طوال عقدين خلوا هنئ خافيير سوتومايور بلقب ملك الارتفاعات دون تهديد جدي لرقميه القياسيين 2.43 م و2.45 م المسجلين عامي 1989 و1993، إلى أن طوى العام الفائت صفحته على وعيد صفوة مواهب لم يعرف كمها الوثب العالي لردح من الزمن. قد يكون التشويق في أم الألعاب عرف متكرر لا يشبه غيره من الرياضات إن بأرقامه القياسية أو بإثارة المنافسات، وخير دليل تعلقنا بأبطالها واستحضارنا لهم ليس للذكرى فقط بل لضلوع إنجازاتهم بتفاصيل بطولات اليوم. لعل أكثر ما سيجعلنا نستحضر الأسطورة الكوبي 46 عاماً، أسماء شعت بقوة الصيف الفائت ومطلع العام الحالي، تتقدمها الموهبة الشابة القطرية معتز برشم والاسم الروسي المعروف إيفان يوخوف والأوكراني بوهدان بوندارنكو، وكلهم يصبون لهز عارضة سوتومايور دون إيقاعها كما فعل أقرانهم على امتداد 25 عاماً. ليس بجديد القول إن برشم يطمح أن يصبح "ملك الارتفاعات" فهو أعلنها جهارة الصيف الفائت وأكدها مهارة في غير مناسبة مثل بطولة العام في موسكو آب/أغسطس الماضي، كما لا نورد مستجداً إن ذكرنا نوايا يوخوف معلنة عملياً بمحاولات لم تصب نجاحاً لحينه شأن الطائر الأوكراني بطل العالم أبرز القفازين العام الفائت. صدأ السنين على رقمي أسطورة العصر في الوثب العالي تحلل جزئياً حين تجرأ أوخوف على صمود 25 عاماً و2.41 م داخل القاعة منذ نحو الأسبوع في بلاده، وهو رقم أثار المراقبين وجعلهم مع آخر مماثل لبوندارنكو في بطولة العالم في موسكو و2.40 م سجلها برشم في هواء أوجين الطلق حزيران/ يونيو الفائت ضمن الدوري الماسي، يستشرفون تفاؤلاً باحتفال مرتقب لن يستسيغه الكوبي بإقرار شخصي. وكان سوتومايور قال الصيف الفائت "حين يحطم رقمي لن أكون سعيداً بلا شك، ولن أفرح لذلك لكن سأتقبل فيما بعد وسأذكر إنجازاتي بفخر دائم"، وأضاف أن رقمه في الهواء الطلق لم يكن مهدداً جدياً على مدار الأعوام، بخلاف الوقت الحالي الزاخر بمواهب نادرة وقد رشح على وجه الخصوص بوندارنكو الذي كاد يجتاز 2.46 في بطولة العالم في موسكو 2013، وبرشم مُقارع الكبار رغم يفاعة العمر. الأوكراني ابن الرابعة والعشرين عاماً أكد علو طموحاته، حين كتم أنفاس سوتومايور مرتين، الأولى في بطولة العالم لألعاب القوى حين كاد يخطب ود 2.46 في محاولته الثانية لولا ارتطام عقب قدمه بالعارضة والثانية في لندن حيث انحنت جرأته أمام ارتفاع 2.47م ولا ريب أن شبابه سيسعفه وهو الذي كانت أفضل قفزاته 2.31 م عام 2012 قبل إضافتها ب 10 سنتيمترات في الموسم الفائت. لكن موهبته الفذة لم تعرفها القاعات نفسها إذ إن أفضل إنجازاته فيها 2.27 م. البطل العربي القطري برشم صاحب برونزية أولمبياد لندن 2012 وفضية العالم 2013، أكد في وقت سابق أن تجاوزه لارتفاع 2.40 وإنجازاته الكبيرة في عمره اليافع – مواليد 1991 – جعلته يرفع سقف طموحاته للعام الحالي ناظراً لرقم سوتومايور في الهواء الطلق، علماً أنّ تقدمه من عام لآخر وتحصينه لموهبته بالخبرة يجعلانه خير سفير لأحلامه وأمته وهو الذي يملك في جعبته 2.37 داخل القاعات التي لن يضع ثقله بها على حد قوله قبيل انطلاق الموسم في الهواء الطلق مخافة الإصابات. أما يوخوف ابن المدرسة الروسية الشهيرة بتخصص الوثب العالي منذ كان الاتحاد السوفييتي كياناً أممياً، يتسلح بخبرة أكبر، فابن ال28 عاماً الفائز بذهبية لندن 2012، كشف عن غايته حين حقق 2.41 م وهو رقم لم يتحقق داخل القاعة منذ 20 عاماً ما أكد أن ما قد ينتظرنا عام 2014 لم تعرفه الميادين منذ جيل العمالقة باتريك سيوبرغ وكارلو ثرانهارت وقطعاً أسطورة كوبا والعالم سوتومايور. غرابة ألعاب القوى في عجز سنين طوال عن كسر بعض هيمنة الماضي، ما يجعلنا كل عام أسيري انتظار أبطال جدد في الميادين والمضامير لا لمحو تاريخ منقوش في الصخر بل طمعاً بندية لا تعرفها غير أم الألعاب.