غازلته اندية أوروبية عدة كبرى من تشلسي الى مانشستر سيتي وميلان وبدرجة أقل إنترميلان ومانشستر يونايتد وباريس سان جرمان، منذ قراره الشهير بمغادرة برشلونة في مايو الماضي حتى يخلد لإجازة السنة السابعة التي تمتد موسماً كاملاً.. كان الجميع على ثقة بكلامه حين أكد أنه لن يرتاح لأكثر من موسم واحد ولكن أحداً لم يكن قادراً على توقع وجهته المقبلة.. وحتى عندما تسرب خبر في الأسبوع الماضي بأن بايرن ميونيخ صار قريباً بادرت مصادر في هذا الأخير الى نفي الخبر.. وبعد يوم واحد من النفي، وتحديداً الأربعاء الماضي تصاعد الدخان الأبيض وتأكد أن بيب غوارديولا سيدرب الفريق البافاري 3 مواسم وسيحل محل المدرب الحالي يوب هاينكيس اعتباراً من مطلع يوليو المقبل.. وبالنسبة الى المدرب الإسباني فإنه اختار الجدية والتراث والقدرة على المنافسة محلياً وأوروبياً. التصريح الأخير لغوارديولا قبل توقيعه العقد أطلقه في 7 يناير في زيوريخ على هامش تتويج ليونيل ميسي بطلاً لجائزة الكرة الذهبية حيث قال: لم أحدد بعد وجهتي ولا أعرف أين سأدرب.. والتصريح غريب طبعاً لأنه عُلم بعد ذلك أنه وقع العقد بالأحرف الأولى مع بايرن في 20 ديسمبر. 8 ملايين صافية في الموسم المهم أن غوارديولا الذي احتفل يوم الجمعة الماضي بعيد ميلاده الثاني والأربعين، والذي أحرز 14 لقباً من أصل 19 ممكنة على مدى 4 مواسم في برشلونة مع أسلوب فريد في اللعب لا يشق له غبار، يفترض أن يكون قد استعاد نشاطه حتى ينطلق في مسيرة ثانية يتوقع أن تكون مظفرة مع واحد من أشهر أندية الكرة الأوروبية على مر تاريخها. ولكن يبقى السؤال عن المفاضلة التي أجراها غوارديولا بين الحجج التي قدمتها له الأندية الكبرى التي غازلته، وهي بكل تأكيد لم تنحصر بالشق المالي.. على سبيل المثال، لو أراد أن يكون قريباً من إداريين إثنين من مواطنيه الذين سبق أن عملوا معه وهما فيران سوريانو وتشيكي بيغيريستين لاختار مانشستر سيتي.. وعلى سبيل المثال أيضاً يقال بأن مانشستر سيتي وتشلسي قدما له عرضاً مالياً أعلى.. وفي كل حال فإن غوارديولا صار أغلى مدرب في تاريخ الكرة الألمانية لأنه سيحصل على 12 مليون يورو راتباً سنوياً غير صاف، وبعد حسم الضرائب سيتقلص المبلغ الى 8 ملايين (مقابل 10 ملايين صافية لجوزيه مورينيو في ريال مدريد و8 ملايين صافية لارسين فينغر في أرسنال و7.1 مليون صاف لكارلو أنشيلوتي في سان جرمان). لماذا بايرن.. بالنسبة الى النادي البافاري فمن الواضح أنه يخطط للمستقبل بجدية مثالية فاختار مدرباً صغيراً في السن (42 عاماً) مكان هاينكيس (67 عاماً) الذي سينتهي عقده مع نهاية المنصرم.. أما بالنسبة الى غوارديولا فلأن بايرن ناد كبير على حد ما قال خوسيه ماريا أوروبيتغ وكيل المدرب.. هناك أندية كبرى عدة، ولكن غوارديولا قد يرى أنها أقل قليلاً من النادي البافاري. العامل الآخر هو أن المدرب الجديد استفسر طويلاً عن بطولة الدوري الألماني التي باتت نموذجية من أوجه عدة، إن من حيث الحضور الجماهيري أو المستوى الفني أو نوعية اللاعبين الجدد التي تخرجها الأندية والتي اسهمت في تطوير مستوى المنتخب بدرجة لا تخفى على أحد. وهناك أيضاً وأيضاً موضوع الأمان لأن بايرن مؤسسة أكثر منه نادياً، وينعم باستقرار مالي لأنه يضع في المصارف أكثر مما يقترض منها.. ففي الموسم 2011/2012 بلغ حجم أعماله 373 مليون يورو مع ربح صاف بقيمة 11 مليوناً وممتلكات بقيمة 278 مليوناً علماً بأن عقود رعاية جديدة مغرية من شركات كبرى تنتظره مع ضمه غوارديولا الى صفوفه.. ما وجده غوارديولا في بايرن لم يجده في ميلان مثلاً لأنه ليس من المؤكد أن النادي الإيطالي يملك من الإمكانات التي ستمكن المدرب الإسباني الشهير من إعادة بناء الفريق.. أما بالنسبة الى تشلسي ومانشستر سيتي فإن مسألة التدعيم مرهونة بمزاج صاحبي الناديين وليس بقناعة مؤسسة. وفي رئاسة مجلس الإدارة هناك كارل هاينتس رومينيغه كما هناك في رئاسة مجلس الرقابة أولي هونيس، وهما كبار لاعبي ألمانيا على مر تاريخها. أما من الوجهة الفنية فلدى بايرن من اللاعبين ما يجعله قادراً على المنافسة محلياً وأوروبياً ولا ينقصه إلا بعض اللمسات الخفيفة الصيف المقبل من خلال ضم 3 عناصر جديدة فقط حسب ما ذكر غوارديولا لبعض المقربين منه.. ويقال بأن الأخير أمضى 5 أشهر وهو يدرس ويراقب لاعبي بايرن وأداءهم، هو الذي يعرف عنه أنه مدرب متطلب.. ولأنه جدي من الألف الى الياء بادر الى تعلم اللغة الألمانية خلال إقامته الحالية في نيويورك. تجدر الإشارة الى أن غوارديولا قاد برشلونة الى 179 فوزاً و47 تعادلاً مقابل 21 خسارة.. أما بايرن ففاز بكأس الإنتركونتيننتال مرتين ودوري ابطال أوروبا 4 مرات وكأس الكؤوس الأوروبية مرة واحدة وكأس الاتحاد الأوروبي مرة واحدة وبطولة ألمانيا 22 مرة وكأس المانيا 15 مرة وكأس رابطة المحترفين 6 مرات والكأس السوبر الألمانية 5 مرات. هل يغير بايرن؟ الترحيب بغوارديولا لم يسبق له مثيل في ألمانيا حتى أن صحيفة «بيلد» الواسعة الانتشار كتبت: أحلى ضربة في تاريخ بايرن.. أما بالنسبة الى اللاعبين فحدث ولا حرج.. وهكذا صرح كابتن الفريق فيليب لام: نرفع القبعة لإداريي بايرن الذين أتوا بأفضل مدرب في العالم على مدى المواسم الخمسة الأخيرة. في المقابل، يتوجب على غوارديولا أن يتكيف مع ناد مختلف من حيث قوة الشخصية.. لقد نشأ في صفوف صغار برشلونة وبات رمزاً لأدائه عندما كان يدربه كرويف ثم درب شباب النادي الكتالوني والفريق الأول فزرع فيه فلسفته وبلغ معه القمة.