يكابد غالبية المواطنين ممن اجبرتهم حالاتهم المادية البائسة والمتدهورة على معالجة أنفسهم أو اقربائهم لدى المستشفيات الحكومية، معاناة لا تنتهي ، حيث يعاملون وكأنهم بشر من الدرجة الثالثة، وبدلاً من الراعاية والاهتمام لا يجدون لدى هذه المنشآت الصحية الرسمية سوى الإهمال وسوء التشخيص ورداءة الخدمات مما يضاعف آلامهم، وربما يعرضهم لأخطار قد تودي بحياتهم..أثناء زيارة لنا لإحدى المستشفيات الحكومية بأمانة العاصمة التقينا بعدد من المرضى ورووا لنا شطراً من مآسيهم في التحقيق التالي:
د. باناعمة
معوضة: الروتين استأصل ابني
ظل محمد أحمد معوضة يتردد على المستشفيات شهراً كاملاً برفقة ابنه البالغ من العمر 16 عاماً بهدف إجراء عملية جراحية عادية لكليته اليمنى التي كانت مصابةً بالتهاب مزمن، وظل طيلة شهر كامل يعامل من أجل اجراء العملية في ظل إجراءات روتينية لا نهاية لها مما تسبب بمضاعفات خطيرة للمريض.. يقول معوضة: مكثت شهراً كاملاً وأنا أعامل، كل يوم ذهاباً وإياباً إلى ان تقيحت كلية ابني، مما أصبح من الضروري استئصالها، ولنا الآن أكثر من أسبوع منذ أن تم رقود ابني في المستشفى بهدف استئصال الكلية، ولولا التأخير الكبير أثناء المعاملة، لما أصيبت الكلية بالتقيح.. ولكن لا نملك إلا أن نقول: “لا حول ولا قوة إلا بالله”..
بين الدكتور والمنظار.. الأخطاء تحاصر معدة شوقي
شوقي ناجي 32 سنة أصيب بتقرحات في جدار المعدة، لذلك تردد على المستشفى الحكومي لتلقي العلاج.. ولم يكن يدري أن أخطاء كثيرة ستكون له بالمرصاد، يشرح شوقي ما جرى له قائلاً: “طلب مني الدكتور إجراء فحوصات وتحاليل مخبرية ومنظار للمعدة، وبعد إجراء المنظار قال لي الطبيب أن نتيجة المنظار بينت أنني لا أعاني من تقرحات، وإنما من التهابات خفيفة في جدار الأثني عشر، فسألته كيف ذلك، وأنا قد أجريت منظاراً في مستشفى العلوم وأكد الدكاترة لي أنني مصاب بتقرحات في جدار المعدة، ولكن الدكتور لم يهتم بكلامي، وقدم لي وصفة علاجية ظللت في المستشفى لمدة أيام لتناول هذه العلاجات، لكنني لم أشعر بأي تحسن في حالتي التي اعاني منها، بل تضاعف الألم في بطني وكنت أتعرض للطرش، فاستدعيت الطبيب المعالج، وأخبرته بما أشعر به من تغيرات جديدة، فقرر الدكتور إجراء عملية منظار أخرى من جديد، وفعلاً عملت منظاراً آخر ، ليتأكد الدكتور أنني فعلاً أعاني من تقرحات المعدة، وأكتشف حدوث خطأ في كتابة تقرير المنظار الأول، أما أنا فتحملت تكاليف عمليتي المنظار الأولى والثانية، وتحملت آلاماً عشرة أيام بسبب الخطأ الطبي، وربما لمضاعفات أخرى كثيرة.
نجيب : أصبحت حقل تجارب لضرب الإبر
نجيب عمره 37 سنة دخل المستشفى إثر حادث مروري أدى إلى إصابته بعصر الساق وكسر في الحوض يقول نجيب عندما دخلت إلى المستشفى شعرت بالإحباط فالأكل الذي يقدمونه لنا في أغلب الأوقات زبادي وخبز أما بالنسبة للممرضين والممرضات أغلبهم لا يعرفون كيفية ضرب الإبر لقد دخل عليَّ أحد الممرضين فضرب لي إبر في المكان الغير مخصص لها ثم أخرج الإبر وضربها في مكان آخر غير مخصص لها أيضاً وأخرجها إلى أن جاء على المكان المخصص وكأن يدي قد أصبحت أداةً لإجراء تجارب عليها لتعلم ضرب الإبر ويقول نجيب أنا موظف حكومي في الطرقات وفترة خدمتي 12 سنة ومع ذلك كل شيء في المستشفى على حسابي الخاص دون أي خصم للأسف المحسوبية والرشوة طغت على معظم الممرضين والممرضات وهذا حالنا .
الشرعبي : وعود گاذبة أدت إلى تورم رجلي
محمد عبد الله الشرعبي: العمر 18 سنة قدم إلى المستشفى إثر حادث سيارة يقول محمد عندما اسعفني أخي إلى المستشفى في الساعة الثانية عشرة ليلاً لم أجد عربية نقل تنقلني من السيارة إلى قسم الطوارئ.. عندما سألت عن عربية نقل لأنني لا أستطيع المشي قال لي العاملون الذين في الاستقبال لا توجد عربية نقل مما أضطر أخي الأكبر إلى حملي على كتفه إلى غرفة الطوارئ وعندما قرروا لي الرقود في المستشفى صعد بي أخي إلى الدور الخامس محمولاً على كتفه وفي صباح اليوم الثاني قال لي الدكتور المعاين لحالتي إن رجلك الأيمن تعرضت لتمزق وجروح ويواصل محمد راوياً قصته: لقد مكثت في المستشفى 18 يوماً وفي كل أسبوع يوعدونني بإجراء العملية ولكن كل الوعود كانت كاذبة إلى أن ورمت رجلي واشتد الألم وأصبحت غير قادر على تحريكها وبعد اسبوعين من الورم قال لي الدكتور المعاين لا يصلح إجراء العملية لك ورجلك مورمة فما عليك سوى الصبر واخذ العلاج الذي يخفف من حجم الورم وبعدها تجرى لك العملية وبقيت على هذا الحال 18 يوماً في المستشفى بين فحوصات وتحاليل وأشعة وما أقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل.