في الصين أو في فنزويلا.. في نيوزيلاند أو في فنلندا.. عند الأسكيمو أو الزولو.. وعند العرب كما البربر والهنود الحمر.. لدى الأشوريين أو المايا كالأديان السماوية، الحكم هو آخر مراحل التقاضي والتحقيق هو أولها فبأي قانون أو شرع أو عُرف ومن أي جنس أو مصحة عقلية هذا القاضي الذي يحكم في جريمة السبعين على المتهمين ثم يأمر بالتحقيق في القضية. ما حدث بالأمس هو أكبر فضيحة في تاريخ القضاء منذ آدم وحتى اليوم وجريمة لا تقل فداحة عن تلك الجريمة التي ارتكبها الورافي من ستة عشر شهراً وهذا القاضي محفل جور وفجور. إذا كان المتهمون مدانون بالاشتراك في هذه الجريمة فبأي ملة أو نحلة أو أي قانون يجعل عقوبتهم على تلك الجريمة البشعة سجن عامين أو ثلاثة أو الاكتفاء بمدة الحبس الاحتياطي، وإذا كانوا أبرياء فعلى أي شيء استند هذا القاضي بالحكم عليهم عشر سنوات وسبع سنوات أو حتى شهراً بدون ذنب. هناك أكثر من ثمانين شهيداً تناثرت أجسادهم أشلاء وارتوى بدمائهم الزكية ميدان السبعين، لو كان هؤلاء أغناماً لاقتضى إهدار أرواحهم على هذا النحو عقوبة أكبر من الاكتفاء بالمدة أو سجن ثلاث سنين، وهناك عشرات الجرحى والمعاقين الذين حالت أشلاء زملائهم دون وصول الشظايا إلى قلوبهم ورؤوسهم، ووقفت أعضاء رفاقهم المتطايرة بينهم وبين الموت. أمهات ثكالى، وزوجات ترملت، وأطفال قرح اليتم أجفانهم، وآباء وإخوة وأخوات فطر الحزن قلوبهم، وهتكت الفجيعة أستارهن وفقدن العائل والسند، لأن مأفوناً قيل له إن الحور العين ينتظرنه في السبعين بين الدم المسفوح والجثث المتفحمة، ويأتي اليوم قاض أفاق ليقول بكل فجور إن عقوبة ذلك هي الاكتفاء بمدة الحبس الاحتياطي أو السجن سبع أو عشر سنوات، موصياً بالتحقيق مع قادة الأمن المركزي السابقين، في توظيف خسيس للقضية في الصراع السياسي والنكاية بالخصوم السياسيين لحزبه (الإسلامي). سيكون من السخف أن أقول لهذا القاضي ألا تتق الله!! ولكن ألم تخجل وأنت تنطق بهذا الحكم من نظرات زوجتك وأطفالك الذين رأيتهم يبكون على أولئك الشباب الأبرياء الذين قتلوا غيلة وغدراً وبكل بشاعة.. ألم يبكوا حينها؟؟ ألن يقابلوك بنظرات الاحتقار حين تعود إليهم من المحكمة؟ يا رجال القانون من قضاة ومحامين.. هذا الحكم يلوث مهنتكم المقدسة.. أليس مخجلاً ومعيباً وعاراً أن تكون السوابق القضائية في بلدان العالم لآلئ في تاج العدالة وسابقة القضاء اليمني الحكم ثم التحقيق والمجزرة التي تودي ب86 شهيداً جريمة غير جسيمة، والاشتراك في الجريمة يبعض العقوبة ويخففها، أو المتهم الذي تثبت براءته يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات ولا تقل عن سنتين، ويجوز للقاضي الاكتفاء بمدة الحبس. لن تربح المتاجرة بدماء أولئك الشهداء ولُعِن بلد تضيع فيه دماؤهم هدراً.