مثل إعلان وائل جمعه اعتزاله عقب تتويج فريقه الأهلي المصري بكأس السوبر الأفريقية، النهاية الرسمية لأحد أفضل الأجيال التي مرت على القلعة الحمراء على مدار تاريخها الطويل. أحمد النفيلي يمثل فريق الأهلي المصري ظاهرة شديدة الخصوصية في عالم كرة القدم، فالنادي العريق الذي أنشئ منذ مئة وستة أعوام وتحديداً سنة 1907، أثبت أنه عنوان البطولة، وأن لاعبيه يعرفون طريق منصات التتويج مهما كانت الظروف صعبة أو مستعصية، وليس أدل على ذلك سوى الإنجاز الجديد الذي حققه النادي القاهري بفوزه بكأس السوبر الأفريقية يوم الخميس الماضي بتغلبه على الصفاقسي التونسي بطل كأس الكونفدرالية الأفريقية ) 3-2( في المباراة التي احتضنها إستاد القاهرة الدولي بعد غياب كبير عن استضافته للمباريات الدولية الهامة، وشاهدها قرابة 20 ألف متفرج. والمتابع عن كثب للفريق الأحمر ولتاريخه ولمسيرته الحالية يدرك جيداً أن قيمة الإنجاز الأخير لا تتمثل فقط في أن الأهلي أضاف كأساً جديدة إلى خزائنه فالفريق في الأساس صاحب الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بالسوبر الأفريقي حيث توج بها من قبل خمس مرات، أعوام 2002 و2006 و2007 و2009 و2013، ولكن قيمة الكأس الأخيرة التي حملها وائل جمعة قائد الفريق ورفاقه أنها تمثل وبحق علامة فارقة في مسيرة جيل من أنجح الأجيال التي لم تمر فقط على النادي الأهلي في تاريخه ولكن على الكرة المصرية بشكل عام، جيل تكون ورسمت ملامحه الأولى عام 2001 إبان فترة الولاية الأولى للمدير الفني البرتغالي مانويل جوزيه. فهذا الجيل الذي حمل عدداً قياسياً من البطولات والألقاب وضم لاعبين أفذاذ مثل عصام الحضري وعماد النحاس وإسلام الشاطر ومحمد بركات ومحمد أبوتريكة، يمكن القول رسمياً إنه أصبح من الماضي بقرار أحد أبرز رجاله وائل جمعة القائد رقم 39 في تاريخ الأهلي، الاعتزال عقب الفوز بكأس السوبر، على أن يختتم مسيرته رسمياً نهاية الموسم الحالي، والمصادفة شديدة الغرابة أن المباراة التي اتخذ جمعة في نهايتها قراره بالاعتزال، كانت هي نفسها المباراة التي تألق فيها اللاعبون الصاعدون بشدة وسجل فيها المهاجم الواعد عمرو جمال البالغ من العمر 22 عاماً هدفين حسما فوز الأهلي بكأس السوبر السادسة في مسيرته، فخرج اللقاء وكأنه يمثل حالة تسليم الدفة من جيل تاريخ حقق كل الإنجازات في عالم كرة القدم وجيل صاعد تبدو أمامه مسيرة شاقة وصعبة في الحفاظ على مكانة الأهلي العالمية وإنجازاته التاريخية. عملية ضخ الدماء الجديدة
يدرك الجميع أن حالة الأهلي الفنية تمر بفترة شديدة من عدم الاستقرار، فالفريق الملقب بالشياطين الحمر منذ فوزه الرائع بدوري أبطال أفريقيا نهاية العام الماضي للمرة الثامنة في تاريخه، ومنحنى أدائه في تراجع مستمر حيث أخفق النادي القاهري في مسابقة كأس العالم للأندية الأخيرة التي أقيمت في المغرب، والتي سجلت المشاركة الأسوأ للأهلي على مدار تواجده المستمر في البطولة الذي بدأ من عام 2005 "خمس مشاركات"، حيث خسر الفريق في الدور ربع النهائي من غوانجو الصيني بهدفين دون رد قبل أن يسقط أمام مونتيري المكسيكي في مباراة تحديد المركز الخامس بخمسة أهداف مقابل هدف، فخرج الفريق من الباب الضيق للبطولة، بعد أن دفع غالياً ثمن عدم استقرار الأوضاع في مصر، وتوقف مباريات الدوري المصري بل وتجميد نشاط كرة القدم بشكل عام. ومع