في أقوى موقف معلن لها منذ بدء العمليات العسكرية لقوات التحالف في اليمن، أعلنت الولاياتالمتحدة الأميركية نهاية الأسبوع سحب عدد من مستشاريها العسكريين لدى التحالف الذي تقوده السعودية منذ آذار/ مارس العام الماضي. وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن دعمها لحملة المملكة العربية السعودية في اليمن أصبح متواضعا وانه "ليس شيكاً على بياض" وإنما "لمساعدة الشركاء الإقليميين في الدفاع عن النفس". ويأتي هذا الموقف الأميركي، بعد أيام قليلة من هجوم جوي مروع، استهدف بالخطأ مستشفى لأطباء بلاحدود في محافظة حجة، ما أسفر عن مقتل 19 شخصا على الأقل حسب المنظمة الدولية التي قررت على الفور الانسحاب من مستشفيات محافظتي حجة وصعدة الحدوديتين مع السعودية. هذا الموقف الأميركي المفاجئ، لا يعني بالتأكيد حسب مراقبين، تراجع الولاياتالمتحدة عن دعم الحملة العسكرية الضخمة التي تقودها السعودية ضد جماعة الحوثيين الشيعة، والرئيس اليمني السابق. ورغم ذلك فان واشنطن وحلفاءها الغربيين، يحاولون إقناع الرياض بالتخلي عن "أهدافها العسكرية المتطرفة" كاجتياح معاقل الحوثيين في محافظة صعدة، أو تحصينات قوات الرئيس اليمني السابق في العاصمة اليمنيةصنعاء. عندما أطلقت المملكة العربية السعودية عاصفتها الجوية في اليمن، نشرت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها عديد الخبراء والمستشارين العسكريين في مركز الدفاع الوطني. وهو المقر الرئيس لعمليات قوات التحالف في الرياض، وعدد من القواعد العسكرية على راسها قاعدة الملك خالد الجوية قرب مدينة خميس مشيط بمنطقة عسير جنوبي السعودية. ويقوم هؤلاء الخبراء والمستشارون من الولاياتالمتحدة وبريطانيا، ودول أوروبية أخرى، بالمساعدة في تنسيق ضربات التحالف نحو "أهداف مشروعة" وترشيد عملياتها الجوية بعيدا عن أهداف مدنية وفقا للمعايير العسكرية الدولية. لكن مصداقية هذا المسار، اهتزت مرات عدة تحت ضغط الأخطاء الفادحة، والانتقادات الدولية والأممية غير المسبوقة، غير أن ذلك لم ولن يمنع الرياض على ما يبدو من التمسك بهدف إبقاء اليمن في المدار السعودي. ولهذا يقول المراقبون للشأن اليمني، إن الموقف الأميركي الأخير من عمليات التحالف، موجه بشكل أكبر للداخل الأميركي ومجتمع المنظمات الدولية، إذ يريد الأميركيون في الأساس جدية أكبر في احتواء توسع الجماعات الإسلامية المتطرفة التي استفادت من الفراغ الأمني وانشغال حلفاء الحكومة بمعركة تبدو طويلة ضد الحوثيين وقوات الرئيس السابق. ولهذا أيضا يعتقد الكثيرون، أن الدعم الأميركي للحملة العسكرية الخليجية سيتواصل على وتيرته، ليس باعتباره حربا ضد الحوثيين بل لأنه قائم في الأساس على تحالف استراتيجي وخدمات تسليحية، فضلا عما ستقدمه هذه الحملة على صعيد مكافحة الإرهاب واحتواء نفوذ تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية. وعموما ينظر الأمريكيون والغرب بعين الريبة للمتمردين الحوثيين الذين يواصلون وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح فرض امر واقع بإجراءات أحادية الجانب لإزاحة الحكومة المعترف بها دوليا، لكنهم كانوا يفضلون على ما يبدو سقوط سلطة الجماعة الموالية لإيران بانهيار اقتصادي أو انتفاضة شعبية جديدة مطالبة بأوضاع معيشية افضل.