أصبح اللواء الركن محمود الصبيحي، من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في الساحة اليمنية، إن لم يكن ابرزها.. بات الرجل يحصد الإعجابات و يثير كثيرا من التساؤلات في آن واحد، غير أن ما يجمع عليه الكثيرون أنه شخصية عسكرية فذة و رجل وطني من الطراز الأول..
الرجل ينتمي عسكريا لمدرسة الشهيد علي عنتر، الذي تعلم منه الكثير من الصفات العسكرية إبان إدارته لمكتبه في سبعينات القرن المنصرم في دولة الجنوب السابقة.
كشف الأيام المنصرمة و بالذات من يناير الماضي، أن مواقف الرجل مبنية على قناعاته، و بعيدة عن التأثيرات أو التبعية لفرد أو جماعة أو حزب سياسي.
أثار الرجل كثيرا من التساؤلات، حين ظهر في فعالية الاعلان الدستوري لجماعة الحوثي، في القصر الجمهوري في ال6 من فبرائر، لكن التساؤلات زادت حين قبل بتولي رئاسة اللجنة الأمنية العليا التي شكلت بقرار من اللجنة الثورية التابعة للحوثيين، و ترؤسه لأول اجتماع للجنة.
حامت الشكوك حول الصبيحي، و كثرة التساؤلات، خاصة و أنه ظهر أثناء سيطرة الحوثيين على المحافظات الشمالية و الغربية، بموقف قوي، حين رفض دخول المسلحين الحوثيين إلى تعز و أكد أنه لن يسمح بذلك، و حضر إلى تعز أكثر من مرة مؤكدا على رفضه ملشنة تعز.
و حين عين وزيرا للدفاع، اتجه إلى مأرب و من هناك أكد رفضه لتواجد المسلحين الحوثيين في بوابات المعسكرات و تفتيش الجنود قبل الدخول إلى معسكراتهم.
كان قبول الصبيحي بالعمل مع الحوثيين عبر اللجنة الأمنية العليا، و بعد مواقفه السابقة، مثيرا للتساؤلات و باعثا للحيرة، غير أن الناس ظلوا على ثقة به و بمواقفه.
مغادرة الصبيحي العاصمة صنعاء إلى مسقط رأسه في مضاربة لحج، اعادت الصبيحي إلى الواجهة مرة أخرى.
الرجل غادر صنعاء، لكنه لم يتجه إلى عدن التي صارت قبلة لكثير من السياسيين، فضل البقاء في منزله المتواضع، غير أنه توجه إلى عدن بعد زيارة وفود رئاسية إلى منزله.
الصبيحي ذهب إلى عدن، ليس لتقديم واجب الولاء للرئيس هادي، و إنما للتفاوض معه و السماع منه، و تقديم شروطه.
الصبيحي ذهب إلى عدن بالزي الشعبي و قابل الرئيس هادي بالزي الشعبي أيضا، تماما كما حضر فعالية الاعلان الدستوري في صنعاء.
يقول متابعون إن الصبيحي حين يظهر بالزي الشعبي، لا يكون مقتنعا بحضور تلك الفعالية، و أن حضوره لا يكون بصفته الرسمية كقائد عسكري، و إنما كضيف شرف.
حضر الصبيحي فعالية الاعلان الدستوري في فبرائر المنصرم بالزي الشعبي، تماما كما حضر لقاء الرئيس هادي أول من أمس.
و من هنا، يرى متابعون أن ظهور الصبيحي بالزي الرسمي (البزة العسكرية) في فعالية قادمة، سيكون دليلا على انخراط الصبيحي في المهمة الموكلة إليه.
تقول المعلومات، أن الصبيحي وضع على الرئيس هادي شروط انخراطه في أي مهمة رسمية توكل إليه.
طلب الصبيحي، من هادي أن يتفرغ لتجميع و اعادة ترتيب ما تبقى من الوحدات العسكرية و اعادة تأهليها معنويا و عسكريا على أسس وطنية، بعيدا عن الولاءات غير الوطنية، و من ثم اعادة توزيعها و تموضعها من جديد.
تقول المعلومات أن الرئيس هادي قبل بشروط الصبيحي، و هي ذاتها الشروط التي طرحها على الحوثيين في صنعاء، غير أنهم اخلوا بها و خالفوها، و فضلوا أن يتعاملوا معه بنشوة المنتصر، فترك لهم صنعاء، و غادرها جنوبا إلى مسقط رأسه.
و تشير المعلومات، أن عملية التجنيد التي ستبدأ من غد السبت، كانت ضمن اتفاق بين الصبيحي و هادي، لإعادة ترتيب و تأهيل الوحدات العسكرية و تطعيمها بدماء شابة، تغرس فيهم القيم العسكرية و حب الوطن.
الصبيحي له مأخذ على "هادي" مثلما له مأخذ على الحوثيين، هكذا قالت مصادر عسكرية احتكت به خلال الفترة الأخيرة.
غضب الصبيحي من "هادي" حين ترك الجيش اسيرا للمليشيات في صنعاء، و أوقف اطلاق النار وسلم للحوثيين القصور الرئاسية، و ترك جنود اللواء الأول و الثالث حرس رئاسي، يبكون حسرة و هم يرون المسلحين الحوثيين يدخلون إلى القصر الرئاسي، تماما كما غضب من تصرفات الحوثيين الذين يتعاملون مع الجيش كمليشيات تدين بالولاء و الطاعة لزعيم الجماعة.
أراد الصبيحي أن يلملم شتات الجيش من موقعه كوزير للدفاع في صنعاء، فأصطدم بعقلية المليشيات التي تقدس الأفراد.
و من عدن يحاول مرة أخرى بناء الجيش و اعادة صياغته و هيكلته وفق أسس وطنية، لكن الجميع منتظر متى سيظهر الصبيحي ببزته العسكرية..؟!