انطلاقة متعثرة وصعبة للدوري المصري استهل الأهلي مشاركته المحلية بتسجيل أسوأ انطلاقة له في تاريخه في الدوري، إذ خسر الفريق ثلاث مرات من الداخلية في الأسبوع الثاني بهدف دون رد ثم من المقاولون العرب في الأسبوع السادس ) 2-1( وأخيراً كان السقوط المدوي أمام الجونة بهدف دون رد علماً أن الأخير لم يفز على الأهلي في تاريخ مشاركاته السابقة في الدوري، وكانت نتيجة ذلك أن تراجع الشياطين الحمر إلى المركز الثالث على لائحة ترتيب فرق المجموعة الأولى في المسابقة برصيد 16 نقطة فقط جمعها الفريق في تسع مباريات وبفارق ست نقاط عن سموحة المتصدر. يجب الإشارة هنا إلى أن هذا التراجع الواضح في منحنى أداء الفريق الأحمر لم يكن بسبب أخطاء فنية أو تراجع في مستوى اللاعبين فهذان العاملان وإن تسببا أحياناً في بعض الخسائر، إلا أن السبب الحقيقي يعود إلى عملية الإحلال والتجديد التي تسير على قدم وساق في الفريق، الذي خسر في الموسم الماضي ومطلع الموسم الحالي اثنين من أبرز وأهم اللاعبين الذي ارتدوا القميص الأحمر على مدار تاريخ النادي الطويل هما محمد بركات ومحمد أبوتريكه فالاثنان كانا القاسم المشترك وأحد الأسباب الرئيسية في معظم إنجازات الأهلي التاريخية السابقة سواء أكان على الصعيد المحلي أو الدولي، إضافة إلى تراجع مستوى العديد من النجوم الحاليين سواء بسبب تقدم العمر أو توقف النشاط المحلي أو بفعل التشبع الحادث بالتأكيد من كم الانتصارات والإنجازات السابقة، فاللاعب الذي فاز بدوري أبطال أفريقيا وبالدوري المحلي وبكأس السوبر وشارك في كأس العالم للأندية هو بالتأكيد قد وصل إلى مرحلة فقدان الحافز. ويمكن القول إن الإدارة الفنية للفريق تعاملت بشكل جيد ومتوازن مع الوضع الحالي فقد تم ضخ دماء جديدة في الفريق تمثلت في تصعيد العديد من اللاعبين الجدد وهو ما سبب الإعجاب بالجهاز الفني الحالي بقيادة مدافع الفريق في التسعينات محمد يوسف الذي عمل كمدرب مساعد سابقاً مع حسام البدري مدرب الفريق السابق والموجود حالياً على رأس الإدارة الفنية للجهاز الفني للمنتخب الأولمبي المصري. وتضم قائمة الأهلي حالياً العديد من اللاعبين الصاعدين في مقدمتهم رامي ربيعه اللاعب متعدد الأدوار الذي يجيد اللعب في أكثر من مركز والبالغ من العمر 20 عاماً فقط وهو أحد العناصر الرئيسية في المنتخب الأول المصري وشارك في ست مباريات دولية حتى الآن وقرابة ال43 مباراة محلية سجل خلالها 6 أهداف، كما يضم خط الدفاع أيضاً لاعب المنتخب الأولمبي السابق سعد سمير "24 عاماً" الذي خاض مع الأهلي حتى الآن 50 مباراة رسمية سجل خلالها هدفين، وينظر له على أنه النجم القادم في دفاع الأهلي بعد اعتزال وائل جمعة، وإذا نظرنا إلى خط الوسط حالياً نجده عامراً بالمواهب الواعدة التي بدأت تشارك بشكل أساسي حالياً مثل أحمد نبيل "مانجا" البالغ من العمر 22 عاماً ومحمود تريزيغيه أصغر لاعبي الفريق "19 عاماً" إضافة إلى اللاعبين الذين أصبحوا من الركائز الأساسية ومر عليهم مواسم عدة مع الفريق مثل شهاب الدين أحمد البالغ من العمر 23 عاماً والذي خاض مع القلعة الحمراء 61 مباراة رسمية، ولا ننسى أيضاً أن إدارة الفريق نجحت في ضم حارس مرمى منتخب الشباب السابق مسعد عوض البالغ من العمر 21 عاماً والحاصل على لقب أفضل حارس في بطولة أمم أفريقيا للشباب التي أقيمت العام الفائت في الجزائر.
