قصر النظر واحدة من أكثر اضطرابات الرؤية شيوعاً، وسوف نقدم لك هنا ملاحظات عن أسباب قصر النظر وأعراضه ولمحة عن علاج قصر النظر. يحتل النظر واحدة من بين أولى الهبات التي نمتلكها. ولا شك أن معظمنا يدرك أهمية تمتعه بحاسة بصر سليمة كون ذلك ينعكس على سير أعمالنا ونشاطاتنا اليومية بشكل سهل يخلو من أية معوقات، ومع هذا يتساءل من يعاني من أي مشكلة في بصره ومهما كانت ضئيلة عن الأسباب التي أوصلته لها وهل كان بالإمكان تفادي ما حصل، عله يتوجه بالنصح والإرشاد على الأقل إلى أحبائه كي يتجنبون ما وقع به. ما هو قصر النظر ؟ قصر النظر أكثر مشاكل العين الانكسارية شيوعاً، وصارت أكثر انتشاراً في العقود الأخيرة. فقد أظهرت دراسة أعدها معهد العين القومي الأميركي أن انتشار قصر النظر ازداد من 25% في عام 1971 إلى 42% عام 2004. ومع أننا لا نعرف على وجه اليقين سبب هذا الارتفاع الحاد المفاجئ في نسبة المصابين بهذا الاضطراب، غير أن معظم الأطباء يظنون أن هذا مرتبط بازدياد إجهاد العين الناجم عن ازدياد معدلات استخدام الحواسيب والجوالات والأجهزة والمهام الأخرى التي تتطلب إمعان النظر بأشياء قريبة، ويترافق ذلك مع استعداد وراثي للإصابة بهذا المرض. أعراض قصر النظر: سوف تلقى صعوبة في حال إصابتك بقصر النظر في قراءة الترجمة على أفلام التلفاز وفي مشاهدة الأشياء البعيدة عن ناظريك بوضوح، لكنك تستطيع مشاهدة الأشياء القريبة مثل شاشة الكمبيوتر أو أحرف الكتاب. تتضمن أعراض وعلامات قصر النظر الأخرى الحول وإجهاد العين والصداع. كما قد يشكل التعب عند قيادة السيارة أو ممارسة الرياضة عرضاً على إصابتك بقصر النظر. لو شعرت بهذه الأعراض رغم ارتدائك لنظارات أو عدسات لاصقة، فربما عليك أن تتصل بطبيب العيون من أجل إجراء فحص عيني شامل فقد تكون بحاجة لعدسات أقوى. أسباب قصر النظر: تصاب بقصر النظر عندما تكون مقلتك أطول من اللازم، أو بسبب ازدياد قوة تركيز الضوء التي تملكها القرنية وعدسة العين. يتسبب هذا بتركز الأشعة الضوئية في نقطة تقع أمام الشبكية، بدلاً من تركزها على الشبكية تماماً. كما يحدث قصر النظر بسبب ازدياد تحدب القرنية أو العدسة، ويحدث قصر النظر أحياناً بسبب تشارك تلك العوامل. يبدأ قصر النظر في الطفولة عادة، وتزداد خطورة إصابتك بقصر النظر لو كان والداك مصابين بقصر النظر. يستقر قصر النظر في غالب الحالات في بداية المراهقة، غير أنه يستمر في التطور في بعض الحالات مع التقدم بالعمر. علاج قصر النظر: يمكن تصحيح قصر النظر باستخدام النظارات أو العدسات اللاصقة أو جراحة تصحيح العيوب الانكسارية. قد تحتاج بحسب درجة قصر النظر عندك إلى ارتداء النظارة أو العدسات اللاصقة في جميع الأوقات، أو فقط عندما تحتاج إلى الرؤية القريبة جداً، كما عندما تقود السيارة أو تنظر إلى اللوح المدرسي أو عند مشاهدة فلم. تتضمن الاختيارات الجيدة لعدسات النظارات عند المصابين بقصر النظر العدسات مرتفعة المؤشر high-index lenses (من أجل النظارات الرقيقة والفاتحة) والطبقة المضادة للانعكاس. كما يمكنك أخذ العدسات الضوئية photochromic lenses في الاعتبار من أجل حماية عينيك من الأشعة فوق البنفسجية ومن الضوء الأزرق عالي الطاقة ولتقليل حاجتك إلى نظارات إضافية لترتديها خارج