منذ ان قرر التنحي والاستقالة من منصبه امينا عام للاتحاد اللبناني لكرة القدم في شباط / فبراير العام 2012 ، قرر رهيف علامة الابتعاد عن الظهور الاعلامي والحديث عن ملفات كرة القدم بشقيها المحلي والقاري مفضلا الاستماع والمراقبة واللجوء الى لغة العيون في الاجابة على استفسرات المحبين والزملاء عن اسئلة يتأهب كثيرون لمعرفة تفاصيلها من رجل ارتبط اسمه بالكرة اللبنانية والآسيوية لما يزيد عن ربع قرن . قبل أيام عرج رهيف علامة على الدوحة قادما من اليمن بعد تلبيته دعوة لحضور حفل زفاف نجلي رئيس الاتحاد اليمني لكرة القدم الشيخ احمد العيسى ، ومكث في "قطر الخير" لبضعة ايام ، كانت مزدحمة – كالعادة – باللقاءات مع اصدقائه وفي مقدمتهم محمد بن همام العبد الله الرئيس السابق للاتحاد الآسيوي لكرة القدم . رغم ذلك ، لم يتأخر علامة عن تلبية الدعوة لجلسة مسائية استضافها منزل كاتب السطور وضمت الزملاء فادي الاسعد ، علي الزين ، عامر حرب وخالد النويري . تحلو الجلسة مع علامة ، وهي بدأت بالحديث عن أجواء اليمن التي زارها آخر مرة في العام 1997 ، فأشاد بحفاوة الاستقبال من الشيخ احمد العيسى للوفد الزائر الذي تقدمه بن همام ، كاشفا عن ثقافة سياسية رفيعة يتمتع بها اهل هذا البلد الذي يأمل ابنائه العيش بأمان بعد إتمام "حوار مثمر" بين كافة شرائحه .. لم يكن ممكنا ان تمضي الجلسة بالحديث عن اليمن فقط ، وكان الفضول الاعلامي الكروي حاضرا عند الزملاء الذين تناوبوا على طرح الاسئلة على "امين عام لبنان" كما وصفه الزميل "النجماوي" علي الزين .. مستعيدا ما قاله رئيس الجمهورية السابق اميل لحود عن علامة في افتتاح كأس آسيا 2000 في المدينة الرياضية. في الجلسة ، اكتفى علامة بإبداء الأسف عما سمعه عن اعتداء بعض الجماهير على اداريي ولاعبي فريق العهد في نهائي كأس النخبة ، مكتفيا بالتجاوب فقط مع الاسئلة ذات العلاقة ب"الذكريات الجميلة لكرة القدم اللبنانية التي امتدت من العام 1990 الى 2000″، واصفا تلك الفترة ب "عز كرة القدم اللبنانية". وبالحديث عن تلك الفترة،يعتقد علامة ان "المجنسين" من اللاعبين الارمن ساهموا بشكل كبير ، وقتذاك ، بارتفاع المستوى الفني لافتا في رد على سؤال عن افضل لاعب اجنبي حضر الى لبنان الى التأكيد ان ديفيد ناكيد وبيتر وبروسبار وايرول ماكفرلين كانوا من الابرز .. مستعيدا ايضا الحديث عن الخطيئة التي ارتكبها ناكيد حينها بحق الكرة اللبنانية عندما حرّض اللاعبين الاجانب ضد انديتهم . وفي تعليقه على بعض الذكريات ، كشف علامة عن الظروف التي احاطت بحضور المنتخب العراقي لكرة القدم الى لبنان في آخر صيف العام 1997 لخوض مباراة ودية مع المنتخب لبنان . يقول علامة :" تلقيت اتصالا على هاتف المنزل وفي وقت متأخر من قطب سياسي كان بحجم الوطن (…) ، طلب مني زيارته في قصره صباح اليوم التالي للضرورة ". ويتابع علامة : "بالفعل ذهبت في الموعد المحدد ولم تستغرق الجلسة اكثر من نصف ساعة ، وسألني القطب السياسي عن امكانية توجيه الدعوة للمنتخب العراقي لكرة القدم للحضور الى لبنان كتعويض على عدم مشاركة البعثة العراقية في دورة الالعاب العربية – بيروت 1997 – لاسباب سياسية ، ما تسبّب وقتها بصعوبات للعلاقات الاقتصادية بين لبنان والعراق ". ويضيف علامة :" بعدما شرحت صعوبة التواصل مع بغداد ، اخذت المبادرة على عاتقي ، وسارعت الى الاتصال بنائب رئيس الاتحاد العراقي وقتها حسين سعيد واخبرته بأن دعوة ستوجه من لبنان بهذا الخصوص وطلبت منه نقل الرسالة الى رئيس الاتحاد عدي صدام حسين متمنيا عليه قبول الدعوة". ويختم علامة :"بالفعل .. لم يتأخر حسين سعيد بالرد ، واتصل في نفس اليوم مؤكدا قبول الدعوة .. وحضر المنتخب العراقي الى لبنان وخاض لقاء وديا مع منتخب لبنان انتهى بفوز الضيوف بهدفين نظيفين ".. لا شك ان ما كشف علامة النقاب عنه، قد يبدو مفاجئا للبعض الذي كان يعتقد ان حضور المنتخب العراقي وقتذاك كان لتسهيل توقيع اللاعب ليث حسين على كشوفات فريق الانصار .. لكن القصة كانت اعمق بكثير .. وكشفت عن الجسر الذي بنته كرة القدم لعودة العلاقات الاقتصادية الى طبيعتها بين لبنان والعراق بعد الصعوبات التي خلفها غياب بعثة "بلاد الرافدين" عن دورة بيروت العربية . كانت جلسة لا تنسى ، وفاح منها عبق الايام الجميلة.. على أمل اللقاء مجددا واسرار جديدة يختزنها رهيف علامة في ذاكرته الغزيرة .. ** نقلاً عن جريدة اللواء اللبنانية