أصدر الرئيس عبد ربه منصور هادي، أمس الاثنين، قرارا جمهوريا بتعديل قوام اللجنة الفنية للتحضير للحوار الوطني وذلك بإضافة ستة أعضاء إليها ليرتفع قوامها بذلك من 25 عضوا إلى 31. الأعضاء الجدد بدا غالبيتهم من لون واحد هو حزب التجمع اليمني للإصلاح أو من حلفائه وحلفاء اللواء علي محسن الأحمر، حيث أن أربعة من الاسماء المضافة إما إصلاحية أو سلفية أو حليفة للإصلاح وهؤلاء هم ياسر الرعيني، الناشط الإصلاحي المعروف في ساحة التغيير بصنعاء، وعبد الله الناخبي، الناشط الحراكي والحليف الوثيق للإصلاح واللواء محسن، ومثله عبد القوي محمد رشاد المسئول في مجلس تنسيق قوى الثورة في الجنوب وهو الإطار الإصلاحي لناشطي الثورة في عدن، والرابع هو محمد بن موسى العامري وهو شيخ سلفي و رئيس الهيئة العليا لاتحاد الرشاد السلفي. فيما العضوان الآخران هما علي حسن زكي، أحد ناشطي الحراك، و عبد الرشيد عبد الحافظ عبد الواسع سعيد. وجاءت هذه الإضافة إلى قوام اللجنة الفنية، في ظل تعقد مهمة الرئيس هادي في إقناع الحراك الجنوبي وقياداته البارزة بالالتحاق بالحوار الوطني، وهي المهمة التي يحول عدم إنجازها عن المضي بخطى ثابتة نحو موعد انعقاد المؤتمر، طبقا لمصادر ذات علاقة. وبذلت القوى الدولية جهودا مع قيادات الحراك خصوصا القيادات المقيمة في الخارج لإقناعها بالموافقة على المشاركة في مؤتمر الحوار لكن هذه الجهود فشلت، وجاء إدخال بعض الأسماء المحسوبة على الحراك كتعويض مؤقت لهذا الفشل، رغم أن هذه الأسماء معروفة جماهيريا بالتزامها بمواقف قوى وأحزاب سياسية في صنعاء ولا تمثل الحراك الشعبي ذي التأثير الواسع في الجنوب. في السياق ذاته أبلغ "الأولى" مصدر في اللجنة الفنية للحوار أن عددا من الأعضاء يعتقدون أن إضافة هذه الأسماء إلى قوام اللجنة يأتي بعد ضغط من حزب الإصلاح واللواء علي محسن الأحمر وذلك لترجيح كفة الإصلاح داخل اللجنة في حال اعترضت أعمالها مواقف تستدعي التصويت على قرارات معينة، وعلى الأرجح فقد وجد الإصلاح نفسه مضطرا لرفد نفسه بالمزيد من الأعضاء داخل اللجنة بعد صدمته لنتائج حالة التصويت الوحيدة التي شهدتها اللجنة وهو التصويت على موقع الناطق الرسمي للجنة والذي أفضى إلى خسارة ممثلة الإصلاح توكل كرمان وفوز الناشطة أمل باشا بالموقع، حيث حملت النتيجة رسالة واضحة بأن الإصلاح قد يتعرض لسلسلة خسائر في أي تصويتات قادمة. يأتي ذلك في ظل مرور نحو أسبوعين على غياب الدكتور ياسين سعيد نعمان، أمين عام الاشتراكي، عضو اللجنة، عن اجتماعات اللجنة بسبب مغادرته إلى خارج البلاد في ظروف على الأرجح لها علاقة بمحاولة الاغتيال التي تعرض لها من قبل جنود في نقطة تابعة للفرقة الأولى مدرع، ويخلق غياب ياسين حالة إحباط وسط اللجنة ولدى الرأي العام وذلك بفعل ديناميكية الدور الذي كان يؤديه داخل اللجنة وفي سياقات تحظى بإجماع لدى سائر القوى خارج القوتين الرئيسيتين: الإصلاح والمؤتمر. من جانب آخر أفادت مصادر مطلعة بأن خلافات بدأت تظهر على السطح وسط اللجنة الفنية للتحضير للحوار