يطلُّ علينا الشهر الكريم كما تطلُّ وردةٌ في أرضٍ يباب، ليصقُل نفوسنا ويهذِّب أرواحنا، ويوحِّدنا تحت كلمة الله الواحدة، التي كانت هي البدء، فالمحبة هي فاتحة كلِّ عمل يصعد إلى الله. العالم يتابع المونديال، ونحن نتابع حروب الحوثيين والإصلاحيين.. العالم يحصي أهداف المونديال، ونحن نحصي عدد القتلى والجرحى.. العالم يبني ونحن ننسف البيوت والمساجد.. يتحدثون بلغة الإنسانية، ونحن ما زلنا نتقاتل على صلاة التراويح.. يدعون إلى الحياة، ونحن نسوِّق للموت ونُساق إليه.. يشعلون فوانيس رمضان ابتهاجاً بالشهر الكريم، ونحن نستقبله في ظلام دامس، كأننا نلعب معه لعبة الغمِّيضة!! بالأمس فطرنا في الظلام، واستبدلنا دعاء الفطور باللعنات على وزارة الكهرباء، هذه الوزارة الفاشلة التي لا تعلم أنها تحصد من اللعنات أكثر مما تحصد من أموال، وأكثر من الفواتير التي تقوم بتوزيعها وتهدد بفصل التيار في حال عدم التسديد.. أي سخافة هذه!! في آخر يوم من شعبان تم نسف مسجد في تصفيات مونديال الحوثيين والإصلاحيين، وكأنهم أحرزوا نصراً كبيراً، أو كأن رمضان يستحق أن نستقبله بكل هذه العداوات والكراهية، ولا بد أن رمضان لن يستطيع أن يوقف هذه الأحقاد ويوقف كل هذه الدماء التي تسيل دون أي هدف سوى إشباع نزعات الاستعلاء والاستيلاء وفرض الهيمنة، ومحاولة التأكيد على أحقِّية شيء لم يعد التعامل به صالحاً في هذا العصر، وأصبح منتهياً كنقود أهل الكهف. انتهى زمن الغزوات، وزمن الغنائم، ولكنه ما زال ساري المفعول بين الفِرق التي تدعي كلٌّ منها أنها الأحقُّ بالله، وأنها هي التي ترفع كلمة الله وتحمي دينه ومقدساته، ورغم كل ذلك لا تتورع أي فرقة في نسف بيت من بيوت الله وبيوت عباد الله!!