صرَّح مصدر عسكري مسئول أن عناصر القاعدة تفر من جبهات الحرب في أبينوشبوة إلى محافظة تعز! هذا الخبر وبهذه الصيغة قرأته قبل يومين في أكثر من رسالة إخبارية عبر التلفون، وفي أكثر من موقع إخباري وصحيفة سيارة.. هكذا وبدون زيادة ولا نقصان. وكان أول ما تبادر لذهني وأنا أقرأ هذا الخبر الخنفشاري، هو أنني تمنيت أن أعرف من هو المصدر العسكري الذي قال- لا فض فوه- إن عناصر القاعدة تفر من جبهات القتال في شبوةوأبين باتجاه محافظة تعز! لا لشيء إلا لأقول له: عليك لعنتي يا مصدر عسكري مسطول. طيب يا أحمر العين، كيف سمحت يا مصدر عسكري للعناصر الإرهابية أن تفر من جبهات القتال في أبينوشبوة أولاً؟ ثم كيف سمحت لها يا مصدر عسكري مشتول ثانياً أن تقطع هذه العناصر المسلحة والإرهابية سبع محافظات بكاملها طولاً وعرضاً، هي شبوةوأبين ومأرب وصنعاء والبيضاء وذمار وإب وصولاً إلى محافظة تعز؟ طيب، كان تمسك عليها بالطريق، أو تشفق عليها وتقول لها خلاص يكفي سفر يا عناصر إرهابية، تعب عليكم ادخلوا تكننوا لكم بمأرب وإلا بالبيضاء مثلاً مثلاً.. أو حتى فروا أو اهربوا لكم إلى بعض جبال المراقشة أو غيرها.. ثم لماذا لا تهربوا يا عناصر إرهابية مسلحة من شبوةوأبين شرقاً باتجاه حضرموت والمهرة مثلاً، أليست أقرب إلى أبينوشبوة بدلاً من سفريات سمك السلمون هذه وقطع محيطات العالم على مرأى ومسمع من الجميع وصولاً إلى تعز عن طريق القاعدة، أقصد مدينة القاعدة الحبوبة.. طيب، قل لنا يا مصدر عسكري فين في تعز (بأة) أقصد أين باتستقر القاعدة بعد فرار عناصرها من شبوةوأبين إلى تعز؟ هل تقصد يا مصدر مسئول تعزالمدينة مثلاً، وإلا تعز الراهدة أو شرعب أو الحجرية أو الأحكوم أو جبل حبشي، ماوية- القبيطة، المقاطرة، فين قلنا أمانة، والَّا قصدك إقليم الجند بكله، هاه فهمتك يا جني. يبقى أن أقول: عيب، والله عيب، أن تتناول وسائل الإعلام المحترمة أخباراً فقاعية من هذا النوع وبدون تمحيص عن مصدرها وأهدافها التي لن يكون لها من معنى أو هدف سوى أحد أمرين: إما أن الدولة من رئيسها إلى خفيرها هي من ترعى هذا الفرار المنظم لعناصر القاعدة من شبوةوأبين ولها غرض محدد في وصول القاعدة إلى تعز، وهذا- إن صح- خطير ويجعل السلطة بكاملها محل المساءلة، باعتبارها سلطة خائنة بكل ما تعنيه الكلمة، إذ كيف تسمح لتنظيم إرهابي الفرار من جبهات الحرب إلى محافظة أخرى هي تحت سيطرتها بالكامل، بل وكيف تسمح لها أن تمر في هذا الفرار المنظم من سبع محافظات كلها تحت سيطرة السلطة وجيشها وأمنها وناسها كلهم! والأهم كيف تسمح لها أن تخرج سالمة من جبهات الحرب إلى تعز وهي تعلم أنها لن تذهب إلى تعز للنزهة أو لزيارة قلعة القاهرة وقبر الولي الصالح أحمد بن علوان في جبل حبشي، بل ستذهب لقتال الدولة والمجتمع عبر عملياتها الانتحارية واغتيالاتها المنظمة لضباط وجنود الجيش والأمن وللمواطنين العاديين! وإما وأن الخبر بكله كاذب 100 %- وهذا هو الأقرب- وأن طرفاً غير مسئول في السلطة أو خارجها هو من سرب ويسرب مثل هذا النوع من الخبيرات، وهدفها هو تخوف اليمنيين، دولة ومجتمعاً وجيشاً وأمناً، من تغوُّل قوة القاعدة السوبرمانية التي تستطيع أن تخترق محافظات سبع وهي في حالة حرب مع الدولة ولا أحد يعترضها، وأن مهمة المصدر العسكري المسطول هي فقط رصد خط سير عناصر القاعدة الفارين من أبينوشبوة وصولاً إلى تعز. واضح أن الطابور الخامس الواقف ضد الحرب على الإرهاب هو وراء مثل هذه التسريبات الإخبارية، وهدفه إيقاف الحرب لتجنب خطر أكبر من القاعدة، أي مهادنتها بدلاً من حربها أو بالأصح تركها لشن الحرب ضد الجيش والأمن وبقية اليمنيين بدون رد عدوانها. غير أن من يتلقى مثل هذه التسريبات الإجرامية دون تمحيص أو سؤال عن مصادرها والتأكد من مدى منطقيتها وصحتها وما هي أهدافها يجب أن يسأل نفسه وأن يُساءل أيضاً من قبل الرأي العام ومن قبل القانون أيضاً، باعتباره من المخلين بالمهنية والمسيئين إلى الصحافة والجيش معاً، وبالتالي من الداعمين للإرهاب.