استقبلت قبائل محافظة "المهرة" أمس الجمعة، نجل آخر سلاطين ما كان يعرف ب"سلطنة المهرة"، وذلك في سياق التحضير لفعاليات احتجاجية ضد قرار ضم المحافظة مع "حضرموت" في إقليم واحد يحمل اسم الأخيرة. واستقبلت حشود القبائل السلطان عبدالله بن عيسى بن عفرار في منفذ "شحن" الحدودي قادماً من سلطنة عمان. ورافقته إلى مدينة "الغيظة" عاصمة المحافظة، في مواكب مسلحة ترفع أعلام "السلطنة" سابقاً، وشعارات تطالب بالتراجع عن "محو هوية المهرة" المتمثل في "إلحاقها بحضرموت" حسب تعبير الشعارات. والسلطان عبدالله هو نجل السلطان عيسى بن عبد الله عفرار آخر سلاطين المهرة من آل عفرار الذين امتد حكمهم للسلطنة حوالي 700 عام، قبل تحويلها إلى محافظة عرفت ب"المحافظة السادسة" غداة استقلال الجنوب ورحيل المستعمر البريطاني. وأعدمت سلطات الاستقلال في عدن السلطان عيسى (الأب) عام 68، فيما فرت عائلته وبينها نجله عبد الله لتعيش لاجئة في المملكة العربية السعودية. وليست هذه هي المرة الأولى التي يعود فيها إلى المهرة السلطان عبد الله، كما يناديه بعض المهريين، فيما يناديه مهريون آخرون بصفة "الشيخ"؛ حيث سبق أن عاد قبلها مرات منذ منتصف العام 2012 بدون إعلان، وكان التقى في آخر مرة بالرئيس عبدربه منصور هادي مع وفد من قبائل المحافظة، لكن ما يميز هذه العودة هو مجيئها في سياق احتجاجي يعكس حالة سخط متفاقمة في أوساط أهالي المهرة وسقطرى إزاء قرارات مركزية في صنعاء، وتحديداً قرار "الأقاليم". وقال بن عفرار، في كلمة ألقاها على جموع قبيلة بلحاف خلال استقبالها له في طريقه إلى الغيظة، إنه سيبذل مع وجهاء المهرة وسقطرى كل الجهود لإقرار المهرة وأرخبيل سقطرى كأقليم مستقل عن حضرموت وبحدود عام 67 وفي إطار "الدولة الاتحادية" حسب تعبيره. وذكر أنه ووفداً من المجلس العام لأبناء محافظتي المهرة وأرخبيل سقطرى، الذي يرأسه، كان التقى برئيس الجمهورية في 16 نوفمبر 2012 وسلمه رؤية سياسية للمجلس والتي تشمل مقترحا بالدولة الاتحادية، ولقاء آخر في بداية فبراير المنصرم أكد فيه للرئيس مطالب أهالي المهرة وسقطرى بأن تكون المحافظتان إقليماً بنفسيهما. وفوجئ أهالي المحافظتين بقرار الأقاليم الذي يشملهما مع حضرموت كإقليم واحد يسمى إقليم "حضرموت"، وهو ما يرون فيه "محواً" لهوية المهرة التاريخية. والمهرة هي ثاني أكبر محافظة يمنية من ناحية المساحة، بعد حضرموت. كما أنها الوحيدة بين محافظات ومناطق اليمن التي يتحدث أهلهما لغة خاصة بهما هما اللغة المهرية واللغة السقطرية وكلاهما لغتان قريبتان من بعض. بن عفرار إذ أبدى تأييده ودعمه وأهالي المهرة للرئيس هادي، فقد شدد على التمسك بمطالبهم ورفضهم المطلق ل"الإلحاق". وقال عبد الله بن عفرار في تصريح ل"الأولى"، إنهم لن يتوقفوا عن المطالبة بإقليم للمهرة وسقطرى في إطار الدولة الاتحادية، مشدداً أن من عمل على إخراج قرار الأقاليم بهذه الصورة لا يريد أن يتم تنفيذه، حد قوله وذلك في إشارة منه إلى أعضاء لجنة الأقاليم. وأضاف: لدينا هوية تاريخية نرفض أن تطمس مثلما لدى إخواننا في حضرموت هوية تاريخية لا يحبون أن يتم طمسها. وتثير مثل هذه التطورات المزيد من القلق حيال المشاكل التي يتوقع أن يخلقها قرار تحويل النظام في اليمن إلى نظام فيدرالي من ستة أقاليم، وهو القرار الذي وصف حين صدوره قبل أسبوعين من قبل عديد قوى سياسية بأنه "ارتجالي" و لا يستند إلى أية معايير. مواطن مهري تحدث ل"الأولى" بالقول إن القرار ينطوي على عدم احترام للمهرة وسقطرى وخصوصية مجتمعها؛ مضيفاً أنه "كان بإمكان لجنة الأقاليم اختيار على الأقل اسم للإقليم لا يبرز هوية محافظة على حساب هوية أخرى". وعلمت "الأولى" من مصادر مطلعة أنه وخلال أعمال لجنة الأقاليم طرح بعض الأعضاء مقترح أن يطلق على الإقليم اسم "الأحقاف" باعتباره اسماً تاريخياً يشمل حضرموت والمهرة أيضا، وأسوة ببقية الأقاليم التي سميت بأسماء تاريخية مثل: آزال، الجند، وسبأ. إلا أن بقية الأعضاء رفضوا الفكرة. ومن شأن المعايير الغامضة وغير الواضحة، والتي كانت وراء قرار الستة الأقاليم، أن تسهم، طبقا لمتابعين في حالات من استيقاظ "الهويات النائمة" في مجتمع ومنطقة يمنية كما هو الحال في المهرة وسقطرى. ومن المقرر أن ينعقد في الغيظة غداً مهرجان جماهيري في نفس السياق الاحتجاجي.