البيت. سوف يسبق الرقم الأول على وصفة النظارات لك في حال إصابتك بقصر النظر رمز " - ". وكلما كان الرقم أكبر، فهذا يعني أن عندك قصر نظر أشد. تقلل جراحة تصحيح العيوب الانكسارية درجة قصر النظر عندك وحتى أنها قد تنهي حاجتك لنظارات أو عدسات لاصقة. وتجري أكثر عمليات جراحة تصحيح العيوب الانكسارية باستخدام ليزر الإكسيمر excimer laser. يزيل الليزر في الجراحة الانكسارية القرنية photorefractive keratectomy طبقة من أنسجة القرنية، ما يجعل القرنية مستوية أكثر ويجعل الضوء يتركز بشكل صحيح على القرنية. في جراحة الليزك (وهي أكثر أنواح جراحات تصحيح العيوب الانكسارية شيوعاً) نقوم جراح العيون بتشكيل سديلة رقيقة على سطح القرنية، ثم يزيل الليزر بعض الأنسجة القرنية، وبعدها نرجع السديلة إلى مكانها الأصلي. كما يمكن علاج قصر النظر باستخدام تسوية القرنية orthokeratology، وهو إجراء غير جراحي يرتدي المريض فيه عدسات لاصقة غازية صلبة نفوذة للغاز في الليل، وهي تسمح بإعادة تشكيل القرنية وأنت نائم. عندما تنزع العدسات اللاصقة في الصباح، تأخذ القرنية بشكل مؤقت الشكل الجديد، ما يسمح لك بالرؤية بوضوح في النهار دون استخدام نظارات أو عدسات لاصقة. لقد ثبت أن علاج قصر النظر باستخدام تسوية القرنية والذي نطلق عليه اسم المعالجة الانكسارية القرنية (CRT) في المعالجة المؤقتة لقصر النظر الذي تتراوح درجاته بين الخفيفة والمتوسطة. هذا الخيار بديل جيد عن الجراحة عند مرضى قصر النظر الأصغر عمراً من السن المحددة لإجراء عملية الليزك أو من غير المؤهلين لإجراء هذه العملية لأسباب أخرى. من الخيارات الجراحية الأخرى هناك العدسات المزروعة داخل العين phakic IOLs لا سيما عند المصابين بدرجات عالية من قصر النظر أو من تكون عندهم قرنية أرق من المعتاد وهذا الأمر يزيد فرصة تعرضهم لمضاعفات عملية الليزك أو جراحات تصحيح العيوب الانكسارية الأخرى. تعمل العدسات المزروعة داخل العين كما لو أنها عدسات لاصقة، باستثناء أنها توضع داخل العين جراحياً وتكون دائمة في معظم الأحيان. ضبط قصر النظر: مع تزايد أعداد الأشخاص المصابين بقصر النظر حول العالم كثر الاهتمام بإيجاد طرق تمنع تطور قصر النظر في مرحلة الطفولة. وفي إطار هذا المسعى جربت تقنيات مختلفة بما في ذلك تزويد الطفل بعدسات ثنائية البؤرة تصاعدية وعدسات لاصقة نفوذة للغاز. وهناك تقارير جديدة واعدة من نيوزلندا تتحدث عن توصل باحثين فيها إلى تصميم عدسات لاصقة خاصة طرية “ثنائية البؤرة” تهدف إلى ضبط قصر النظر عند الأطفال. تملك هذه العدسات قوة كسر أقل بشكل ملحوظ في أطرافها بالمقارنة مع القوة في مركزها، ويعتقد أن هذا يساعد على تقليل تزايد قطر العين الذي يؤدي إلى قصر النظر. قصر النظر التنكسي Degenerative Myopia: لا يشكل قصر النظر في معظم الحالات إلا مشكلة بسيطة ليس لها مخاطر على صحة العين. بيد أن قصر النظر يكون في حالات نادرة شديدا ومتطوراً جداً بحيث يشكل آفة تنكسية. قصر النظر التنكسي (والذي نسميه أيضاً قصر النظر الخبيث أو المرضي) حالة نادرة نسبياً تصيب الأطفال بشكل وراثي وتبدأ في سنوات الطفولة الأولى. يزداد قطر العين في قصر النظر التنكسي بسرعة كبيرة ما يؤدي إلى قصر نظر شديد يمكن أن يؤدي إلى العمى.
