المستقلون في اليمن، مساكين لا ظهر لديهم ولا بلاد. المستقلون يشبهون - تماما- حَمَام الجبل. لا راعي لهم ولا صاحب، وكل المؤطرين يتسابقون لاصطيادهم. وما أسهل صيد المستقلين في بلد تركت مواطنيها للمبندقين وللفرغ. وبعد أن تحاصصوا وتقاسموا البلاد والعباد والوزارات والقنصليات والمساجد أيضا، أين يذهب المستقلون؟ إما أن يبحثوا لهم عن أحزاب، أو يلتحقوا بجماعات، أو يبقوا هكذا مجرد أوادم "مقعِّيين" لكأنهم كائنات بدون. حتى قنوات التلفزة اليمنية - على فكرة - حينما تسمع المذيع فيها أو المذيعة ينطقون عبارة: الأعزاء المشاهدين، فهم يتحدثون إلى المستقلين طبعا، باعتبارهم جمهور الفرجة الوفير، ومش قالوا المتفرج لبيب. الغريب أننا إلى الآن لم نجد حتى رجل أعمال واحدا، أو جمعية خيرية واحدة، تتعاطف مع المستقلين وتبني لهم - على الأقل- حتى مسجدا واحدا ليقيموا فيه صلاتهم لله وحده، مش لفلان وعلان، تماما كما هو حاصل الآن في هذا البلد الخُرج. في حارتنا التقيت بواحد من الآباء الغلابى، ووجدته مطنناً وحالته حاله. سألته: مالك يا عم عبدالله، خير؟ - رد سريعا: عيال الحارة كلهم اخترجوا إلا ابني.. لا درس، ولا قدرنا نوظفه.. كم شيكون جهدي. - ابنك من أفضل الشباب والله.. شجعه يمارس الرياضة أكثر. - رياضة موه أنت الثاني.. أقلك اشتيه يخترج ويقع رجال.. أبصر عيال الحارة كلهم اخترجوا، وكل واحد أبصر له طريق.. واحد فتح الله عليه وراح مع الحوثي، وواحد لحق له بالسلفيين، والمؤتمر ما منوش، ومكَّن الناس كذب في كذب.. وابني مفلتهن كلهن وجالس يلعب" طبه".. هيا مو شتعمل له الطبه هذه ؟! عندما تغيب الدولة عموما، يحدث مثل هذا السأم وأكثر. ذلك لأن طاقات الناس تتحرك عبثا وبلا حامل كبير.. بلا مشروع وطني كبير يسخر تلك الطاقات لبناء بلد متماسك وقوي، مش لبناء كيانات قوية من شأنها مع الوقت أن تنخر أبو هذه البلاد تماما كما هو حاصل الآن. الحزبية مش عيب.. ولا هي خطأ. طريقة ممارستنا للحزبية هي الخطأ. الانتماء للجماعات الدينية هو الآخر مش عيب، ولا هو خطأ.. الخصومة والتعبئة الخاطئة هي الفعل الكارثي. وحينما يصبح الله سبحانه وتعالى محل خصومة واقتتال، وحينما يصبح الوطن محل تنازع ومكائد واقتتال، يتحول البشر تلقائيا إلى وحوش ضارية، كل واحد ينهش الآخر ليعيش. [email protected]