شاهدت صور "خادم الحرمين" وأعلام "المملكة" مرفوعة بأيدي جماهير الإصلاح في صلاة "الستين"؛ فشعرت، صادقا، بالتعاطف.... لقد بدوا لي مثل "البدون"؛ سكان "الكويت" البدو، الذين ترفض حكومتهم منحهم جنسيتها، إنهم ينفذون باستمرار اعتصامات للمطالبة بالجنسية، ويرفعون صور أمير الكويت وأعلام الكويت، ليستعطفوا سموه ويثيروا فيه ما أمكن من الشفقة.. كي يلبي مطلبهم. "الإخوان".. يوجهون لجماهيرهم أقسى وأمر رسالة، فهم حين يأمرونها برفع صور وأعلام "الاستنجاد" بالملك السعودي و "استعطافه".. لا يجترحون بذلك سياسة "ذكية" كما يعتقدون؛ بل يؤكدون لجمهورهم أنهم باتوا في قعر الضعف، وأن لا حل إلا في التوجه ناحية ملك في السعودية لا يُظلم عنده "وهابي" أبدا.. (المسألة تستبطن الفرز الطائفي المألوف: السعودية للوهابيين، وإيران للشيعة) إنهم يؤكدون "ولاءهم" للسعودية بالطريقة التي لا يجرؤ خصمهم "الحوثي" على التعبير بها تجاه حليفته "إيران".. لكن ذلك ليس المشكلة، وليست المشكلة استدعاء "الخارج" على "الداخل"، ولا هي في إعلان الولاء للملك نفسه الذي بارك رمي الجماعة الأم في مصر إلى ما قبل 85 عاما... المشكلة تكمن في أن توكل كرمان أدارت معركة "مهجري الجعاشن" ضد الشيخ "المنصور" بطريقة أفضل من هذه التي يدير بها "الإخوان" معركة تهجيرهم من السياسة والنفوذ؛ على يد "السيد".. لكن من يكترث فكرمان فشلت في النهاية ولم تحقق لجمهورها الجعشني أي انتصار، ولن تكون معركة الجمهور "الستيني" أفضل حالا.. هل هو الذكاء أم هو فقط بوار العقول؟! .... "أقسم بالله إن قبايل شفتهم بينهبوا بيوت في صعدة ويقاتلوا مع الجيش؛ شفتهم هذا الاسبوع بينهبوا بيوت في عمران ويقاتلوا مع الحوثيين." هذه رواية أحد مواطني "عمران" سمعتها الليلة... وأظن أنها رواية ستتصاعد لتصبح الرواية الرسمية لهذا الالتحام الكبير بين حوثيي مرحلة التأسيس وبين قبائل "الفتح" التي التحقت بالتيار بعد علو شوكته.. أفرادا وأفواجا. السؤال المصيري بالنسبة لجماعة "الحوثي": هل ستتمكن القيادة من السيطرة على "أُمّة الشعار" وقد أصبحت شعوبا وقبائل، و"حواشد" و "بكائل"؟!! هل بإمكان "السيد" ضبط إيقاع الجماعة والتحكم بسلوكها؟ أم نحن بانتظار فرض كل قبيلة، وكل مجموعة قبلية، لأنماط سلوكها وعاداتها، لتصبح هي السلوك الرسمي للجماعة الأم؟ هل "يتحيشد" "الحوثيون" أم "يتحيوث" "الحاشديون"؟ هل "تبيكلت" "الحوثية" أم "تحيوثت" "بكيل"؟ هي أسئلة مصيرية بالفعل، فكل هذا التوسع وكل هذا التجنيد للقبائل، قد لايفضي إلى استقرار الحركة المسلحة، في النهاية، كتيار سياسي واجتماعي، كمايأمل قادته، بل سينتهي بتحويل الجماعة إلى قنبلة عنقودية.. بعض المخاطر غير المنظورة.. غير منظورة حتى للحوثيين أنفسهم أو لأكثر الناس حماسا لهم. فما إن تبدأ القبيلة بافتقاد مصلحتها التي تتوقع من الحوثيين تأمينها لها؛ حتى تبدأ البحث عنها بيدها... والتمرد. ولكن كل ذلك لايعني أن ليس هناك حل... وبالإمكان التلميح للحل بإيجاز: بناء الدولة المعنية برعاية مصالح كل اليمنيين وكل الفئات وكل المجتمعات. سيتمكن الحوثيون من حماية تيارهم إذا هم حولوا هدف بناء "الدولة" الضامنة للمصالح المشروعة، إلى أيديولوجيا للقبيلة، بدلا عن عقيدة "الفيد".. انها مهمة كل اليمنيين، لكنها بالنسبة للحوثيين سترة الإنقاذ الوحيدة من ارتدادات حماس المجتمعات القبلية لهم، الحماس المخيف حتى اللحظة..