هزم جيش الإمام علي بن أبي طالب الخوارج، بعد معارك متتالية، وقدر واحد من رجال الإمام أن تلك نهايتهم، فقال للإمام: إنهم قد هلكوا عن آخرهم.. فقال له: لم يهلكوا، إنهم نطف في قرارات الأرحام من النساء، والأصلاب من الرجال إلى أن تقوم الساعة، كلما طلع منهم نجم قطع، حتى يكون آخرهم لصوصا سلابين! وقد صدقت نبوة الإمام علي، فعبر التاريخ لم يخل عصر أو مصر من الخوارج.. وتنظيم القاعدة الإرهابي، وما تناسل منه من الجماعات السلفية الجهادية والتكفيرية، هم خوارج هذا العصر.. من بوكو حرام في نيجيريا، والشباب المجاهدين في الصومال، إلى السلفية الجهادية في شمال أفريقيا، إلى طالبان والقاعدة في أفغانستان وباكستان، إلى جبهة النصرة وداعش في سوريا، إلى داعش الخلافة الإسلامية في العراق، إلى قاعدة جزيرة الجزيرة، إلى الإخوان المسلمين في أي بلد.. كل هذه الهيئات والمسميات رايتها واحدة، راية الخوارج، وفقهها فقه الخوارج.. وهي خوارج هذا العصر. قتلة ومكفرون، وصوامون، وقوامون، وفيهم حفظة للقرآن والسنة، ولصوص وسلابون، ومدمنو مخدرات، ومستحلو فروج محصنة.. قال طليعتهم للنبي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: إنك لم تعدل.. وقالوا للإمام علي: لأن أشركت ليحبطن الله عملك، وقد أشركت بقبول التحطيم، وفي الأخير قتلوه، وقتلوا آلاف المسلمين.. كانوا يقتلون المسلمين زاعمين أنهم يتقربون بهم إلى الله، وكان المسلم يدعي أمامهم أنه مشرك، لكي يستنقذ نفسه منهم، فيقولون له ما دمت مشركا فأنت في ذمتنا، وفي أمان الله، لأن القرآن يأمرنا أن نجير المشركين ونبلغهم مأمنهم.. قتلوا خبابا، وراحوا يستفتون هل قتل البعوض في الكعبة حلال أم حرام.. قتل الناس، وقتل الإمام علي قربة إلى الله، وإنزال أحكام الكفار على المسلمين من شريعة الله.. واليوم أحفادهم- خوارج العصر- يقتلون المواطنين والجنود المسلمين في بلادهم، ويسمون ذلك جهادا للصليبيين واليهود، يسرقون البنوك، ويغدرون بالآمنين، ويتعاطون المخدرات، ولم يبق محرم مما حرمه الله إلا استباحوه، ومع ذلك يعتبرون أنفسهم حملة راية الشريعة، وأئمة القرآن، وبناة دولة الخلافة.. إذا بصرهم رجال الفقه العظام الذين يعرفون ما قال الله وما قال رسوله، قالوا هؤلاء فقهاء سلاطين وفقهاء فرح وأعياد، إن أمكننا الله منهم ذبحناهم، لأنهم يتكلمون عن تقوى الله، وعن السلام والتسامح والخير والمحبة والأخوة، ونحن في جهاد وليس في فرح وأعياد، وكلام مليح.. والفقيه المؤتمن عندهم من قال لهم اقتلوا.. فجروا.. انتحروا!