الوطني، على خلفية عدم البدء بتنفيذ أولوية النقاط ال20 المقدمة لرئيس الجمهورية. وقالت المصادر إن اجتماع اللجنة، أمس الاثنين، الذي حضره سفراء الدول الراعية لتنفيذ المبادرة الخليجية، شهد نقاشاً بشأن ما تم تنفيذه من النقاط ال20 المقدمة للرئيس هادي، وإن نبرة استياء ظهرت في طرح بعض الأعضاء بشأن تباطؤ تنفيذ النقاط. وحضر السفير الأمريكي الاجتماع، لكنه لم يتحدث طوال الجلسة، بل تحدث السفير الروسي وسفير الاتحاد الأوروبي، حسب المصادر. وقال أحد المصادر نقلا عن مسؤول حضر الاجتماع إن سفير الاتحاد الأوروبي ميكيليه سيرفونه دورسو، سأل الدكتور عبدالكريم الإرياني، رئيس اللجنة؛ "ما الجديد؟" بشأن تنفيذ النقاط ال20. وأضاف أن الإرياني "كان محرجاً"، وأخبر السفراء بأن الرئيس هادي قال إنه قد أصدر توجيهاته بإطلاق المعتقلين، واعتبار قتلى مظاهرات الحراك الجنوبي السلمي "شهداء"، والنقطتان جزء من النقاط العشرين. وحسب معلومات "الأولى" فإن الأولوية المطروحة على الرئيس هادي في ما يتعلق بالنقاط، هي مشكلة المتقاعدين قسرياً، ومشكلة الأراضي في الجنوب، وإعادة الممتلكات الخاصة والعامة التي تمت مصادرتها عقب حرب صيف 94. وأوضح المصدر أن سفير الاتحاد الأوروبي عبر عن دعم دول الاتحاد لتنفيذ النقاط ال20 "من أجل التهيئة لحوار جاد ومسؤول بين جميع الأطراف اليمنية"، مشيرا إلى أن سفراء الدول ال10 دعوا خلال الاجتماع أعضاء اللجنة الفنية للحوار إلى اجتماع آخر معهم الأسبوع القادم، غير أن اللجنة قبلت الدعوة مبدئياً دون البت نهائياً في قبولها. وأكدت الناطقة الرسمية باسم اللجنة الفنية للحوار أمل الباشا، أن أعضاء اللجنة ناقشوا أمس ما تم تنفيذه من النقاط ال20 المقدمة لرئيس الجمهورية، وأن الإرياني أخبر الأعضاء بأن الرئيس وجه بتشكيل لجنة برئاسة وزير الدفاع وعضوية كل من وزير الداخلية ووزيرة حقوق الإنسان والأمن القومي والأمن السياسي، للبدء في إطلاق المعتقلين السياسيين. غير أن الباشا، نقلت عن وزيرة حقوق الإنسان قولها إن لجنة المعتقلين لم تجتمع إلى الآن، وإن هذه اللجنة كان قد تم تشكيلها في وقت سابق. وأوضحت الباشا في حديث صحفي أمس، أن الجديد الذي أخبرهم به الإرياني هو أن الرئيس أصدر توجيهاته للإسراع بإطلاق المعتقلين، واعتبار قتلى مظاهرات الحراك شهداء، وتوجيه وزارة الصحة بحصر الجرحى الذين تستدعي حالاتهم العلاج في الخارج. وأضافت: "طرحنا أن لجنة إطلاق المعتقلين لن تنجح إلا إذا تم تعيين ممثلين للأمن القومي والأمن السياسي فيها. نحن طرحنا على الرئيس في لقاء قبل أسبوعين، أن لجنة إطلاق المعتقلين لم تجتمع منذ تشكيلها، وأبدى استعداده للتوجيه بمباشرة عملها". ويبدو أن تنفيذ النقاط ال20 لا يمضي بصورة حاسمة، حيث تطلب تشكيل لجنة لإطلاق المعتقلين السياسيين، خاصة معتقلي الحراك الجنوبي، أكثر من شهر ونصف لاستكمال تعيين جميع ممثلي الجهات المشكلة منها اللجنة. وتعتبر اللجنة الفنية للتحضير للحوار الوطني تنفيذ النقاط ال20 "متطلبات أساسية" لإنجاح الحوار الوطني المرتقب انعقاد