وأدى التصعيد المستمر للاعبين الناشئين في فريق الأهلي إلى انخفاض معدل أعمار اللاعبين بشكل واضح حيث وصل الآن إلى 25 عاماً بعد أن كان يقترب من الثلاثين في السنوات الماضية وبالتأكيد إن هذا المعدل سينخفض عقب الاعتزال الرسمي لوائل جمعة نهاية الموسم الحالي "مجموع أعمار اللاعبين المسجلين في قائمة الفريق الأول للأهلي حالياً يبلغ 701 سنة". إنجازات تاريخية وأرقام قياسية
وبالعودة إلى تاريخ النادي الأهلي وإنجازاته التاريخية التي أصبح من الصعب بل لا نبالغ إن قلنا من المستحيل أن يحققها أي فريق آخر في القارة السمراء، نجد أن الفريق الذي احتفل بمئويته عام 2007 وكان أول مدرب له في تاريخه الطويل هو الكابتن جميل عثمان وأول قائد لفريقه الأول هو أحمد فؤاد أنور، وأول بطولة حققها الفريق في تاريخه كان التتويج بكأس السلطان حسين عام 1923. على الصعيد المحلي فاز الشياطين الحمر بالدوري الممتاز 36 مرة أولها كانت موسم "1948/1949″ وآخرها كان موسم "2010-2011″ كما توج بلقب كأس مصر 33 مرة أولها كان عام 1924 وآخرها كان عام 2007. وقارياً يمكن القول إن الأهلي حصد كل الألقاب القارية الممكنة التي شارك فيها فيما عدا كأس الكونفدرالية الأفريقية، إذ إنه توج بلقب دوري أبطال أفريقيا ثماني مرات أولها كان عام 1982 وآخرها كان العام الماضي، وأحرز كأس السوبر الأفريقية ست مرات أولها كان في العام 2002 وآخرها كان يوم الخميس الماضي، كما حصد نجوم الفريق في الثمانينات والتسعينات كأس الأندية الأفريقية أبطال الكؤوس أربع مرات أعوام 1984 و1985 1986 1993، وهي البطولة التي توقفت واستبدلها الاتحاد الأفريقي لكرة القدم ببطولة الكونفيدرالية. أما عربياً فحصل الأهلي على بطولة الأندية العربية عام 1996 كما فاز بكأس السوبر العربية مرتين عامي 1997 و1998. صخرة الدفاع وأخيراً فلا يمكن أن نختتم حديثنا عن القلعة الحمراء دون أن نتعرض لأحد أنجح اللاعبين في تاريخ كرة القدم المصرية وهو وائل جمعة، هذا اللاعب الذي علق عليه محمد أبو تريكة عندما أعلن اعتزاله قائلاً " هو يمثل الصخرة التي تحطمت عليها آمال المهاجمين". بالتأكيد ما قاله أبو تريكة لا يمثل أي مبالغة فوائل جمعة بالإضافة إلى سجله الذهبي والمشرف مع الأهلي على مدار أكثر من 13 عاماً، هو أحد الركائز الأساسية التي اعتمد عليها المدرب الكبير حسن شحاته في تحقيق ثلاثيته التاريخية عندما قاد الفراعنة للفوز بكأس الأمم الأفريقية ثلاث مرات أعوام "2006 – 2008 – 2010″ وخلال تلك البطولات الثلاث نجح جمعة في إيقاف أقوى مهاجمي القارة وأفضلهم وأكثرهم عالمية مروراً بالكاميروني إيتو والإيفواري دروغبا وصولاً إلى الغانيين عبييدي بيلييه وآندريه أيوه. أما محلياً فقد انضم جمعة إلى الأهلي عام 2001 قادماً من نادي غزل المحلة العريق، واللافت أن جمعة انضم للأهلي نجماً وأحد اللاعبين الصاعدين حيث كان قد توج بلقب أفضل لاعب في كأس العالم العسكرية التي استضافتها القاهرة عام 2001. خاض وائل جمعة مع الأهلي حتى الآن 432 مباراة أحرز فيها 6 أهداف ومع منتخب بلاده 113 مباراة سجل خلالها هدفاً واحداً فقط وإنجازاته مع الأهلي تصيب المتابع بالدهشة وتطرح تساؤلاً هاماً وهو "هل سنشاهد مستقبلاً في ملاعب مصر لاعباً شارك فريقه الفوز بكل هذه الألقاب؟!" . عالمياً حصل جمعه مع الأهلي على المركز الثالث في كأس العالم للأندية عام 2006، فيما فاز مع فريقه بست بطولات لدوري الأبطال أعوام 2001 و2005 و2006 و2008 و2012 و2013، والمثير أنه شارك أساسياً في كل المباريات النهائية، كما شارك أساسياً أيضاً في حصول الأهلي على كأس السوبر الأفريقية خمس مرات أعوام 2002 و2006 و2008 و2012 و2013 وأخيراً 2014، كما توج مع الفريق بالدوري المحلي لسبعة مواسم انطلاقاً من موسم " 2004 – 2005″ وحتى موسم "2010-2011″، فيما شارك الأهلي في الحصول على كأس مصر ثلاث مرات مواسم "2002-2003 و2005-2006 و2006-2007″، إضافة إلى التتويج بكأس السوبر المصرية ست مرات.