وصل الناس إلى حالة من السأم ما جعل من "الله يلعنك بلاد" مفردة ذائعة الصيت . لا أحد يعمل على تكسير "الدولة" وتعجيل زوالها مثلما يفعل يمنيو العصر الحديث بدولتهم " الهشة" أساسا. تجلس في المقيل تسمع الكل يشتموا الدولة و"ينشموا" شخوص أو جماعات بعينها. في الشارع تمشي بسيارتك من فوق مطب استحدثه على قارعة الطريق صاحب بسطة بطاط؛ تسيب البطاط والمطب، و تصيح: " الله يلعن أمك بلاد" . شتيمة البلاد واليمن أصبحت عادة يومية، دون أن يتساءل أحدنا إذا ما كان بوسعه الحصول على بلاد أخرى من أطرف سوبر ماركت يصادفه في الطريق مثلا. واللي يفطر القلب أكثر أن كل الأصوات في حياتنا اليومية مرتفعة إلا صوت "الدولة"خجول وكسير وغير ذي بال. تسمع واحد يقول لك بالفم المليان: "أنا حوثي"، وتسمع فم مليان آخر يقول لك وهو داغز ريش: "أنا إصلاحي"، وثالث يصرخ: " كلنا مؤتمر"، ورابع يعلنها بكل جرأة: "أنا قاعدة". وإذا جيت تدقها شهامة وتقول: " أنا الدولة"، أو أنا من رعايا الدولة ؛ تصبح مادة جيدة للهزء وللاستخفاف. من عام 2011 والدولة، بجيشها ومؤسساتها وهيئاتها الاعتبارية، تتكسر بدأب، مقابل استقواء البنادق والجماعات، حتى أصبحت المباهاة بالدولة الآن تشبه المباهاة بمنتخب كمبوديا العثير. على أن هناك من يشجع هذا الدمار المؤسسي لصالح رفعة الكيانات الصغيرة، حزبية كانت أو دينية. مافيش في العالم بلاد تتعرض للإهانة من أهلها وناساها مثلما تتعرض اليمن، بتاريخها وإرثها وبكيانها الاعتباري كدولة، لم تعد تعني أحداً.. للأسف.