بلغت الأزمة في العاصمة صنعاء، أمس، ذروتها مع انسداد تام في اتجاه الحل. حيث رفض رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي مبادرة تقدم بها مشايخ ووجهاء لحل الأزمة، مهدداً بالاستقالة إذا لزم الأمر، فيما واصل الحوثيون تعزيز مخيماتهم في محيط العاصمة بمئات المسلحين، ووصول دفعة مقاتلين جديدة من كتائب الحسين إلى العاصمة. المبادرة التي أطلق عليها رئيس المجلس السياسي لجماعة الحوثي، صالح هبرة، ب"الفرصة الأخيرة" قدمها للرئيس، أمس، عدد من المشايخ والوجهاء يتقدمهم الشيخ علي بن علي القيسي محافظ حجة، والشيخ محمد بن ناجي الغادر. وقال ل"اليمن اليوم" مصدر قبلي حضر اللقاء، إن المبادرة وضعت حلاً للجرعة بتخفيض 1000 ريال بحيث يكون سعر الدبة البترول سعة 20 لتر (3000 ريال) والديزل (2900 ريال). واقترحت المبادرة تشكيل حكومة كفاءات من المستقلين تخلو تماماً من أي وزير سابق بمن فيهم وزراء حكومة الوفاق، بما في ذلك منصب رئيس الوزراء، حيث يشترط في هذا الأخير ألاّ يكون قد تولى منصب وزير أو نائب رئيس وزراء، وأن تتكون حكومة الوحدة الوطنية جميعها من وجوه جديدة ولا مجال فيها ل"المحاربين القدامى". وعن الوزارات السيادية تضمنت المبادرة شرط "التشاور بشأنها" مع جماعة الحوثي. وأشار المصدر إلى أن هذا الشرط يتم الالتزام به في حال كانت هناك علامات استفهام حول انتماءات الشخص المقترح لتوليه المنصب. وأوضح المصدر أن هذه هي أهم ما تضمنته المبادرة والبقية هي نفسها التي وردت في مبادرة اللجنة الرئاسية الموفدة إلى صعدة، وبما يحقق الشراكة السياسية. وقال المصدر القبلي في سياق تصريحه ل"اليمن اليوم" إن رئيس الجمهورية رفض المبادرة، واعتبرها "مبادرة من قبل الحوثي" وهدد بالاستقالة. وأضاف المصدر: الرئيس قال صراحة: "إذا باتضغطوا عليّ القبول بشروط الحوثي فإني سوف أقدم استقالتي". ولفت المصدر إلى أن هناك جهوداً استمرت في المساء ودفعت بالمبادرة مرة أخرى عبر قيادات سياسية وقبلية، ولكن لا جديد في موقف الرئيس حتى اللحظة (منتصف الليل). من جهته قال رئيس المجلس السياسي لجماعة الحوثي في تصريح نقله موقع جماعته (أنصار الله) إن التعالي والغرور الذي تنظر به السلطة إلى الشعب، وعدم اكتراثها بمعاناته بلغ بها "حد الصمم عن سماع صوت الشعب".. ناصحاً الرئيس أن يلتقط الفرصة الأخيرة ويستجيب لمطالب الشعب. وأضاف هبرة: "إن من كانوا يتهمون علي صالح –رئيس الجمهورية السابق- بتمسكه برئاسة البلد، يتمسكون اليوم برئاسة حكومة أجمع العالم على فسادها". وفي سياق تفاعلات الأزمة، التقى الرئيس هادي، أمس، أيضاً، عدداً من المشايخ المنتمين سياسياً إلى حزب الإصلاح يتقدمهم صادق الأحمر. وبحسب ما نقلته وسائل إعلام الإصلاح فإن الرئيس اتهم إيران بالوقوف وراء الحوثيين. ميدانياً، بدأت قوات من الجيش ومكافحة الشغب الانتشار المكثف في محيط ساحات الاعتصام داخل أحياء العاصمة، بالتزامن مع بدء العد العكسي للحظات الأخيرة لبدء مرحلة الحسم التي من المقرر أن تنطلق فجر الاثنين، وسبق وأن وصفها زعيم الجماعة ب(الأشد إزعاجاً) . وقالت مصادر أمنية عليا ل(اليمن اليوم) إن أجهزة المخابرات أبلغت، أمس، الرئيس هادي بصورة مستعجلة عن تحرك كتائب الحوثي من منطقة الجبل الأسود في حرف سفيان إلى صنعاء وبدت أجواء صنعاء، أمس، مشحونة مع ترقب لتطورات الساعات القادمة. وفي مناطق الصافية، الحصبة، ساحة الجامعة، الجراف، حيث يرابط أنصار الحوثي في ساحات اعتصام نصبوها قبل عدة أسابيع، ساد التوتر مع وصول قوات أمنية وعسكرية كبيرة لا تزال مرابطة حتى لحظة كتابة الخبر بالقرب من خيام الاعتصام. وقالت وكالة (اليمن الإخبارية) التابعة لجماعة الحوثي، إن متظاهرين سلميين تصدوا لمصفحات ومدرعات مكافحة الشغب ومنعوا تقدمها باتجاه الخيام، مشيرة إلى أن ثمة مخاوف من تفجر الوضع. وفي الضواحي الجنوبية والغربية، ذكرت مصادر أمنية أن قوات الجيش نشرت تعزيزات واستحدثت نقاطاً عسكرية بالقرب من مخيمات اعتصام مسلحة تابعة للحوثي في تلك المناطق. وأوقف أنصار الحوثي، أمس، فعالياتهم اليومية من مرحلة التصعيد الثالثة والتي بدأوها مطلع الأسبوع وتضمنت قطعاً لشوارع العاصمة بمعدل 4 ساعات يوميا، استعداداً لتدشين مرحلة الحسم الأخيرة والتي ستتضمن - وفقا لخطيب جمعة الحوثيين في شارع المطار- فرض عصيان مدني في كافة مؤسسات الدولة. لكن تحركات أنصار الجماعة، خصوصا الجناح المسلح، لم تتوقف، أمس، بالرغم من الانتشار الأمني والعسكري المكثف في شوارع العاصمة . وذكرت مصادر أمنية ل(اليمن اليوم) إن مسلحين يستقلون سيارات شاص جالوا في عدد من الشوارع وأبلغوا مالكي محطات بيع الوقود في العاصمة إغلاق أبوابها ابتداء من ساعات فجر اليوم، الأولى.