مؤتمره الشامل في نوفمبر القادم، وسبق أن طلبت من الرئيس عبد ربه منصور هادي البدء بتنفيذها لإزالة أهم معوقات الحوار. وكان الرئيس هادي في آخر اجتماع له مع اللجنة أبلغ أعضائها بأن تنفيذ هذه النقاط فوق طاقته وطاقة الحكومة، ووعدهم بأن ينفذ الممكن منها، غير أنه مر حوالي نصف شهر منذ أطلق هادي وعده هذا، بداية سبتمبر الجاري، دون البدء بتنفيذ أي بند. وقالت الباشا: "اللجنة مهامها محددة، وليس من ضمنها رفع تقارير بالمعوقات، لكن الرئيس هادي قال لنا في أول اجتماع له باللجنة، إننا نتحمل مسؤولية تاريخية من خلال ما سنقدمه، فطرحنا عليه أن هناك قضايا حقوقية من الصعب حلها بالحوار فقط، بل تستدعي معالجتها قرارات رئاسية لنقض الأثر القانوني الذي أوقع التعسف، فوافق على ذلك، ثم تشكلت لجنة من بعض الأعضاء، ورفعت بالنقاط ال20". وأشارت الناطقة الرسمية للجنة الحوار إلى أن لجنة إطلاق المعتقلين التي شكلها الرئيس إذا ما تم تفعيل دورها بشكل ملموس، وتم الإفراج الفعلي عن المعتقلين السياسيين فإن ذلك سيؤدي إلى تهيئة "جزئية" للحوار بشأن القضية الجنوبية، و"ستنقل رسالة تطمينية للناس بأننا قادمون على تغيير حقيقي". وحسب مصادر "الأولى" فإن الرئيس هادي لم يضع النقاط ال20 موضع التنفيذ حسب الأولوية المتفق عليها، وأن عددا من الأعضاء طلبوا من رئيس اللجنة عبد الكريم الإرياني تنسيق لقاء جديد لهم مع الرئيس هادي، فرد عليهم الأول بأن الرئيس لا يمانع اللقاء بهم لكن بعد عودته من حضور مؤتمر المانحين في نيويورك، المزمع انعقاده في 27 سبتمبر الجاري. وأضافت المصادر أن بعض الأعضاء طلبوا اللقاء بالرئيس قبل بداية أكتوبر القادم، نظراً لإلحاح القضايا التي يريدون طرحها عليه. ولم تذكر المصادر ما إذا كان الرد إيجابيا على هذا الطلب أم لا. وفي تفاصيل اجتماع الاثنين، قالت المصادر إن أعضاء اللجنة الفنية للحوار دعوا السفير الأمريكي للعمل على الإفراج عن الصحفي عبدالإله حيدر، وإيقاف الضربات الجوية، كون هذا النشاط العسكري من شأنه تقوية تنظيم القاعدة، وتعزيز التعاطف الشعبي معه. إلى ذلك استقبل المراقبون والمعلقون قرار هادي بتعديل قوام اللجنة الفنية بتشاؤم واعتبروه دليلا على حالة تخبط وإرباك داخل قصر الرئاسة. وقال الصحفي والإعلامي سامي غالب، في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، إن إضافة أشخاص جدد إلى قوام اللجنة هو قرار يستجيب جزيئأ لمطالب بعض القوى السياسية، وهو على شكليته ومحدودية أثره, يفصح عن حالة التخبط والإزباك لدى صانع القرار الرئيس هادي, إزاء أولويات المرحلة التحضيرية للحوار، موضحا: "الشكل يتقدم على المضامين, والقرارات التعويضية والاسترضاءية تبلبل بفرقعاتها الرأي العام الذي ينتظر قرارات جذرية وطنية لا فصائلية, من شأنها التهيئة للحوار الوطني. وأضاف غالب: "الرئيس هادي يتهادى, ومعه شعبه المبلبل, وئيدا ولكن أكيدا, نحو الحافة... حافة الاقتتال الأهلي في غير بقعة من اليمن". وقاطع ممثلو تيار الحوثي اجتماع الأمس بسبب حضور السفير الأمريكي.