انسحب, صباح أمس, المئات من الجنود المستجدين من معسكر المركز التدريبي في مديرية بني حشيش, التابعة لمحافظة صنعاء, احتجاجا على توقيف مرتباتهم ومستحقاتهم المالية والغذائية, من قبل قيادة المركز التدريبي, التي اتهموها ب"الفاسدة". واتجه الجنود المنسحبون مشياً على الأقدام, وهم يحملون بعض من أمتعتهم كالفرش والبطانيات, نحو قيادة قوات الأمن الخاص, (الأمن المركزي سابقا) في العاصمة. وحمل بعض الجنود "القدور" و"الصحون" الخاصة بالأكل, في إشارة منهم الى حجم المعاناة التي يعيشونها في المعسكر بسبب عدم توفر الإعاشة الغذائية بالشكل المطلوب, بما في ذلك مياه الشرب التي قالوا أنها تتأخر لأيام.
وذكرت المعلومات أن جميع الجنود غادروا المعسكر, ولم يبق فيه غير جنود الخدمات والحراسة.
ونقلت "الشارع" عن مصادر متطابقة إن الجنود هتفوا بشعارات تطالب بإسقاط اللواء فضل القوسي, قائد قوات الأمن الخاصة, كما ردوا شعارات مطالبة بإسقاط قائد المعسكر التدريبي, المحويتي, على خلفية ما أسموه بالفساد المستشري في أروقة المعسكر منذ أشهر, إضافة الى عملية استقطاع وتوقيف رواتبهم وحقوقهم, وردد الجنود المحتجون شعارات مطالبة بإقالة ومحاكمة قائد المعسكر, والكاتب المالي.
وقال للصحيفة أحد الجنود: "كنا لا نردد هذه الشعارات والهتافات, المطالبة برحيل القوسي والمحويتي, عندما ندخل الأسواق العامة, على امتداد الطريق, بدءا من بوابة المعسكر ووصولا الى منطقة الحتارش, وهو المكان الذي توقفنا فيه بناء على طلب رئيس العمليات, العميد علي قرقر".
وأكد عدد من أصحاب المحلات التجارية في "منطقة الحتارش" مشاهدتهم لمئات الجنود, وهم يمشون على اقدامهم, وعليهم حراسة من جنود ربما قد يكونون جنودا قدامى يحملون أسلحتهم الشخصية, كانت مهمتهم تأمين الطريق وتنظيم التظاهرة.
وقال أحد أصحاب المحلات التجارية: "أحد الجنود خرج من الطابور الرئيسي لشراء علبة ماء فسالته عن سبب خروجه وزملائه الجنود فرد علي: نطالب برواتبنا وحقوقنا, نحن في طريقنا الى قيادة المعسكر.. سرقوا حقوقنا وإعاشتنا ومستحقاتنا, ويشتوا ننضبط, نواصل التدريب, والله لن نرجع الى التدريب إلا بحقوقنا كاملة, القيادة مشاركة في عملية الفساد الذي انتشر داخل المعسكر".
وأبلغ الصحيفة جندي أخر من الجنود المحتجين أن رئيس العمليات, العميد علي قرقر, عندما علم بخروجهم اتصل بهم, وطلب منهم التوقف في "الحتاريش" حيث لحقهم الى هناك وطلب منهم العودة, ووعدهم بحل مشكلاتهم.
وأفاد الجندي أن قرقر وعد الجنود بتحسين وضعهم وصرف رواتبهم, وإيقاف الكاتب المالي للمعسكر, وحل مشكلة الغذاء, وانعدام الماء.
وقال جندي ثالث: "اعترض طريقنا رئيس العمليات علي قرقر, وطلب منا التوقف عن مواصلة السير الى أمام القيادة في صنعاء, وقال لنا أنه سوف يبلغ القائد القوسي بكل مطالبنا, من بينها تغيير القائد المحويتي, والكاتب المالي".
وأضاف: "كان يقول قرقر: اتوقفوا من أجلي, أنا قد جيت لكم من صنعاء, أنا واثق أنكم لن تردوني خائب, انتم أبنائي وإخواني , وأنا أعدكم أنني سالبي مطالبكم, وسوف يتم صرف رواتبكم كل حقوقكم خلال الساعات القليلة القادمة".
وتابع الجندي: "قلنا لرئيس العمليات: نلبي طلبك يا فندم قرقر, مع أننا كنا نعتزم إيصال رسالتنا على اكمل وجه الى القيادة, قال لنا: القصد أنكم تحصلون على رواتبكم وحقوقكم, وخروجكم من المعسكر هو من أجل هذه المطالب, وبدوري سوف أبلغ القائد, وأعدكم بحل كل قضاياكم".
وقال الجندي: "عدنا الى المعسكر, ونحن في انتظار وعود العمليات علي قرقر, ما لم فسوف نعود ثانية, وسنغادر معسكر التدريب, وسنصل الى أمام القيادة في العاصمة, في حالة عدم تلبية مطالبنا".
وقال جندي رابع: "نعيش أوضاعا صعبة بسبب عدم توفر الإعاشة الكافية, إضافة الى نقص في الإمداد, وهو يستغلون مسافة البعد الذي يفصلنا عن العاصمة صنعاء, ويقولون أننا غير قادرون على الوصول لغرض المطالبة بحقوقنا, لقد تجاهلونا وصادروا حقوقنا".
وتابع: "يفترض بالقوسي, إذا كان جادا في عملية الإصلاح التي يدعيها, إقالة قائد المعسكر والكاتب المالي مع أني أعرف أنه لن يقدم على مثل هكذا خطوة أنه يعرف أن قائد المعسكر, والكاتب المالي, مدعومان من ضباط كبار داخل القيادة وخارجها, إضافة الى خوفه من ردة الفعل فيما لو قرر إقالتهم".
وقال جندي خامس: "رغم مساوئ القيادة السابقة؛ إلا إن القيادة الحالية للأمن المركزي هي أسوا, فالقوسي يدعي أنه يقف دائما مع الجندي, وإنه لن يقف ضده, وأنه مع حقوقه ومستحقاته؛ لكن للأسف تبين أن كل ما قاله مجرد شعارات ليس إلا".
و ذكر عدد من أهالي "بني حشيش" أن عددا من الجنود أبلغوهم, عند خروجهم من المعسكر, أنهم لن يعودوا. وقال أحد الأهالي إن عدد من الجنود قالوا له: "يا بني حشيش نحن خرجنا من المعسكر, ولن نعود إليه, وأنتم اطلعوا شلوا أراضيكم وجبالكم التي أخذها الأمن المركزي", مشيراً الى أن السلطة تمركزت في عدد من الجبال والمناطق في "بني حشيش" خلال الحرب التي شهدتها المنطقة, قبل سنوات, ضد جماعة الحوثي هنا.