوراي وليستر اقساماً قوية مختصة بهندسة وعلوم الفضاء، وتلعب بريطانيا دوراً رئيسياً في بناء مجسّات أوروبية كبرى مثل تلسكوب بلانك PLANCK وتشتهر الشركات البريطانية للحاسوب والأنظمة بخبرتها في مجال معالجة البيانات. سبيلان ونشرت وكالة الفضاء الأميركية ناسا، الشهر الماضي صوراً مأخوذة من مسبارها «ماسنجر» MESSENGER لكوكب عطارد، والتي التقطتها مجسات زودتها بها شركة E2V في الوقت الذي تم فيه التوقيع الأسبوع الماضي، على صفقة مع الصين تقوم بموجبها شركتا DMCII وسوراي ساتيلايت البريطانيتان ببناء أقمار صناعية ذات قدرة كبيرة على التصوير عالي الوضوح لمراقبة النمو الصناعي في البلاد. وتبحث الكثير من الشركات المتخصصة وبشكل عاجل سبل الدخول الى مدار الارض، ولا سيما الشركات الاميركية في الوقت الذي يعكف مهندسو الفضاء على تصميم مركبات فضائية بحجم الهاتف المحمول لإطلاقها الى الفضاء من محطات الإطلاق القائمة. وفي الواقع، هناك سبيلان أساسيان لعمل ذلك، الأول صناعة مركبات فضائية صغيرة جدا وأكثر تقدماً، وهذا سيجعلنا نتجاوز مشكلة تكاليف محطات إطلاق المركبات الفضائية، فهي عالية الكلفة لأنها تشمل التضحية بصاروخ الإطلاق في كل مرة تطلق فيها مركبة فضائية، والذي تصل تكاليفه إلى 10 آلاف جنيه استرليني لكل كيلو غرام من وزنه مقارنة بعدة جنيهات للكيلو في حالة الطائرات التجارية، يقول الان بوند من شركة ريآكشن انجنز REACTION ENGINES الفضائية ان «الامر أشبه بتصنيع طائرة 747 وتدميرها بعد نهاية رحلتها في لندن إلى نيويورك. فلا يمكننا استغلال الفضاء بهذه الطريقة الباهظة على الإطلاق». العقبة الأكبر والعقبة الحقيقية التي ستواجهنا هي البحث عن طرق للولوج إلى الفضاء بالطريقة السهلة ذاتها التي تدخل فيها الطائرات إلى المجال الجوي، فلا يمكننا الاستفادة من أبحاث الفضاء ما لم نخفض تكاليف إطلاق المركبات الفضائية، كما يقول ريتشارد براون مدير مركز تكنولوجيا نقل الفضاء مستقبلا. ولكن السؤال: كيف؟ وهل بوسع بريطانيا أن تلعب دورا في هذه الثورة؟ يرد البروفيسور براون بالإيجاب، ويشير إلى شركة REACTION ENGINES التي تمكنت من تطوير طائرة فضائية ثورية وبلا طيار، ويمكن إعادة استخدامها تدعى SKYLON التي من المؤمل أن تبدأ بنقل الشحنات التي تصل إلى 12 طنا إلى الفضاء بحلول عام 2020. ستنطلق SKYLON مثل الطائرة أو الصاروخ الى الفضاء وتفرغ حمولتها في الفضاء، ثم تعود إلى الأرض لتهبط في مدرج خاص، الأمر الذي يقلص نفقات الإطلاق بنسبة %90. وبعد ذلك، يمكننا بناء محطات مدارية ضخمة لتنطلق منها تلك المركبات الفضائية الصغيرة إلى الأرض ثانية باستخدام أشعة الليزر النظيفة على البيئة.