عبد الواحد الخميسي في ذمة الله والى جواره الكريم، خبر نزل عليّ كالصاعقة لعدة أسباب أهمها أن الفقيد كان أستاذنا في مجال التحكيم وقدوتي في المزج بينه وبين الإعلام، وأنا شخصياً تأثرت به وبنشاطه الدءوب الذي لم يتوقف فقط على المستطيل الأخضر كأصغر حاصل على الشارة الدولية في التحكيم، فقد صال وجال رحمه الله في ميادين التعليق الرياضي، وتدرج باجتهاده حتى شغل منصب نائب رئيس قناة عدن الفضائية ومدير عام البرامج فيها . ولأنه من النوع الذي لا يتوانى عن خدمة الإعلام فقد تم انتخابه في ديسمبر العام الماضي نائباً لرئيس اللجنة الدائمة للبرامج التلفزيونية العربية في الانتخابات التي أقيمت مؤخراً في العاصمة التونسية، وهو اقل ما يُمنح له نظير تفانيه في عمله وتمثيله لوطنه يرحمه الله، كيف لا وهو سليل أسرة إعلامية مشهود لها. تعرفت عليه منذ العام 1993 ورافقته كمساعد حكم في العديد من المباريات، وكنت أتوق إلى تقليده يرحمه الله لأنه كان يضع للمباريات رونقاً خاصاً، وطابعاً لا يمتلكه إلا عبد الواحد الخميسي، حتى أنك تعرفه من صوت صافرته ونبرتها التي كان ينفرد بها عن بقية زملائه الحكام، وكان يرحمه الله مثالا للأخلاق الفاضلة التي جسدها من خلال تعامله مع الصغير والكبير، وما موكب الجنازة المهيب الذي تقدمه مختلف فئات المجتمع إلا دليل على العلاقات الطيبة التي نسجها رحمه الله خلال مشوار حياته الحافل بالعطاء وخدمة قضايا وطنه. رحم الله الخميسي فقد كان جميل المسايرة خفيف الظل لا يُشعرك بأنه أعلى منك أو انك اقل منه رغم أن تلك هي الحقيقة، وكان دمث الخلق يُدخل عليك السرور بضحكاته التي تملأ المكان الذي يتواجد فيه، وهي بسَمات ستظل عالقة في أذهاننا ومثله لا يُنسى فبصماته ستبقى تحيط بأصدقائه. في الأسبوع الماضي وأنا أُراجع أطروحة الدكتوراة الخاصة بي مررت على اسمه كوني ضمنتها الأسماء التي أعطت للتحكيم اليمني كل خبرتها لأكثر من عقدين من الزمن، وهو على رأسهم، ولم أكن أعلم أن تلك المراجعة ستكون الأخيرة دون إضافة كلمة فقيد التحكيم اليمني إلى جوارها، ويا لها من كلمة تحز في النفس خصوصاً عندما تفقد رجلاً كنت تكن له المودة والاحترام، ويا لها من فاجعة وأجارنا الله وإياكم من موت الفجأة. ولأن الذي خَلّف لم يمت كما يقول إخواننا المصريون، فإننا نرى في نجله" محمد" امتداداً طبيعياً له في مجال الإعلام، وهنا نقدم مواساتنا له وهو الذي لم يكمل بعد فرحته بزواجه في الشهر المنصرم حتى يفجع بهذا المصاب الجلل الذي نسال الله أن ينزل معه الصبر والسلوان لجميع أهله ولأصدقائه ومحبيه. وعزاؤنا للأخ العزيز معاذ الذي لم يفقد شقيقاً فقط ولكنه فقد معلماً وقدوة، وعزاؤنا أن عطاء آل الخميسي إعلامياً سوف يتواصل من خلال عطاء بقية أهله الذين وهبوا أنفسهم لخدمة صاحبة الجلالة، فنسأل الله جلت قدرته أن يجعل فيهم من الخير ما يواصلون به مشوار فقيدنا رحمه الله. وعزاؤنا أيضا لقضاة الملاعب الذين رحل عنهم أخ وزميل كلهم كان يود أن يشارك معه إحدى المباريات، وان كان الفقيد لم يورث حكماً ولكنه أوجد حكاماً كُثر في معظم المحافظات فقد كان التحكيم يُقرن بالخميسي لما يتمتع به من صفات كانت تميزه عن غيره من الحكام خاصة في طريقة أدائه الفريدة، ولتقليده والاقتداء به دخل هذا المجال الكثير منهم، فرحم الله عبد الواحد الخميسي واسكنه فسيح جناته وألحقه بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وألهم أهله وذويه ورفاقه وأصدقائه ومحبيه الصبر، وإنا لله وإنا إليه راجعون. الفاجعة الثانية التي حلت بالسلك التحكيمي بوفاة الزميل الكابتن القدير والحكم الدولي والمرقب الفني محمد النويجي الذي أفنى جل عمره في خدمة هذا القطاع رحمة الله عليه، وكان متمتعا بالأخلاق الفاضلة يرحمه الله، فنسأل الله له الرحمة والمغفرة ولأهله ومحبيه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون. باحث دكتوراه بالجزائر [email protected]