حينما استلم وزير الكهرباء الحالي عبدالله محسن الأكوع مهام منصبه خلفاً لسلفه سيئ الصيت صالح سميع.. كان أول ما تعهد به علناً في تصريحاته لمختلف وسائل الإعلام أنه لن يسعى فحسب للتقليل من حجم وزمن الاطفاءات الطويلة والمتكررة للكهرباء بقدر ما سيسعى لتحقيق فائض فعلي ومؤكد من احتياجات الطاقة. وبالطبع لم أكن أنا من بين حشود المصفقين والمهللين لهذا النبأ الجلل، والذين كانوا جلهم مطاوعة بالتأكيد.. انطلاقا من قناعتي الراسخة ربما بأن الكلام ذاته كان صادراً في الأساس عن (إخوانجي مشحوط) يفتقر ككل أقرانه المطاوعة لميزات الصدق والوفاء والأمانة القيمية والأخلاقية.. فالشر.. يبقى شراً أينما وكيفما كان.. والإخوانجي يبقى إخوانجياً كذلك.. وإذا كان الشيطان بارعاً كما يوصف عادة في تغيير شكله وهيئته وطرائق عمله.. إلا أن أفعاله ونواياه السيئة تظل هي لا تتغير.. وكذلك هي أفعال المطاوعة.. المهم أن فائض الأكوع وإن كان قد تحقق فعلياً فبالمقلوب حيث تخطى فائض الظلمة الناجمة عن الاطفاءات المنتظمة في عهده بمعدل مرة وثلث عما كان عليه الحال في عهد سميع.. وهذا يعد بحد ذاته إنجازاً.. خصوصاً إذا ما تم احتسابه ضمن فضائل التحول الثوري المحمود والسائر حثيثاً صوب الظفر والمقاس من منظور بنعمر ووفق تقييماته المضمنة على الدوام في تقاريره المتوالية والشبيهة إلى حد ما بفتاوى الزنداني.. فالسلعة الوحيدة التي يمكن للإخوان تحقيق فائض فعليٍ فيها -وهو ما نجحوا فيه بالفعل- تكمن في قدرتهم الفائقة على الكذب بما يشمله من تضليل ومكر وخداع ومكايدة.. وما عدا ذلك فمتروك للظروف.. وللظروف فقط. لقد وعدونا بتغيير طرق العمل الحكومي لتصبح أكثر عصرية ونزاهة والتزاماً وشفافية عما كانت عليه الحال في عهد صالح.. لكنهم لم يقدموا لنا سوى الزيف والبطش واللصوصية والتضليل والعمالة والنفاق والجرع الاقتصادية والتسفيه العلني والممنهج لكل صوت منتقد ومعارض وإخراسه بالسبل المتاحة إما عبر القتل والاغتيال كما حدث للدكتور الشهيد النائب عبد الكريم جدبان وغيره ممن قرروا مجابهتهم علانية.. أو بالطريقة التي طالت مكاتب قناة "اليمن اليوم" التي لا تزال مكممة حتى اللحظة. في النهاية يمكن اعتبار تصريح الوزير الأكوع بأنه ألطف كذبة إخوانجية طرأت على مسامعنا خلال الأعوام الثلاثة الفائتة على الأقل من هيمنتهم السلطوية.. وذلك إذا ما قورنت بكذبة الثورة ذاتها.. أو كذبة الحوار.. أو كذبة الجرعة أو كذبة الحداثة.. لكن السؤال الملح الذي يبقى عالقاً في أذهاننا يتمحور بشكل رئيسي حول إلى متى سيظل هؤلاء الناس (المطاوعة) على حالهم دون تغيير.. تبدلت أشياء كثيرة في العالم من حولنا فتعايش هندوس الهند مع مسلميها بسلام، وبات لإسرائيل سفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية المعلنة منها والخفية في الكثير من العواصم العربية، مثلما تحولت المكارثية إلى وصمة عار في التاريخ السياسي والوطني الأميركي، وتحولت الزعيمة الشيوعية البولونية الأصل الألمانية الجنسية الشهيدة روزا لوكسمبرغ إلى أحد رموز الحركة الوطنية الألمانية المحتفى بذكراها في التاريخ الوطني الألماني والأوروبي بصفة عامة.. والشيء الوحيد الذي لم يتغير في حياتنا هم المطاوعة قاتلهم الله.. رئيس قطاع الحقوق والحريات في الإتحاد الوطني للفئات المهمشة الرئيس التنفيذي لحركة الدفاع عن الأحرار السود في اليمن