على مر التاريخ لا يجد "الفهلوية " مجالا للتنطع وللصعود إلا حينما تكون السلطة تجمعا للفرغ بني الفرغ . عشان كذا قالوا في المثل "الفاضي يعمل فيها قاضي ". معلوم أن غالبية مشاكلنا الداخلية هي بسبب " الفرغة " . وكل سلطة تصل إلى الحكم في اليمن ، تتفرعن وتقضي كثيرا من وقتها في قصقصة أجنحة السلطة السابقة وتعطيل حياتهم وجعلهم – مع الوقت – مجرد كائنات في قائمة " خليك في البيت " . طاقات اليمنيين مهملة للغاية ، والفرغ بني الفرغ في العادة هم اللي يوصلوا ويشتغلوا ، لأن هذه العينات من البشر ، هم في تركيبتهم النفسية أناس وضيعين ، ويفتقرون إلى المهارات وأكثر من ذلك يفتقرون إلى الاعتزاز بالنفس . نحن – في الغالب- لم نعد شعبا منتجا لأن الذين حكموا اليمن سنين طوال هم في الأساس شوية فرغ . لا أراض زراعية انشغلوا بها ، ولا عقارات أو تجارة خاصة كانت – قبل وصولهم إلى السلطة - تمدهم بالطاقة، حتى ليصلوا إلى الحكم وهم أشخاص منتجون . كل الذين تعاقبوا على حكم هذه البلد – إلا من رحم ربي – هم في الأساس شوية عسكر، على شوية قطاع طرق ، على شوية نهابة ، أصبحوا في لحظة حكاما لبلد زاخر بالخيرات ، لكن زيما يقولوا في المثل " ما ألّف الرباح أكل التفاح". كان اليمني يزرع ويحصد ويشيد السدود ويشق المدرجات ، والأرض دائما طيبة لمن يستثمرها ويبنيها صح . نسينا مجدنا الشخصي كشعب، وأنجرينا وراء أمجاد "شخوص" وأفراد ، أصبحوا فيما بعد هم الوطن ، وهم الناس، ونحن مجرد وفرة من الخائبين، يسمونا مجازاً " شعب " ! والنتيجة أننا أصبحنا شعب يتطاحن بينه البين .. شعب موبوء بالكراهية وبالأحقاد ..شعب كل واحد فينا لم يعد يحلم بشيء غير أن يذهب الرزق من فلان ، وأن ينتقم الله من فلان .. وأن يتعين صاحبنا فلان في الموقع الفلاني عشان نشحت منه ذات عسرة . ومن سوء حظ اليمنيين أن حياة " العُسرة " هذه أصبحت ملازمة لنا كأنها الحبل السري . الفرغة تعب .. وحالنا المعصود هذا هو بسبب أننا نعيش الحياة بلا شهية للإنتاج . نعيش الحياة بنفسية الشاقي ، ونفسية الشحات ، ونفسية الفهلوي اللي يشتي يوصل ولو على حساب كل شيء .. ووسط هذا الزحام اللئيم ضيّعنا إنسان اليمن الفاعل والمنتج ورفعنا النهابة والفرغ والفهلوية مكانا عليا ! وقلك ليش اليمن دائما في ذيل القائمة . [email protected]