لكل إنسان سكرة . مادية كانت أو معنوية . والسكرة المعنوية أخطر من المادية , وأعمق أثرا . وهي أكثر خطورة حين تخرج من الطابع الفردي إلى الجماعي , ولكم أن تتصوروا حالةً من السكر وقد سيطرت على ( جماعة , حزب , دولة , .. إلخ ) .. يا للهول .. إنها مصيبة . ولكنها سنة الحياة , أن يسكر كل هؤلاء بخمور مختلفة ( سياسية , اقتصادية , اجتماعية , ثقافية , عسكرية , .. إلخ ) , وبنسب مختلفة أيضا . ما الحل إذاً ؟ وهل نترك حياتنا للحظات السكرة تدمر حياتنا , وتقضي على حاضرنا ومستقبلنا ؟ فقط لأنها سنة الحياة , وطبيعة الأشياء . الجواب : لا . ولكننا نستطيع وبكل واقعية أن نفرّق بين حالتي السُكْر والفِكْر , فلا نُقدم على أمورنا المهمة , وقضايانا الكبيرة , وقراراتنا المفصلية , إلا في حالة وعي كامل , وصحو مطلق . مهتدين بقوله تعالى :" لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ [النساء : 43] . ومسترشدين بقول من قبلنا : ( ذهبت السكرة وجاءت الفكرة ) . فليسكر صاحب الحشد بحشده , وليسكر حامل السلاح بسلاحه , وليسكر مستحق الدعم الأممي بدعمه , ولكن .. ليؤخر كل هؤلاء اتخاذ القرارات المصيرية لحين صحوتهم ولو على قاعدة امرئ القيس وقد وصله خبر مقتل أبيه : ( لا صحو اليوم ولا سكر غدا . اليوم خمر وغداً أمر ) .