القيادي الإصلاحي زيد الشامي دعا حزبه إلى التوجه نحو "المؤتمر الشعبي" و "الجماعات الإسلامية" لإنشاء "تحالف حرب" وليس لإنجاز مصالحة وطنية أو مجرد تحالف سياسي. "تعال يا صالح حارب معنا.. محسن وحده ما ينفعش.. والسلفيين مافيهمش فايدة.. وهادي خذلنا.. وانا مريضة" على قولة تقية الطويلة. كان الشامي سيكون سياسيا عظيما وشجاعا، يحاول الخروج بحزبه من مأزقه الوجودي، لو هو دعا إلى "مصالحة وطنية" تشمل كل خصومه: من "المؤتمر" و "صالح" إلى "الحوثيين" و "الحراك"... أما دعوته التي أطلقها أمس فمن قال أن فيها "تعقلا" أو "عقلانية" من أي نوع؟ إنها اصرار فحسب على المضي في خيار الانتحار وإحراق البلد.. حتى أنه لا يجد ما يمهد به لدعوته هذه إلا إعطاء وعد مبكر ل"صالح" بالقطيعة مع "الاشتراكي" و "المشترك".. وكأنه يقول للمؤتمر: "هيا بنا نلعب لعبة 94م مجددا".. لدي تفسيرات أخرى: قد تكون الدعوة مجرد لافتة ابتزاز كبيرة للرئيس "هادي"، يجري عبرها تخويفه بالعودة إلى "صالح" كي يحافظ (هادي) على ما تبقى من وزن للإصلاح في صنعاء ويستمر في التصعيد ضد "الحوثيين".... هذا احتمال وارد جدا، ولكنها إن لم تكن لغرض "الابتزاز".. فإنها تصبح دعوة للتحالف على قاعدة "مواجهة هادي" أولا وليس "محاربة الحوثيين" فقط، أو أن "محاربة الحوثيين" تأتي كهدف ثاني، ذلك لو أن الإصلاح يراهن بالفعل على صناعة أي إنجاز في مواجهة الحوثيين جنبا إلى جنب المؤتمر، فإنه بذلك يقدم أغبى رهان في تاريخ اليمن السياسي... فما فشل فيه صالح خلال سبعة حروب وفي عز مجده، لن يكرره اليوم وهو خارج امتيازات السلطة والقوة. "الإصلاح" مدعو للتصالح مع نفسه.. فكل خيار يلوح به يبدو أكثر كارثية عليه من الخيار الذي خسره لتوه. ربنا يهديهم..
.... شاهدت صور "خادم الحرمين" وأعلام "المملكة" مرفوعة بأيدي جماهير الإصلاح في صلاة "الستين"؛ فشعرت، صادقا، بالتعاطف.... لقد بدوا لي مثل "البدون"؛ سكان "الكويت"، الذين ترفض حكومتهم منحهم جنسيتها، إنهم ينفذون باستمرار اعتصامات للمطالبة بالجنسية، ويرفعون صور أمير الكويت وأعلام الكويت، ليستعطفوا سموه ويثيروا فيه ما أمكن من الشفقة.. كي يلبي مطلبهم. "الإخوان".. يوجهون لجماهيرهم أقسى وأمر رسالة، فهم حين يأمرونها برفع صور وأعلام "الاستنجاد" بالملك السعودي و "استعطافه".. لا يجترحون بذلك سياسة "ذكية" كما يعتقدون؛ بل يؤكدون لجمهورهم أنهم باتوا في قعر الضعف، وأن لا حل إلا في التوجه ناحية ملك في السعودية لا يُظلم عنده "وهابي" أبدا.. (المسألة تستبطن الفرز الطائفي المألوف: السعودية للوهابيين، وإيران للشيعة) إنهم يؤكدون "ولاءهم" للسعودية بالطريقة التي لا يجرؤ خصمهم "الحوثي" على التعبير بها تجاه حليفته "إيران".. لكن ذلك ليس المشكلة، وليست المشكلة استدعاء "الخارج" على "الداخل"، ولا هي في إعلان الولاء للملك نفسه الذي بارك رمي الجماعة الأم في مصر إلى ما قبل 85 عاما... المشكلة تكمن في أن توكل كرمان أدارت معركة "مهجري الجعاشن" ضد الشيخ "المنصور" بطريقة أفضل من هذه التي يدير بها "الإخوان" معركة تهجيرهم من السياسة والنفوذ؛ على يد "السيد".. لكن من يكترث فكرمان فشلت في النهاية ولم تحقق لجمهورها الجعشني أي انتصار، ولن تكون معركة الجمهور "الستيني" أفضل حالا.. هل هو الذكاء أم هو فقط بوار العقول؟! ...